وصف محمد حفيظ، أستاذ اللسانيات بجامعة السلطان مولاي سليمان بمدينة بني ملال، الحملة الانتخابية لاستحقاقات السابع من أكتوبر ب"الباردة"؛ بالنظر إلى ما كان متوقعا، مضيفا أن "الكل كان يقول إنها ستكون حملة ساخنة بالعودة إلى السجال السياسي، إلى درجة حديث الخطاب الملكي عن "قيامة"، وكذا بالنظر إلى ما كان يجري بين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة من صراع". وقال حفيظ، في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام مساء اليوم الجمعة، حول الاستحقاقات الانتخابية، إن "برود الحملة الانتخابية الحالية يعود بالأساس إلى خطاب الملك محمد السادس في عيد العرش، وكذا بلاغ الديوان الملكي"، مضيفا أن "خطاب العدالة والتنمية كان أقل مما كان متوقعا، إذ لاحظت وسائل الإعلام عدم استعمال أمينه العام كلمة التحكم"، حسب تعبيره. وتابع المحلل السياسي ذاته التأكيد أن وسائل التواصل الاجتماعي عرفت نقاشا وسجالا سياسيا، منبها إلى أن "المستفيد من هذه الوسائط هي فدرالية اليسار"، ومشيرا إلى "اهتمام المواطنين بما يجري في هذه الوسائط، رغم أن الأحزاب حرصت على التجمعات الخطابية". وقال محمد حفيظ إن "التسييس الذي تعرفه الانتخابات الحالية يعود أساسا إلى حركة عشرين فبراير؛ التي كان المغاربة قبل بروزها بعيدين عن السياسة، في حين أنها رفعت مطالب سياسية"، على حد قوله. وتساءل المحلل السياسي ذاته عن مدى التدخل في الانتخابات، مشددا على أن "المغاربة لا بد أن يستغربوا حينما يسمعون رئيس الحكومة يشكو من تدخل جهات معينة في الانتخابات، وكذا عندما يقرؤون "تدوينة" وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، في "فيسبوك"، التي كان يجب أن يكون لها ما بعدها"، على حد تعبيره. وقال محمد حفيظ إنه "مع مضي خمس سنوات على تجربة العدالة والتنمية في الحكومة لازال بنكيران يتحدث عن أن جهات تتدخل؛ ما يعني على المستوى السياسي أن هذه التجربة فشلت في تنزيل الدستور ونقل المغاربة من مستوى إلى مستوى آخر أكثر تقدما". "لا يمكن أن ننفي التدخل وألا نتحدث عن تقاطب بين حزبين، وكذا جهات أخرى"، يضيف حفيظ، متابعا بأن "هناك مشكل لدى الحكومة في مواجهة هذا النوع من التدخلات"، وزاد متسائلا: "هل ستعزز أصوات الناخبين سلطة معينة تمارس صلاحياتها أم ستكون السلطة في جهة والقرارات ستفرز في جانب آخر؟". أما عن التدخل الأجنبي في الانتخابات المغربية، والذي برز حينما اتجهت بعض الأحزاب نحو السلفيين، اعتبر حفيظ أن هذه الخطوة "تعود أساسا إلى رغبة الأحزاب في الانفتاح على كافة الفئات والتيارات المختلفة في المجتمع". وبخصوص القطبية الحزبية في المغرب، اعتبر المحلل السياسي ذاته أنه "لا وجود لهذه القطبية على مستوى الأرقام والواقع؛ ذلك أنه لو كانت هناك قطبية لاستطاع الحزبان المعنيان الحصول على 70 في المائة من نسبة الأصوات؛ في حين أن نسبة المشاركة تبقى ضعيفة". أما في ما يخص الخط الثالث الذي تتبناه فدرالية اليسار، قال حفيظ إن "ذلك يعني أن هناك خطا أولا وثانيا، لا يمكن الاصطفاف خلفهما"، معتبرا أن "حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة يمثلان وجهين لعملة واحدة"، ومشددا على أنهما معا "يخدمان المشروع نفسه". وحذر حفيظ من الحديث عن القطبية الثنائية الحزبية بالتأكيد أن كل حزب في حاجة إلى الآخر، وزاد متسائلا: "كيف سيكون خطاب العدالة والتنمية إذا لم يكن الأصالة والمعاصرة موجودا؟ في حين أن الأخير أعلن مؤسسوه منذ البداية أنهم جاؤوا لمواجهة "البيجيدي"". وفي وقت اعتبر أن "حزب العدالة والتنمية أصبح معزولا في التحالف الحكومي عدا من حزب التقدم والاشتراكية"، قال محمد حفيظ إن "حزب الأصالة والمعاصرة أصبح مكلفا للدولة وله تبعات"، مضيفا: "ولولا وجود "البام" لما قال الملك إنه يقف على المسافة نفسها من جميع الأحزاب".