الثالوث الحلال: السياسة،الفلاحة،النفط في هذا الربيع العربي،الذي يصنعه الجلاد والضحية معا ،لتتميم مكارم الأخلاق: أخلاق الحكام والشعوب ،معا؛ والذي يبشر- رغم الغيوم المصطنعة- ببزوغ شمس العرب الحقيقية،التي ستسطع شرقا وغربا؛منيرة الأزقة الخلفية للأنظمة؛ حتى لا يركن إليها حاكم في المستقبل ، مفرخا بنات الدهر التي أنضجت الجلود ،وجففت منابع الفكر الشجاع،المبادر،والخلاق؛وانتهت بأمة العلم والكرم والشجاعة إلى ولوج مدرسة الفشل والاستجداء ،وتعليم أساليب اتقاء الاستعلاء بالخنوع. هذا الربيع العربي المباغت،والذي يقع خارج الفصول العربية الرتيبة والمملة ، أوان للشد ،كما يقول الحجاج بن يوسف؛ وليس أوانا لشم النسيم: هذا أوان الشد فاشتدي زيم قد سجاها الليل براع حطم في هذا الربيع لم يعد هناك متسع للمبادرات المنافقة،التي تعلن خلاف ما تضمر؛ والتي تلقي التحية للجمل ،وهي تقصد صاحبه: حيّتك عزّة بعد الهجر وانصرفت فحيّ، ويحك، من حيّاكَ يا جملُ ليت التّحيّة كانت لي فأرددها مكان يا جملٌ، حُييت يا رجلُ في سياق المباغتة ،هذا، والشد، والمجاهرة ،وإعلان العشق ،على رؤوس الأشهاد – خلافا لكل قصائد الغزل العتيقة والعفيفة، قبل أن يزيح عنها نزار قباني غلالاتها ؛وضدا على شيوخ القبائل ،الذين ألفوا وأد البنات،- تلقت المملكة المغربية رسالة حب خليجية ؛ لم يشم فيها أغلب المحللين غير رائحة النفط ؛وكأن جزيرة العرب لا مسك بها ولا رياحين تهديها لمن تحب . ولم يجد فيها آخرون غير استغاثة أندلسية بيوسف بن ناشفين: نسخة معاصرة من ملوك الطوائف في مواجهة كسرى أنو شروان . وتساءلوا: هل يجتاز الجيش المغربي- بعد طول تمرس بحروب الرمال- إلى الجزيرة ليكون درعها الحقيقية ،بعد أن بدا درعها ، في البحرين، كفزاعة استعراضية فقط. أما فقهاء السياسة فقد انتبهوا الى أن شباب الخليج ؛حتى وهو يثور، لا يجد ما يسقطه ؛ ولا ما يمزقه عدا دفاتر للحالة المدنية ،حديثة، ليس فيها الا مواليد أمراء؛ لهم ما فوق الأرض وما تحتها ،ولم تقهرهم غير السماء فاعتلوا الأبراج لمطاولتها. أمراء أثرياء مستعدون لشراء السكوت عن بناء االدول –كما يجب أن تبنى، لا كما يحلو لهم- بكل ثرواتهم. وفيم نفع هذه الثروات ما دام الغرب ،الشاهد عليها،يعلن تهجيرها إلى مالكيها الحقيقيين؟ رسالة الحب هذه ما هي- في نظرهم- سوى بحث ،للأسر الخليجية الحاكمة،عن الشرعية والامتداد ، وراء وراء،في عمق التاريخ ؛ مستعيرة تاج الألفية الذي يزين جبين المملكة المغربية؛ من ادريس الأول الى محمد السادس ؛ وهو التاج الذي تتراص به جواهر باقي الدول التي تعاقبت على الملك. أما الشباب العاطل فلم يفكر إلا في بنات الخليج ،المتضمخات بالنفط؛وهن فرص العمل ولا شيء آخر ،لأن حلم الزواج ببنت العم لا يزال مغربيا بامتياز. وفي مربع الجغرافية السياسية ،لم يقو المحللون- رغم أن العصر عصر غوغل- على " اختراق الآفاق" و القيام ب " غرائب الأسفار" على غرار الإدريسي وابن بطوطة ؛وبدا لهم أن الدنيا – كما قال هارون الرشيد- طائر ذنبه المغرب.لم ينتبهوا الى أن هذا الطائر طاووس ذكر ،بكل ما يعنيه هذا من بهاء ،خصوصا حينما ينتفش مزهوا بذيل يحيط بالرأس كهالة متراقصة. كيف يخترق سباق الهجن الخليجي حدود دول مغاربية – بعضها ملتهب- ليصل الى شاطئ الأطلسي ؛ثم تغوص الإبل بقوائمها في الموج ناظرة الى ما وراء بحر الظلمات ؛كما فعل عقبة ذات فتح عربي؟ لو لم يكن هذا ممكنا لما تحدث الإدريسي –جغرافيا- عن نزهة المشتاق. إن لم يكن ممكنا ،في عصر جارات أبي غوغل،فلن يكون ممكنا أبدا ،حتى يطوى الكون طي كتاب. ثم تحدثوا عن الثقافة عموما، حديث داحس والغبراء ؛ كأننا نواجه تطبيعا محرما؛أو كأن الأمر يتعلق بمغربة المداد الخليجي أو "خلجنة" الأقلام المغربية . وفي حديث آخر،وصاحبه محلل خليجي، تم الإدلاء بالطفرة الحضارية المغربية ، الغربية الهوى والمنزع؛وكأنه يحذر مجلس التعاون الخليجي من خطر الاقتراب كثيرا من حدود الاتحاد الأوروبي الجنوبية ،وكأن بها إشعاعا نوويا؛ دون أن يفكر في اغاثتنا ،إن كان الأمر بكل هذه الخطورة. ووجد من استكثر على دول الخليج- من باب النقد و التحفيز- المستوى الديموقراطي ،وبنية الدولة اللذين حققتهما المملكة المغربية .لعله يزري بالثروة اذ لم توظف في التنمية المتكاملة . ومن المفارقات حقا أن تتخلف التنمية في مجتمع اليسر. أما أكبر الأثافي فهي التي لم تر في المملكة المغربية سوى دولة فقيرة ،بنسبة عالية من الشباب المعطل ،ومن زغب الحوا صل،بلا ماء ولا شجر ؛نزلت عليها مائدة من السماء ؛فما عليها إلا أن تسارع بالقبول اليوم قبل الغد، حتى لا تضيع اللبن في الصيف ،لتسأل عنه شتاء. لا تسألوا هؤلاء عن النبوغ المغربي ،ولا عن طارق بن زياد و عبد المومن بن علي ؛ولا عن محمد الخامس وشيعته من الوطنيين الأحرار. لن يجيبوكم لأنهم قوم " يأكلون الأرطال ،ويشربون الأسطال،وينامون الليل وما طال". جاء الرد الرسمي على رسالة الحب الخليحية مشرعا على المستقبل ،ومرحبا ببحث سبل التعاون الممكنة؛دون اخفاء الزوجة الأولى (أم الأولاد): اتحاد المغرب العربي ،الذي لا يزال عشقه يأسر نفوس المغاربة جميعا . يبدو أن هذا الرد – وهو واقعي وغير دبلوماسي فقط ؛لأن الأوان أوان الشد ،كما أسلفت- صيغ بكيفية تجعل النقاش يستمر،خليجيا ومغربيا؛حتى لا يستقر الرأي إلا على رشاد ،وقران يستمر في المنشط والمكره. الثالوث الحلال: اسهاما مني – كمواطن مغربي معني،من البادية كما قال القذافي- في هذا النقاش ذي النكهة الفنوسية،حيث يصطف راقصوا العرضة النجدية الخليجية ،وجها لوجه مع راقصي أحيدوس المغربية الأطلسية ، في انتظار الإشارة لبدء حفل في مستوى آمال شباب الربيع العربي ،العاشق للحرية ،وكل الأشياء الصغرى بعدها ؛بدا لي أن أرسم مثلثا ،قمته السياسة وقاعدته مقسمة بين الفلاحة والنفط. حديث السياسة: أظهر الحراك الشبابي العربي ،بما فيه الشباب المغربي،الذي جاء- خلافا للظاهر- محررا للحكام،الحاليين والمقبلين، قبل الشعوب ؛أننا في المغرب نمتلك ثروة سياسية ،حلالا، نكاد لا ننتبه إليها ولا نعدها حينما يتم الإدلاء بالثروة بمفهومها الضيق :ثروة المال. لا يعني هذا أن كل ثروتنا السياسية حلال في حلال ؛ وهذا موضوع آخر. الأسهم المكونة لهذه الثروة- حتى نبقى في لغة المال والبورصة التي يتقنها الخليجيون- هي الآتية: سهم المؤسسة الملكية: هو سهم ضارب في القدم ؛بعود إلى أزيد من ألف ومائتي عام. سهم يملكه المغاربة كلهم ،مثل ما يملكون أرض الوطن، ومجالهم الجوي والبحري، وما يتهاطل عندهم من ثلوج وأمطار. تتجسد هذه الملكية في مبايعتهم للملك ،التي تتضمن شروط: " الطاعة والولاء والإخلاص" في مقابل "ضمان حقوق الراعي والرعية ،وحفظ الأمانة والمسؤولية". ويجب أن نميز هنا بين الملكية كمؤسسة وطنية؛لم توضع أبدا ،وعلى مدى اثني عشر قرنا، موضع سؤال أو رفض أو استبدال؛ وبين الملك الجالس على العرش ،الذي يتعاوره القبول والرفض ،حسب أدائه. لم يخل تاريخ المغاربة من فترات عصيبة ،كان عليهم إما أن يسا ئلوا الجالس على العرش ،وصولا إلى خلع بيعته ؛ وإما أن يهبوا إلى التمسك به ونجدته ،حينما يحيق به ،وبالوطن طبعا، مكروه كما حصل مع محمد الخامس رحمه الله؛حيث أظهر الشعب أنه مرتبط بشخص الملك أكثر من المؤسسة الملكية التي حافظت عليها فرنسا في شخص ابن عرفة. أما محمد السادس فينفرد – عن ملوك المغرب كلهم،دون مجاملة ولا مبالغة- بكونه حظي بحب شعبي معلن في استفتاء جماهيري ،لم يخطط له أحد ،حتى تتهم نتائجه . استفتاء محفوف بكل الإغراءات التي تصدرها ميادين التحرير العربية. الشبكة العنكبوتية في المتناول ،ويمكن ،بسهولة ،لغير المغاربة خصوصا، التحقق من هذا الكلام ،لدى القبائل الالكترونية :أولاد الفيسبوك وآبت تويتر وأضرابهما. لا محاباة للملك في هذا،ولم يرهب جانبه ،بل هو العرفان بالجميل، وذكر الفضل لأهله. وحتى القلة التي ترى غير هذا، آمنة؛ لا أحد يطرق عليها الأبواب في منتصف الليل. لم يتأخر الجواب الملكي ،اذ جاء في صيغة إصلاحات دستورية جريئة ؛لم يثبت أنها وردت في برنامج أو مطلب حزبي منذ بيعة هذه الملك الشاب. هل أجانب الصواب حينما أعتبر المؤسسة الملكية ثروة للمغاربة؟ أمن العيب ،أو النقائص،أن يكون هناك مشروع خليجي لاستفادة ملكيات وإمارات الخليج – وهي الفتية- من أقدم ملكية مسلمة، عربية أمازيغية ، سنية ومالكية؟ دون أن يمنعها هذا من أن تكون جادة في استكمال بنائها الديمقراطي والحداثي. وهل ترون أن ملكيتنا يمكن أن ترد السائل المستفتي؟ هل ينتظر العطاء من مالك النفط فقط؟ اليكم المثال: تشبه الملكية السعودية- وهي ملكية مطلقة قائمة على ثلاث عشرة إمارة/منطقة- مملكة الأدارسة ؛في مرحلة التفكك والتقهقر؛فبعد وفاة المولى إدريس الثاني ،ارتأى ابنه المولى محمد-بنصيحة من جدته كنزة- أن يوزع المملكة إلى إمارات حسب عدد إخوته المؤهلين للامارة. كانت النتيجة انهيار الدولة،بفعل تناحر الإخوة، وتشتت الشرفاء الأدارسة ،شذر مذر،كما يقول المؤرخون ،هروبا من بطش موسى بن أبي العافية. نوجد اليوم على بعد أزيد من ألف سنة على هذه الأحداث ؛وقد تطورت مؤسستنا الملكية كثيرا،وهي مقبلة على مرحلة جديدة تتأسس على التعديلات الدستورية التي نادى بها خطاب التاسع من مارس . إن خطأ المولى محمد بن إدريس لم ولن يرتكب أبدا في المغرب. ألا ترون معي أن الملكية السعودية التي تتربع على ثلثي جزيرة العرب ،أمامها برنامج ديداكتيكي ملكي غني لا يضرها أن تتلقاه من المملكة المغربية، إن هي رغبت في ذلك؛ حتى توقف رقصها على فوهة البركان، على حد تعبير أحد الخبراء الألمان. سهم النظام النيابي: أصول هذا النظام ضاربة في القدم ،على شكل أعراف قبلية في البوادي ،وتدبيرات حرفية في المدن؛ رسخت التدبير الجماعي التشاركي للشأن العام والخاص ؛وتاريخه الحديث يرتد الى المجلس الوطني الاستشاري (1956/1959) . راكم إلى اليوم ثمان ولايات تشريعية متعاقبة ،وتصاعدية ،فيما يخص الإنتاج التشريعي، وتقويم المسار شكلا ومضمونا. ورغم استثناءات قليلة ،يكون السبب فيها ذاتيا غالبا ،فان صفة النائب البرلماني في المملكة تحظى بالكثير من التقدير على المستوى الرسمي والشعبي . لم يحصل أن ضرب برلمانيونا في الشارع العام ،كما حصل في دولة خليجية أخيرا. رغم كل النقائص ،الذاتية والموضوعية ،التي يعترف بها الجميع ،ويتم تجاوزها تدريجيا فان النموذج النيابي المغربي قابل " للتسويق " خليجيا؛ بل قد يكون مطلبا آنيا لأنظمة بالذات ،راغبة في التجاوب مع طموحات شبابها ،التي ارتقت لتصبح مطلبا تتبناه دول عظمى؛بل وتلزم به . لقد تذكر أوباما أخيرا أن اسمه حسين ،ورفع نفس اللا فتات المرفوعة في سوريا واليمن ؛ولم ينس بندقيته حينما دخل التراب الليبي. بقية الرصيد: تتشكل من تراكمات الأحزاب السياسية المغربية، الكثيرة،والقابلة للاختزال لتقارب الرؤى. بنية هذه الأحزاب،ورجالاتها ،وطرق اشتغالها ،وتنوعها تشكل نسيجا لا يعدم فيه النموذج الملبي للمطلب الخليجي؛فيما يخص التأسيس أو تبادل الخبرات ؛كما يحصل بين بعض الأحزاب المغربية ونظيرتها الأوروبية. وتتشكل أيضا من نجاحات وإخفاقات المجالس الجهوية والإقليمية ؛والجماعات الحضرية والقروية ،والغرف المهنية . وحالما تستقر الجهوية المتقدمة التي ارتضاها المغرب ،بتأثير من هذا النموذج الأوروبي أو ذاك ،ستكتمل المدرسة السياسية المغربية ،التي تناغم بين الأصالة والحداثة ؛وستفتح أبوابها لكل من يرغب في الاقتداء من الأشقاء. حديث الفلاحة: قد يجوع مالك بئر النفط،لأسباب تسويقية دولية خارجة عن إرادته ،أو لمجرد حرائق؛ ولا يجوع مالك حقل صغير في قرية نائية لا يعرف شيئا عدا التين والزيتون و ما " تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها" صدق الله العظيم. لقد كشفت الأزمة المالية ،لإخواننا العرب الأثرياء، عن واقع نقدي مرير:تبخرت ثروات في لمح البصر لأسباب يعلمها جهابذة السياسة قبل الاقتصاد.ومما زاد الطين بلة – مع ندرة الطين في الخليج- أن وجد أثرياء النفط أنفسهم في وضع المجبر على إنقاذ الاقتصاد الغربي المأزوم ؛إن كانوا يرغبون في استمرار تدفق نفطهم. لا بد أن تدور الآلة لتحرق الطاقة،وتطالب بالمزيد. وقد أدوا- صاغرين- ثمن صحون لم يكسروها ،كما يقول الفرنسيون. لا زلنا ،نحن المغاربة، نقرأ عن هذه الجائحة المالية العالمية لكننا حينما نذهب إلى الأسواق تنسينا فيها أرتال الشاحنات المحملة بكل ما تنبت الأرض وتشتهيه النفس.نعم ارتفعت الأسعار وهزل الدخل لكن لم يمت مغربي من الجوع . لم يسأل عنا أحد،كيف نعيش عدا الجار الجزائري الذي تعجب كيف نتدبر أمرنا دون نفط ولا غاز . ولم يجبرنا أحد على أن ننقذ اقتصاديات عملاقة ،لأننا فلاحون فقط،أباعن جد ؛والفلاح صبور يفضل أسلوب السلحفاة في السباق على أسلوب الأرنب ،الذي يتربص به تأبط شرا في كل منعطف. نعم عشنا سنوات رصاص لكن لن ننسى أبدا أننا عشنا سنوات خرسانة مسلحة أيضا صبت، بملا يير الأطنان في هياكل ودعامات وصواري سدود ،تغازل مياهها اليوم زرقة السماء ،حيثما يممت بوجهك. لقد أوصل هذا الأمن المائي إلى ناتج فلاحي داخلي خام يصل إلى نسبة (20%)؛ وهي مرشحة للارتفاع تبعا لتحقق فقرات برنامج المغرب الأخضر. إضافة إلى الجاهز،من التراب المسقي والبوري؛والمراعي الشاسعة في السهل والجبل ؛والغابات والجبال ،بكل ما بها من عيون العسل وسواقيها ؛وكل هذا كفيل بإطعام الدول ذوات العدد ،فان في الأرض المغربية متسعا و"منأى للكريم عن الأذى"،كما يقول الشاعر العربي ؛أذى البورصات التي تأكل أحيانا ،كالأسود، راكبيها؛وأذى بيع المال بالمال ،ربا وأضعافا مضاعفة إلى أن يتهاوى الجمل بما حمل. رأيت ذات مرة فلاحا في ضيعته يقبل حبة بطاطس ضخمة ،وهو يقول : أغلب غذاء الفقراء من البطاطس؛ ولعل مثيل هذا الفلاح في الإنتاج وحب الفقراء لن تجده ضمن صرعى البورصة أبدا. إن المملكة المغربية مقبلة على مشاريع فلاحيه ضخمة ،ولها من الوعاء العقاري ألفلاحي ،والبنية التحتية ما يجعلها مؤهلة لتكون سلة الغذاء العربية؛فلماذا نضطر للبحث عن الشريك ،والتمويلات لدى الأجنبي ؟ لديكم المال ولدينا الأرض والأفكار والسواعد؛فلماذا لا يكون زيتنا في دقيقنا ،كما نقول في المغرب؟ ويبقى حديث الثروات البحرية والسياحة والفوسفاط قصائد في الوجدان لا يتسع لها الزمان والمكان. حديث النفط: لا نحسن هذا الحديث في المغرب ؛جربنا فقط الحلم ببترول تالسينت، فتداركتنا رحمة الله اذ لم تجعل الرؤيا صادقة ،كفلق الصبح. لو داخلتنا ثروة النفط لنسينا غرس الزيتون ،ولأهملنا صيانة ضيعاتنا كما حدث ذات ثورة صناعية لدى جيراننا. كان الحسن الثاني رحمه الله فلا حا ممارسا ،لا يرضى للمغاربة غير نعمة الفلاحة؛وقد سبق أن قال بأننا ،حتى لو وجدنا البترول، سنتركه للأجيال المقبلة. لكن كل هذا لا يمنعنا من استعمال مفردات القاموس الخليجي النفطي ؛ما دام المستقبل مفتوحا على مختلف أشكال التعاون ،ولم لا العضوية الكاملة. من منا يكره أن يغادر محطة البنزين بسيارته ،وهو يحمد للخليج يوم فكر في الترفيه عن المغرب. اننا ندفع صاغرين أغلى ثمن عالمي لبنزين سياراتنا وجراراتنا ؛ولو وجدنا من يخفف عنا الفاتورة لأمطرناه الى الأبد تينا وزيتونا وبرتقالا وموزا ؛ولأعدنا اليه براميل النفط طافحة بزيت الزيتون وأركان . وقاموس النفط يغطي مجالات شتى: · لدينا نفطنا المغربي ،وان تدلل وتمنع ؛ولديكم الوصفات الكاملة لاستخراج الكنوز. · لدينا مناطق اقتصادية حرة مستعدة لأن تؤثث وفق ذوقكم. · لدينا السواعد الفتية والقوية التي تحتاجونها حيث نحن أو حيث أنتم. لعلي قد أقنعت بأن الذين تسرعوا، ولم ينظروا إلا إلى الكأس المغربية الفارغة؛ ثم جربوا أن يكونواأذكياء أكثر من اللازم ،يدلون بأم قشعم الإيرانية التي لا قبل لعرب الخليج بها ؛مما يجعل البحث عن درع مغربية للجزيرة فرض عين ؛عليهم أن يراجعوا تحليلاتهم. ان ضلعين من الأضلاع الثلاثة للثالوث الحلال مغربيان؛ والضلع الثالث قيمة مضافة خليجية. ان مواسم السياسة تتعاقب كمواسم الفلاحة ؛ولعلنا – في غمرة الحراك الشبابي العربي،المدعوم من القوى العظمى،في أمس الحاجة الى المبادرات والحلول والدروس السياسية الجريئة ،قبل أن نكون بحاجة الى الثروة. ان بورصة السياسة اليوم أعز من بورصة المال. ولكم أمثلة في ثروات طائلة لم تفد عائلة مبارك في شيء؛وحتى حينما فكرت في التنازل عنها ،مقابل العفو،كادت تشعل ثورة أخرى؛لأن موسم الخروج المشرف أو العفو فات."فاتك الغرس في مارس"كما يقول فلاحونا. أين ثروة القذافي ؛وماذا فعلت عشرات الملايير التي قدمت هدية لبعض الشعوب العربية؛وفق منطق: زه فأعطاه ألف دينار؟ هل أسكتت المطالب؟ وفي اليمن لافعل بصرف عدا الأمر: ارحل؛هل استمعتم الى يمني، وحتى سوري،أو ليبي، يطلب مالا؟ انه موسم عشق الحرية والأخلاق والديمقراطية؛فمن المؤهل ليقدم النموذج؟ ان الرسالة الخليجية للمملكة المغربية بالغة الذكاء ،طافحة بالجرأة المناسبة في الوقت المناسب؛وعساها ،وعسى الحراك العربي، عموما، يفضي بنا إلى اتحاد عربي ديمقراطي ،غني بأخلاقه أولا.