مع حلول عيد الأضحى المبارك من كل سنة، تتسابق العائلات بحماس لاقتناء الأضاحي، ويعكف أرباب الأسر على البحث عن أضحية تستجيب لمتطلباتهم؛ لأن هذا العيد لا يقتصر على كونه فرصة للم شمل الأسر وإحياء شعيرة دينية فحسب، بل يعد أيضا مناسبة يصير فيها الكبش ومعاييره وسلالته سيد الأحاديث ومحور الجلسات. ويعد المغرب، بفضل مناخه والأراضي الخصبة والمساحات الرعوية الشاسعة التي يتوفر عليها، أحد أهم البلدان المنتجة للأغنام على الصعيدين الإقليمي والقاري. المغرب يتميز بسلالات خمس أصيلة ذات صفات جينية وخصائص إنتاجية عدة، تتقدمها سلالة السردي وسلالة تمحضيت وبني كيل والدمان وأبي الجعد؛ غير أن الإقبال على هذه السلالات يختلف باختلاف وفرتها وشعبيتها، حسب المناطق المنتمية إليها. ففي منطقة الأطلس المتوسط، يكاد لا يوجد منافس لسلاسة "تمحضيت" المتسمة بفرادة نوعيتها وجودة أصنافها، حسب ما يؤكده مربو الماشية وسكان المنطقة. وفي هذا السياق، يؤكد الحاج محمد المنحدر من منطقة عين اللوح أنه لا يكترث لثمن الأضحية بقدر ما يهتم بنوعيتها والسلالة التي تنتمي إليها؛ وهي تفاصيل تضيف نكهة خاصة تجمع بين قدسية إحياء هذه المناسبة، وتعزيز إشعاع وانتشار سلالة تعد عاملا جذب لفلاحة واقتصاد منطقة الأطلس المتوسط. وأوضح الحاج محمد، في تصريح صحافي، أن سلالة "تمحضيت" تحظى بمكانة متميزة لدى سكان الأطلس المتوسط؛ وذلك اعتبارا للخصائص التي تتسم بها والمتعلقة بالجودة والنوعية والقيمة الغذائية. من جهته، قال الحاج موحى، فلاح بضواحي مدينة خنيفرة، إن جودة أغنام سلالة "تمحضيت" والإقبال عليها مرتبط بنشأتها في المراعي وبأنواع الكلأ التقليدي التي يقدم لها من قبيل الشعير والدرة، وكذا قدرتها على التكيف مع مختلف أنواع المناخ؛ وهو ما يجعلها من بين الأكثر طلبا على الصعيد الوطني. واعتبر الحاج موحى أن أغنام "تمحضيت" أو "البركي"، كما تسمى في بعض المناطق، إرث فلاحي تتباهى بها المناطق المنتجة لهذا الصنف؛ وذلك بالنظر إلى خطورة بعض الأساليب العصرية التي باتت تستخدم في التسمين والكلأ ببعض المناطق الأخرى على الصحة العامة. بدوره، قال إدريس اعمري، فلاح من قرية توفصطلت ضواحي عين اللوح، إن سلالة "تمحضيت" تتميز بتكيفها مع المناخ البارد لمنطقة الأطلس المتوسط. كما يعتمد مربو هذه الأغنام على الأعشاب الموجودة في الأراضي السلالية وأشجار البلوط الأخضر والفليني كمصدر للكلأ. وأوضح اعمري أن التقنيات المستعملة في تربية الأكباش تلعب دورا مهما في نموها. وفي هذا الصدد، أشار المتحدث ذاته إلى انخراط مجموعة من فلاحي المنطقة في الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، حيث استفادوا من تأطير ودورات تكوينية تتعلق بصحة الأغنام وعملية التلقيح والتداوي من الطفليات. من جانبه، أبرز محمد بوعديس، تقني بيطري، أن صنف "تمحضيت" يمتاز بقدرته على التكيف مع تقلب المناخ؛ وذلك بالنظر إلى اكتسابه القوة نتيجة الترحال بين منطقة أزغار وقمم الجبال خلال فصل الشتاء. وأضاف بوعديس أن الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز تدخلت لتنظيم القطاع بالمنطقة؛ وذلك من خلال أربع تعاونيات تراقب عملية الكلأ والتلقيح والتداوي الخاصة بالأغنام. وتنتمي سلالة "تمحضيت" إلى منطقة الأطلس المتوسط بمدن مكناس وإفران وفاس وبولمان وخنيفرة وبني ملال وأزيلال والخميسات، ويقدر عددها بمليون و900 ألف رأس. وتتميز هذه السلالة بتكيفها مع المناطق المرتفعة وجودة بنيتها وسهولة تسمينها وارتفاع إنتاجيتها، إضافة إلى قدرتها الكبيرة على التكيف مع بيئتها. وتنقسم سلالة أغنام "تمحضيت" إلى صنفين، هما صنف زيان وصنف حمام أزرو. كما تمتاز، على مستوى الشكل، بقامة ووزن متوسط ورأس متوسط الحجم غسقي اللون. ويعتبر عيد الأضحى مناسبة لإحياء طقوس تختلف من منطقة إلى أخرى؛ لكن تبقى للعيد قدسية ومكانة متميزة لدى المسلمين كافة، مكانة يستمدها من البعد الديني لشهر ذي الحجة ومن رمزية هذه الشعيرة الدينية الخاصة. * و.م.ع