مع اقتراب موعد اقتراع السابع من أكتوبر، تشتد حدة الصراع بين مرشحي الأحزاب السياسية وأنصارهم في الدوائر الانتخابية، عبر استعمال "كافة الوسائل" من أجل الظفر بمقاعد برلمانية في انتخابات وصفت بكونها مصيرية. وقد بلغ هذا الصراع حد استخدام الأسلحة البيضاء والتراشق بالكراسي؛ وهو ما أعاد ظاهرة "العنف الانتخابي" إلى واجهة النقاش في الساحة السياسية بالمغرب. مريم اقريمع (الصورة)، مرشحة حزب الأصالة والمعاصرة بالدائرة المحلية فاس الجنوبية، تعرضت، عشية انطلاق الحملة الانتخابية يوم 24 شتنبر الجاري، لاعتداء بالسلاح الأبيض نفذه مجهولون ونجم عنه عجز مدته 30 يوما؛ وهو الحادث الذي دفع إلياس العماري، الأمين العام لحزب "التراكتور"، إلى مراسلة كل من وزير الداخلية ووزير العدل والحريات، طلبا لحماية السلامة الجسدية للمرشحات والمرشحين برسم انتخابات مجلس النواب. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر دخول أنصار وكيل لائحة أحد الأحزاب المشاركة في الحكومة في مدينة الفقيه بنصالح في ملاسنات عنيفة واشتباكات، بلغت حدة التراشق بالكراسي وإتلاف معدات وأجهزة في الشارع العام؛ وذلك بعد يومين فقط من انطلاق الحملة الانتخابية. العلام: سعار الانتخابات سبب للعنف عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، أرجع واقع العنف الانتخابي قبيل حلول موعد اقتراع السابع من أكتوبر المقبل إلى النظرة التي تتبناها الأحزاب السياسية تجاه الاستحقاقات التشريعية الآتية، باعتبارها انتخابات مصيرية. وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض أن "هناك جهات داخل الدولة زكت هذا الطرح على أنها استحقاقات ستحدث تغييرا عميقا، استقبلته عدة أحزاب بتوجيهات لأعضائها وأتباعها بضرورة الفوز بأي وجه كان". واعتبر العلام، في تصريح أدلى به لهسبريس، أن تعاطي الأحزاب مع طرح "الانتخابات المصيرية" فتح المجال لاستخدام المرشحين والأتباع لكل الوسائل "التي تعمل المستحيل لجلب عدد كبير من المتعاطفين وكذا منع المنافسين من استمالة الناخبين". وأشار المتحدث إلى أن هذا التوجه يؤدي في حالات عديدة إلى العنف المادي والرمزي، على أن أبرز مظاهر هذا الأخير "توجه وسائل إعلام لفضح وتشويه سمعة هيئات سياسية وزعماء أحزاب". ويرى الباحث والجامعي المغربي أن مسألة العنف الحاصل في جهة أخرى بين المرشحين في الدوائر المحلية ظهر بكثرة منذ عقود في المغرب؛ "لكنه بدأ يتناقص مع كل محطة انتخابية، إن لم نقل أنه ولى إلى الانقراض". وهنا، أثار العلام ما أسماه العنف الذي كانت تمارسه الدولة ضد المرشحين: "كانت هذه الظاهرة بشدة في عهد إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، عبر المنع من ممارسة الحق في الترويج الانتخابي". وأضاف العلام أن هناك مؤشرات على عودة هذا "العنف الانتخابي" الممارس من السلطة، إذ "تم تسجيل حالة في إحدى المناطق عبر منع قائد بسيارته لمرشح من التوجه بحملته الانتخابية تجاه سوق قروي"، فيما توقف عند درجات عنف أخرى تقع على مستوى القرى، من قبيل التطاحنات الدامية بين القبائل والدواوير تصل درجة القتل وإحراق المنازل، دون إغفال قضية التمييز العنصري على أساس العرق واللون. وفي انتظار أن يحمى وطيس الحملة الانتخابية في الأيام المقبلة، توقع مركز تكامل للدراسات والأبحاث أن حدة العنف الانتخابي مرشحة للارتفاع؛ "ما لم تتدخل وزارة الداخلية وتكف عن الحياد السلبي، وتتدخل مصالح الأمن والدرك لحماية المرشحين، فكيف يعقل أن يتم طعن مرشحة في فاس؟ أين كانت مصالح الأمن المفروض فيها حماية المرشحين والمرشحات من أي اعتداء؟".