انطلقت فعاليات المؤتمر الدولي حول "تنمية الطفولة المبكرة"، بمدينة الرباط، في ظل غياب وزراء ومسؤولين مغاربة كانت كلماتهم مبرمجة بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر المنظم من لدن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بشراكة مع منظمة "اليونيسيف". ويروم المؤتمر الدولي إحداث قفزة نوعية في مجال وسياسات التنمية لفائدة البلدان المشاركة، في وقت يعاني فيه طفل واحد من بين أربعة أطفال تقل أعمارهم عن 5 سنوات والبالغ عددهم عالميا 159 مليون طفل من تأخر النمو بسبب سوء التغذية، بالإضافة إلى أن نصف الأطفال المتراوحة أعمارهم بين ثلاث وست سنوات لا يلجون التعليم الأولي. يوسف بلقاسمي، الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية الذي ألقى كلمة نيابة عن الوزير رشيد بلمختار، أكد أن المغرب يراهن على ثرواته البشرية عبر الاهتمام بالطفولة المبكرة وضرورة حصولها على التعليم للتشبث بالهوية المغربية. وقال بلقاسمي إن الوزارة المعنية باشرت عملية تشخيص وتقييم الوضعية الراهنة للتعليم الأولي ووضع مرجع معياري له وتوفير الموارد المالية اللازمة للارتقاء به. وأشار المتحدث ذاته إلى أن المغرب وضع، منذ 2014، مخططا للنهوض بتنمية شاملة من أجل تعليم الطفولة المبكرة، وهي مرحلة مهمة فيما يتعلق بالتربية والتكوين. ولفت الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية إلى أن 735 ألفا من الأطفال المغاربة يستفيدون من التعليم الأولي؛ وهو ما يُمكن الأطفال الصغار من تطوير مهاراتهم وتحسين أوضاعهم، وحتى يكون رافعة للتنمية الجهوية والإقليمية. من جهتها، قالت زكية الميداوي، مديرة التعاون متعدد الأطراف والشؤون الاقتصادية الدولية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، إن السنوات الأولى للطفولة، التي تبتدئ من الولادة إلى سن الثامنة، تحدد المفاهيم والمكتسبات وجميع التطورات التي يتوفر عليها الطفل وهو ما يقترن بنمو كل بلد. وأفادت الميداوي، التي كانت تتحدث نيابة عن الوزير المنتدب ناصر بوريطة، بأن العالم العربي يضم أطفالا يعانون الحروب ويرزحون تحت وطأة المشاكل السياسية ويوجدون ضمن محور التهجير. ولفتت مديرة التعاون متعدد الأطراف والشؤون الاقتصادية الدولية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون إلى أن المغرب سن تغييرات تشريعية تتلاءم واهتمامه بحقوق الطفل، وصادق على الاتفاقيات الدولية حول الطفل وحُقوقه، كما كان من أول البلدان الإفريقية والعربية التي أقامت مرصدا لحقوق الطفل من أجل البحث عن مواضع الخلل وإيجاد الحلول الممكنة. من جهته، اعتبر عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن انشغال المغرب بالطفولة المبكرة على الخصوص ليس وليد اليوم بل يعود إلى زمن وضع الميثاق الوطني للتربية والتكوين، باعتبار الطفولة المبكرة حلقة حاسمة في نمو المجتمعات ومدخلا راسخا لجودة التعليم والاندماج السوسيو ثقافي للمتعلمين، بالإضافة إلى كونها لبنة أساسية لتكافؤ الفرص للأطفال منذ سن مبكر ورافعة أساسية للنهوض وإصلاح التعليم. واقترح عزيمان، وفق ما تَلاه ممثل عنه، النظر في السبل الكفيلة لتحفيز السياسات العمومية للعناية بالطفولة المبكرة، وإطلاق برامج لصالحها مع خبرات متخصصة، مع إرساء منظومات معلوماتية مُحيَّنة تتعلق بإحصائيات خاصة بالطفولة من أجل سن تشريعات خاصة بالطفولة المبكرة لضمان الكرامة والمساواة والإنصاف، فضلا عن توفير آليات لتبادل التجارب على الصعيد الدولي وحمايتها وتحصينها وتربيتها، داعيا إلى التفكير بإحداث مرصد دولي مختص بحقوق الطفولة المبكرة. من جهتها، قالت ريجينا دومينيسيس، ممثلة منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (اليونسيف) بالرباط، إن أدمغة الأطفال تتطور وتتأثر بما يحيط بها كذلك وليس بالعوامل الوراثية فقط، داعية إلى تمتع الأطفال بحقوقهم كاملة منذ ولادتهم. وشددت المتحدثة ذاتها على أهمية المدرسة لسد الفوارق بين الأطفال في العالم وتحقيق عدالة اقتصادية واجتماعية، داعية إلى تلقي الأطفال للعناية والرعاية اللازمتين، مشيرة إلى أن الأطفال بإفريقيا سيبلغ عددهم أكثر من مليار طفل في السنوات القليلة المقبلة، موصية بوضع إستراتيجيات تساعد على تنفيذ برامج وسياسات تمثل نقلة نوعية لمستقبلهم. واعتبرت دومينيسيس أن المغرب يحاول النهوض بواقع الطفولة المغربية من خلال مقاربة التنمية البشرية، والتغييرات التي شملها القطاع، مؤكدة على ضرورة تجاوز الاختلافات والفوارق والتمييز الاجتماعي والطبقي، ما يضمن استقرار الدول العربية والإفريقية عموما.