عيد الأضحى مناسبة دينية ذات طابع روحاني واجتماعي خاص، ترافقها شعائر وتقاليد فريدة تزيدها اللمسة المغربية تميزا؛ لكن تحدي الحفاظ على نظافة الحواضر والبيئة عموما يبقى الغائب الأكبر. تتفنن الأسر المغربية، خلال أيام عيد الأضحى، في إعداد مختلف الأطباق والمأكولات وممارسة طقوس من التحضيرات التي تسفر في غالبيتها عن إنتاج كميات مضاعفة من النفايات، التي تنتهي في حالة تدبيرها المنافي للقواعد السليمة إلى الإساءة بالمحيط القريب للسكان والصحة العامة والبيئة عموما. وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري قد أوردت، سابقا في بلاغ لها، أن العرض من الأغنام والماعز خلال عيد الأضحى لهذه السنة بلغ 8,6 ملايين رأس؛ وهو ما يرفع التوقعات بحجم النفايات التي قد تنجم عن عمليات الذبح لهذه السنة. وقد صار في حكم المعتاد سنويا أن تزداد كمية النفايات المنزلية قبل حلول يوم العيد داخل وبالقرب من أسواق بيع الأضاحي، وأيضا بعد الانتهاء من طقس الذبيحة؛ وهو ما يزيد من الأعباء الملقاة على عمال النظافة، خاصة عندما تسيطر في بعض المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية سلوكيات تتجاهل كلية قواعد البيئة والصحة العامة. وتستفحل هذه الظاهرة بلجوء البعض إلى تكديس النفايات خارج الحاويات المخصصة لها، وإقبال البعض الآخر على شيّ رؤوس الأغنام وقوائمها في بعض زوايا الشارع العام. ومع تفاقم هذه السلوكيات، تزداد مهمة عمال النظافة صعوبة؛ وهو ما يدفع بالشركات المفوض لها مهام الحفاظ على النظافة إلى مضاعفة عدد عمالها ووسائلها اللوجيستكية. جلال القدوري، نائب رئيس مجلس مدينة الرباط المكلف بالنظافة، قال، في تصرح صحافي، إن مصالح المجلس عقدت، بهذه المناسبة، سلسلة من الاجتماعات مع الشركات الثلاث المدبرة لقطاع النظافة بالرباط، أسفرت عن التحضير لبرنامج دقيق يستهدف إنجاح عملية جمع النفايات المترتبة عن الذبائح، خاصة أن معظم هذه الذبائح تتم داخل المنازل. وأشار القدوري إلى أن الشركات الثلاث المفوض لها مهام الحفاظ على النظافة بالعاصمة الإدارية ستوزع، قبل يوم العيد، 160 ألف كيس موجه إلى جمع النفايات؛ فضلا عن أن هذه الشركات ستستعين بكافة عمالها استعدادا لهذه المناسبة، وستوظف أسطولها كاملا من شاحنات وحاويات وأدوات نظافة، إضافة إلى اكترائها لشاحنات إضافية لجمع النفايات، خاصة في الأماكن التي تشهد بعض العشوائية في تعامل المواطنين مع النفايات. كما أكد المسؤول المكلف بالنظافة بمجلس مدينة الرباط أنه جرى توظيف خلية مراقبة للوقوف على سير هذه العملية، موضحا أن الرقم الأخضر (0801000015) الذي خصصته الجماعة لاستقبال الشكايات المتعلقة بالنفايات سيبقى مفتوحا طيلة أيام العيد. وبدوره، قال مسؤول بإحدى الشركات المكلفة بجمع النفايات المنزلية من داخل بعض مقاطعات الرباط، في حديث مماثل، إن كمية النفايات المجمعة بالمقاطعات التي تشرف عليها الشركة قد تتضاعف خلال أيام العيد منتقلة من 270 طنا يوميا في المعتاد إلى حوالي 500 طن. وعن التدابير المتخذة في هذا السبيل، أضاف هذا المسؤول أن هذه الشركة، التي يوجد لديها 170 عامل نظافة، اعتمدت برنامج عمل يستهدف، وفي وقت قياسي، تخليص كافة محاور المقاطعات الداخلة في دائرة نفوذها من النفايات التي قد تتراكم بهذه المناسبة. ولهذا السبب، جندت جميع آلياتها المقدرة ب34 شاحنة بما فيها شاحنات غسل الحاويات، وتعاقدت مع 30 عاملا موسميا خصيصا لهذه المناسبة. ولتحسيس المواطنين بأهمية الحفاظ على نظافة محيطهم، حث هذا المسؤول على ضرورة الالتزام بإخراج النفايات المنزلية ساعة مرور الشاحنات لتسهيل عملية جمعها وتفادي تكدسها، وأيضا تفادي إلقاء الفحم المشتعل أو بقايا ما يتم اعتماده لشيّ رؤوس وقوائم الأضاحي داخل الحاويات مباشرة؛ وذلك لتجنب احتراقها، وكذا تجنب بعثرة النفايات بالشارع العام. ويتفق الجميع على أن سلوك المواطن يمثل قطب الرحى بالنسبة إلى أي مجهود يستهدف الحفاظ على البيئة وعلى الصحة العامة. ولذا، فإن المسؤولية تقع، رأسا وبشكل عيني، على كل فرد؛ سواء من خلال التزامه بقواعد الصحة والحفاظ على البيئة ومساهمته في رونق وجمالية محيطه، أو بالتحسيس بضرورة انتهاج هذا المنحى، أو على نحو أكثر فاعلية عمله على إخطار السلطات المسؤولة عن أي خرق قد يطالها. * و.م.ع