بعد أن ظلّتْ تساؤلات المستهلكين المغاربة حوْل سبب عدم انخفاض أسعار المحروقات في السوق المحلية إلى مستوى مناسب لسعرها في السوق الدولية؛ حيثُ ظلّتْ لمدّة تحت سقف أربعين دولارا، عالقة، باتت المخاوف تتزايد من أنْ يؤدّي اتفاق أعضاء منظمة "أوبك" خفْض الإنتاج إلى ارتفاع الأسعار، في ظلّ اعتماد نظام المقايسة. وكانت منظمة البلدان المصدّرة للنفط، المعروفة ب"أوبك"، أعلنت، يوم الأربعاء الماضي في اجتماع بالجزائر، بشكل فاجأ المستثمرين في مجال المحروقات، خفْض إنتاجها من النفط الخام، لأوّل مرة منذ سنة 2008، من 33.24 مليون برميل في اليوم إلى 32.5 مليون برميل. ومباشرة عقبَ إعلان القرار، ارتفعت أسعار النفط لتُلامسَ 48 دولارا. هذا الارتفاع يطرحُ سؤالَ حجم التأثير الذي سيخلّفه على المستهلك المغربي، بعدما عمدت الحكومة إلى اعتماد نظام المقايسة في إطار إصلاح صندوق المقاصة، ودخل حيّز التنفيذ الفعلي يوم 16 شتنبر 2016، ويهمّ البنزين الممتاز، والغازوال، والفيول الصناعي، وسطَ تطمينات حكوميّة بأنَّه "سيكون هنالك أفُق لا يمكن أن نتعداه مهما بلغت أسعار المحروقات في السوق الدولية"، كما قال نجيب بوليف، الوزير المنتدب المكلف بالحكامة، وقتذاك. وفي حين تسود مخاوف وسط المستهلكين المغاربة من أنْ ترتفع أسعار المحروقات في السوق المحلية إلى مستويات قياسية، بعد خفض "أوبك" مستوى الإنتاج، قالَ بوعزة الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق المستهلك، إنّ السؤال الذي ينبغي طرحه أوّلا هو لماذا لم ينعكس الانخفاض الكبير لأسعار النفط في السوق الدولية طيلة السنوات الثلاث الماضية على الأسعار في السوق المحلية. وفسّر الخراطي، في تصريح لهسبريس، سببَ عدم انخفاض أسعار المحروقات بما يواكب سعرها المنخفض في السوق الدولية، ب"بوجود توافق بين الموزّعين على حساب المستهلك"؛ ويُلاحظُ، من خلال جولة في مختلف محطات بيع الوقود وجود تقاربٍ كبير في أسعار البيع، وهو ما يطرحُ سؤالَ احتمال وجود "تواطؤ" بين الموزعين يجعل الأسعار في مستوى معيّن. لكنّ عادل الزيادي، رئيس تجمّع النفطيين المغاربة، نفى ذلك، وقال، في تصريح سابق لهسبريس، إنَّ أسعار المحروقات كانت ستصل إلى 16 درهما للتر بعدما رفعت الحكومة يدَها عن دعمها، مضيفا أنَّ ثمّة عاملا أساسيا يجعل الأسعار لا تنخفض في السوق المحلية يتعلّق بالرسوم الجمركية الثابتة (Fixe)، التي لا تتغيّر، ولو نزلَ سعر النفط الخام إلى 10 دولارات، على حدّ تعبيره. هذا التبرير، اعتبره العربي المهين، أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، غيرَ مُقنع، محمّلا المسؤولية للحكومة بقوله: "من حُسن الحظ أن المحروقات عرفت انخفاضا كبيرا غداة تطبيق نظام المقايسة، وهو ما كان يجب أن ينعكس إيجابا على المستهلكين، لكنَّ الذي حصل هو العكس؛ إذ إنّ المغرب بقي الأغلى في أسعار المحروقات". وأردفَ المهين أنَّ وضعية أسعار المحروقات في السوق المغربية بعد شروع الحكومة في تطبيق صندوق المقايسة، كشفتْ عن "تناقضات بين التصريحات الحكومية وبين النتائج"، مضيفا: "انخفاض أسعار النفط الخام في السوق الدولية كان في صالح المستهلك المغربي، لكنَّ الحكومة أزالت ما خوّله له السوق، وكأنّ الحكومة تعمل ضدّ المواطنين وليس لما فيه مصلحتهم". وإذا كانَ المستهلكون يتوجّسون من احتمال مواصلة أسعار النفط ارتفاعها في السوق الدولية، بعد تخفيض منظمة "أوبك" لإنتاجها، وهو ما سينعكس على الأسعار في السوق المغربية، أورد المهين أنَّ هناك عنصرا آخر قد يُفاقم الأسعار يتعلّق بتحرير سعر صرف الدرهم المغربي، وقال في هذا السياق: "بعد تحرير سعر صَرف العملة الوطنية قد تكون هناك تداعيات أخرى".