تستضيف مدينة شرم الشيخ، خلال الفترة من 9 الى 19 أكتوبر 2016، اجتماعات الجلسة الثالثة للدورة التشريعية الرابعة للبرلمان الأفريقي، بحضور رؤساء وممثلي برلمانات الدول الافريقية. ومن المقرر أن ينظم على هامش تلك الاجتماعات، احتفالا عالميا بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من رؤساء البرلمانات العربية والأفريقية والدولية ورئيس الاتحاد البرلماني الدولي؛ بمناسبة مرور 150 عاماً على تأسيس الحياة النيابية في البلاد. واستكمل مجلس النواب المصري إستعداداته لتلك المناسبة، حيث يتضمن الاحتفال كلمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وعروض توضح تطور الحياة البرلمانية في البلاد منذ إنشاء مجلس شورى النواب فى عهد الخديوى إسماعيل عام 1866، حتى مجلس النواب الحالي، ودورها في تأسيس البرلمان الافريقي، في سياق العلاقات التاريخية بين الجانبين، حيث تعد مصر صاحبة مبادرة تأسيس منظمة الوحدة الافريقية عام 1963، في عهد الرئيس الاسبق جمال عبدالناصر؛ واستضافت اول قمة لها عام 1963؛ وساهمت في تأسيس هياكل المنظمة؛ من بينها برلمان عموم إفريقيا "البرلمان الافريقي"، بجانب مبادراتها المتعددة لتفعيل العمل الافريقي المشترك. ينطوي السياق الذي يأتي في إطاره عقد اجتماعات البرلمان الافريقي في مصر، على عدة مؤشرات تعكس تطور العلاقات المصرية – الافريقية، واستعادة مصر دورها الريادي في القارة، والاهم استعادة ثقة الدول الافريقية في قدرتها على توظيف امكانياتها ومواردها لخدمة مصالح القارة وخياراتها. والذي جاء كنتيجة مباشرة لدعم عاملين أساسيين: الاول: التحولات التي شهدتها مصر واستعادت في اطارها جانبا كبيرا من وجهها الحضاري ودورها الاقليمي والدولي على مختلف دوائر السياسة الخارجية؛ وتوجت هذه الجهود بانتخابها عضوا غير دائم في مجلس الامن؛ بأغلبية اعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة؛ فضلا عن توازن علاقاتها مع معظم القوى المؤثرة في صنع القرار الدولي. الثاني: رصيد العلاقات المصرية – الافريقية، والذي ساعد مصر على البناء مجددا على الروابط التاريخية مع القارة في استعادة مكانتها ودورها الرائد بها، عبر سلسلة اجراءات كالزيارات المتعددة، والمشاركة في القمم والاجتماعات الافريقية، وتفعيل دور الدبلوماسية الشعبية، والتنسيق مع دول القارة في المؤتمرات والمحافل الدولية والإقليمية المشتركة، وطرح مبادرات تهدف لخدمة قضايا القارة ومصالحها. وجاء المردود المباشر لتلك التوجهات اكثر وضوحا وملائمة لدور مصر في القارة؛ كنقطة الوصل وبوابة افريقيا نحو مختلف الحضارات والتأثيرات؛ ففي الجانب السياسي، تم انتخاب مصر عضوا في مجلس السلم والأمن الإفريقي لمدة ثلاثة أعوام، بأغلبية 47 دولة من اصل 48 دولة في المجلس؛ الامر الذي يعكس الثقة المتزايدة بين الجانبين، وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار بالقارة، حيث جاء عقب حصول مصر على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي عن الاتحاد الأفريقي، بما يتيح لها التنسيق بين مجلس الامن ومجلس السلم والامن الافريقي في تناول القضايا الأفريقية، مع الارتباط الوثيق بين أجندة المنظمتين الدوليتين فيما يتصل بالتعامل مع أزمات القارة. وتمكنت مصر؛ بتمثيلها للقارة الافريقية في قمة المناخ التي عقدت في باريس ديسمبر 2015، من بناء موقف إفريقى موحد، من خلال آلية لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة الخاصة بتغير المناخ، الذى عُقد فى سبتمبر 2015 بنيويورك، واعتمد الأولويات الإفريقية التى شكلت أساسًا للموقف الإفريقى المشترك في مؤتمر باريس، وظهرت نتائجه في تضمين اتفاق باريس اغلب المطالب الإفريقية، كالتزام الدول المتقدمة بتوفير نحو 100 مليار دولار بحلول عام 2020، سواء لصندوق المناخ الأخضر، أو غيره من الأطر الثنائية والإقليمية ومتعددة الأطراف، والحصول على تمويل للمبادرة الإفريقية للطاقة المتجدد يتجاوز 5 مليار دولار، منها 150 مليون دولار من كندا وملياري دولار من فرنسا وثلاثة مليارات من ألمانيا، بهدف توصيل الكهرباء إلى 70٪ من سكان أفريقيا، مقابل 30% حاليا، وجذب الدعم والموارد المالية في مجال الطاقة المتجددة، كأحد آليات التصدي لظاهرة تغير المناخ. وعلى المستوى الاقتصادي.. تضاعف الدور المصري على صعيد تنمية القارة والنهوض باقتصادياتها، من خلال مبادرة انشاء الوكالة المصرية للشراكة مع القارة الافريقية؛ والتي طرحتها مصر في قمة مالابو عام 2014، لتفعيل التعاون المصري – الافريقي، واعداد وتأهيل الكوادر الافريقية وتنفيذ مشروعات تنموية رائدة بالقارة؛ وأعقبها توقيع القاهرة اتفاق تعاون مع الدول المانحة والوكالات الدولية لتوفير تمويل اضافي لانشطة الوكالة بالقارة، وكذلك إستضافة عدد من الاجتماعات الاقتصادية الافريقية؛ مثل قمة التجمعات الاقتصادية الثلاث "الكوميسا" و"السادك" و"شرق إفريقيا" في شرم الشيخ عام 2015؛ ومؤتمر "الكوميسا 2016"؛ بهدف توسيع مجالات التعاون الاقتصادي مع دول القارة.