عرفت مدينة خريبكة، سنة 1990، إحداث منطقة صناعية على مساحة 20 هكتارا، تضمّ 185 بقعة أرضية مخصصة للسكن وممارسة الأنشطة الاقتصادية، و51 بقعة أرضية أخرى مخصصة للوحدات الصناعية الكبرى والمتوسطة، من أجل إرساء فضاء صناعي نموذجي، يستجيب لتطلعات الفاعلين والمتدخلين في المجال، غير أن البنية التحتية للمنطقة ظلّت، طيلة 26 سنة، دون مستوى انتظارات قاطني الحي من جهة، والصنّاع والحرفيين وأرباب المعامل من جهة ثانية. وفي جولة أجرتها هسبريس بالمنطقة الصناعية الواقعة بالجهة الغربية لمدينة خريبكة، بدا واضحا أن سكان الحي يعانون مع كثرة الحفر بمختلف الشوارع والأزقة، وتراكم أكوام من مخلفات عمليات الهدم والبناء، إذ تحولت جنبات المنازل والمحلات التجارية إلى مطارح للتخلص من الأحجار وبقايا الآجر والزليج وأكياس الإسمنت، ومتلاشيات المعامل والصناع، مع لجوء بعض الحرفيين إلى استغلال الشارع العام للاحتفاظ بمخزون الأخشاب. وفي وقت تحولت أحياء مشابهة بعدد من المدن المغربية إلى أقطاب صناعية متقدّمة، بمعاملها المتنوعة ومركباتها الصناعية ورواجها الاقتصادي المهمّ، يُلاحظ في المنطقة الصناعية لمدينة خريبكة اقتصارها على عدد محدود من المعامل المتخصصة في الحبوب والمشروبات الغازية والنسيج، إلى جانب بعض الحرفيين الذين يزاولون مهن الخراطة والنجارة وإصلاح السيارات، مع تحويل أغلب المحلات التجارية إلى مخازن للخشب. سعيد عنترة أوضح أن جمعية المنطقة الصناعية للتنمية التي يترأسها بعثت، منذ تأسيسها، مجموعة من المراسلات إلى مختلف الجهات المعنية بالملف، ومن بينها مراسلة وجهت إلى عامل إقليمخريبكة، تتضمن مختلف المشاكل البيئية والصحية والاجتماعية التي يُعاني منها سكان الحي، والمتمثلة في تراكم الأزبال، وتجمع مياه الأمطار بسبب انغلاق بالوعات وقنوات الصرف الصحي، خاصة في الفترات المطيرة، إذ تتحول الأزقة والشوارع إلى برك مائية ومساحات شاسعة من الأوحال. وأضاف المتحدث ذاته أن المنطقة الصناعية تعاني بشكل كبير من الوضعية الكارثية للطرق، من شارع أريحا الرئيسي إلى باقي الأزقة، وما تتسبّب فيه الحفر من أعطاب في السيارات والشاحنات، وضعف الإنارة العمومية، وغياب المرافق الاجتماعية، كالمساجد والمستوصفات والحمامات والأفران، وعدم توفر منابع المياه التي تخصص لإطفاء الحرائق، رغم تواجد معامل النسيج وأوراش النجارة والبلاستيك، إضافة إلى رفض سائقي سيارات الأجرة والنقل المدرسي ولوج الحي السكني بسبب وضعية الطرقات. وأشار عنترة، في تصريح لهسبريس، إلى أن مجموعة من الإدارات وقّعت اتفاقية شراكة لتأهيل وتوسيع المنطقة الصناعية، من بينها وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا، والمجلس الجهوي للشاوية ورديغة آنذاك، والمجلسين الإقليمي والبلدي لخريبكة، وشركة التهيئة العمران ببني ملال، وغرفة التجارة والصناعة والخدمات بخريبكة، وجمعية المنطقة الصناعية، غير أن الاتفاقية المنجزة والموقعة سنة 2009 أحيلت على المصالح المركزية بالرباط، ولم يظهر لها أي أثر إلى حدود اليوم. وعن ردود الفعل والتحركات والإجراءات المتخذة من طرف المتضررين، أوضح عنترة أنهم أرسلوا عدة طلبات إلى المعنيين بالموضوع، منذ سنة 2005، أي قبل تأسيس الجمعية، كما نظّموا مجموعة من الوقفات الاحتجاجية، خاصة قبل الزيارة الملكية التي كان من المرتقب أن يقوم بها عاهل البلاد إلى مدينة خريبكة، قبل أشهر، ما دفع مسؤولين إقليميين إلى عقد لقاءات مع المحتجين، دون أن تُحقق أي نتائج تُذكر، باستثناء عمليات ترقيعية للحفر باستعمال الأتربة، قبل أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه. وختم رئيس جمعية المنطقة الصناعية للتنمية تصريحه للجريدة بالتأكيد على أنه يجري في الآونة الأخيرة محاولات لربط الاتصال برئيس جهة بني ملالخنيفرة، من أجل مطالبته بالتدخل في الملف، في إطار اختصاصاته وصلاحياته، بعدما تبيّن أن كلا من رئيس المجلس البلدي ورئيس المجلس الإقليمي وعامل إقليمخريبكة يتقاذفون المسؤولية في ما بينهم، دون أن يبادروا إلى إيجاد حلول جذرية للملف الذي عمّر طويلا.