نهضة بركان يفوز على مضيفه شباب المحمدية (2-0)    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تعزز إجراءات محاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    هالا لآيت منا: في حاجة لمسيرين عقلاء    فريق المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    أخبار الساحة    نجاة 32 شخصا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان        حافلة "ألزا" تدهس شابًا وتُنهي حياته بطنجة    الاتحاد الاشتراكي يعلن اعتزازه بالمسار الذي اتخذه ورش مراجعة مدونة الأسرة بما يليق بمغرب الألفية الثالثة    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي        برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية        نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس للعلامة المختار السوسي في الفقه والتاريخ
نشر في التجديد يوم 17 - 06 - 2005

إنه لمن دواعي سرورنا واعتزازنا أن نواصل الغور في بحر خزانة والدنا لاستخراج درره النفيسة، من كتاباته العديدة المتنوعة في نوعها ومواضيعها، حتى صرنا نحتار أيا منها نختار، وعندما كان هدفنا من نشرنا لهذه المقالات الأسبوعية هو تبيان جانب من جوانب كتاباته المتعددة، ارتأينا هذه المرة أن نأتي بمسودات بعض دروسه الخاصة التي كان يلقيها لتلاميذته، وإن كان ما تحت أيدينا منها حتى الآن ليس بالكثير، وذلك لسببين: سبب أن غالبية الدروس التي كان يلقيها كانت ارتجالية، والسبب الثاني كون ما تحت أيدينا من هذه المسودات إما هي مسودات دروس كاملة، أو التي خط فيها في أوراق متعددة رؤساء كل ما يتعلق بالدرس الذي سيلقيه، وما سيقرأه القارئ هنا عبارة عن ثلاثة دروس: درس رمضاني (قوام الجسد والروح)، ثم مقدمة وبرنامج مجموعة من الدروس التاريخية عن تاريخ المغرب، مع الإتيان بأول درس منها أو (المحادثة الأولى على حد تعبيره)، ثم أخيرا درس فقهي (الطريق إلى تفهم القرآن)، وإن كان هذا الأخير لا نتوفرمنه إلا على صفحتين فقط، ولكن (يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق) وهذه الدروس استخرجناها من مسوداتها وننشرها هنا حرفيا بدون زيادة أو نقصان
(إلا ما كان من وضع عناوينها).
لقد عرف والدنا التدريس وهو لا يزال طالبا في أواسط العشرينيات من عمره، وذلك في مراكش عند أخذه من جامعة ابن يوسف، وكذلك عند أخذه من القرويين، حيث كان أستاذا متطوعا في المدرسة الناصرية في فاس، ولم يمارس التدريس بصفة رسمية إلا عندما حول زاوية والده بمراكش إلى أول مدرسة حرة عرفتها مراكش أواخر العشرينيات من القرن الماضي، هذا بالإضافة إلى دروسه العديدة في عدد من المساجد في مراكش والدار البيضاء والرباط وغيرها، بل كان يلقي دروسا في أماكن متعددة كدروسه في منفاه بتنجداد وأغبالو نكردوس وكالدروس التي كان يلقيها في الباخرة التي أقلت الحجاج عند حجته سنة 1948 م.... ولسنا هنا بصدد ذكر تاريخ معاطاته للتدريس، لأن ذلك يحتاج إلى بحث طويل ودراسة أعمق يذكر فيه أيضا منهجيته الخاصة لتوصيل المعلومات إلى تلامذته، مع ذكر شخصيته التربوية التي تحتاج لوحدها إلى مئات الصفحات لتبيان دوره التعليمي والتوجيهي والتربوي والتهذيبي و....
وأود الإشارة في الأخير أنه بينما أنا منهمك في تحرير هذه الدروس باستخراجها من مسوداتها، إذا بي أفاجأ برسالة توصلت بها من عند أحد تلامذة والدنا سيدي محمد واعل التيزنيتي من مدينة أكادير، تسلمتها من يد شقيقي أحمد رضى الله، حيث أرسلها إلى محل عمله بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وعند فتحها وجدنا بها رسالة تعبر عن الشكر لخطواتنا التي نمشيها في سبيل نشر تحف والدنا، مع قصيدة من 56 بيتا كان قائلها يود أن يشارك بها في الندوة التي كانت ستقام بمناسبة مرور أربعين سنة على وفاة والدنا، كان سيقيمها في مدينة تيزنيت أيام 4 6 دجنبر 2003 المجلس العلمي الإقليمي لتيزنيت، فتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، وقد ود قائل هذه القصيدة أن نشرف بنفسنا على نشرها له في هذه الجريدة، وقد أخذنا وعدا من عند رئيس تحريرها على أن تنشر في الصفحة الثقافية ليوم الثلاثاء القادم، وبذلك نكون قد لبينا طلب أحد تلامذة والدنا، الذي لم يبخل في التعبير عن مودته لأستاذه، واعترافا لما أسداه له.
رضى الله عبد الوافي المختار السوسي
المكلف بنشر تراث والده
نواصل في حلقة هذا الأسبوع اكتشاف جانب آخر من عطاء الشيخ المختار السوسي رحمه الله، عطاءه كمدرس موسوعي ورسالي، موسوعي بالنظر لتعدد الحقول العلمية التي عمل على تدريسها بدءا باللغة وآدابها وانتهاءا بالتاريخ مرورا بالعلوم الشرعية، إلا أن لما يلفت الانباه أكثر هو رسالية التدريس عنده، حيث لم يكن مجرد موظف ينظر للتدريس باعتباره مهنة للتكسب، بل على العكس من ذلك كان التدريس عنده رسالة سامية، وهو ما تكشف عنه مضامين الدروس الثلاث المنشورة اليوم.
فرغم تعدد محاور هذه الدروس ومجالاتها، إلا أن الخيط الرابط بينها واحد، وهو تركيز مبادئ الإسلام وجعل مشروع النهضة المنشودة مشروطا بالعمل على هداه، ورهينا بالتحقق بمفاتيحه، فلا معرفة للقرآن بدون العربية، ولم تتكون للمغرب دولة بغير رابطة الإسلام، وقبل ذلك فالدين ضروري للمجتمعات .......، وهي معاني ثلاث أعطت لدروس الشيخ بعدها الرسالي الواضح، المرتبطة بقضية واضحة ألا وهي قضية الإسلام، ونشرنا اليوم لهذه النصوص بعد مرور أزيد من نصف عقد على بعضها رسالة لنا اليوم جميعا، وخاصة منا المشتغلون في التعليم على اختلاف أسلاكه.
برنامج ومقدمة دروس تاريخية حول ماضي القطر المغربي
الحمد لله وحده
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
1
جو مشرق وصحو يكاد يقطر غضارة، وتربة مخصبة، وجبال شامخة تمتد من الغرب إلى الشرق، تتوجها في غالب الفصول أكاليل بيضاء من ثلج براق وضاء، حواليها بسائط يكل الطرف دون أفق في كل ناحية من نواحيها، تتصل غربا وشمالا بسواحل تداعب الأمواج سهلة المرافي، تزخر فيها سفن أوربة وأمريكة بالصادرات من خيرات الغلل والمعادن، كما تموج فيها بزوارق الصيد التي تجد منه ما ربما يعوزها من غيره.
ما هو ذلك القطر الذي له هذه المميزات؟ إنه المغرب الأقصى الذي يحده شمالا بحر الظلمات (الأطلانطيكي) ومجاز الزقاق والبحر الأبيض، وجنوبا بالصحراء الكبرى، وغربا بحر الظلمات أيضا، وشرقا القطر الشقيق الجزائر، الذي لا يفصل ما بينه وبين هذا القطر إلا حدود مصطنعة هي إلى الوهم أقرب منه إلى الحقيقة الناصعة.
في بلدك هذا أيها المغربي المتعلم ما لا ينبغي لك أن تجهله عن ماضيه، إن كنت تعلم حقيقة العلم حاضره هذا الذي أنت تعيش فيه.
2
ماضي هذا القطر العزيز ماض مجيد حافل بروائع الأعمال الجليلة، قامت فيه دول وسقطت، وعمرت فيه مدن وخربت، ونال أحيانا من الغلبة على ما حواليه ما أحنى أمامه الهامات، وولى إلى وجهاته النظرات، كما أضنى عليه الدهر في بعض الأطوار، فداسته حوافر أمم ابتسم لها الدهر، بمقدار ما عبس في وجهه، وكذلك توالت عليه عصور مشرقة بالمعارف، وأخرى مظلمة سوداء حتى لا يرى فيها بصيص من نور، والدهر أبو العجائب، وبتقلب الأحوال على الأمم تترقى الأفكار، وتتهذب الشعوب، وتقدر الأقطار أن تشق طريقها بين جيرانها إلى المدنية الحق، التي هي زبدة العمران ونتيجة المعارف، وغاية رقي الأفكار.
3
للمغرب ثلاثة أطوار متباينة غاية التباين:
1 طور ما قبل القرن الخامس عشر الهجري، أي ما يقابل التاسع قبل الميلاد.
2 وطور ما بين هذا العهد إلى منبثق فجر الإسلام على شمال إفريقية في آخر القرن الأول الهجري.
3 وطور ما بعد تشبع سكان هذا القطر بمبادئ الإسلام.
فبمعرفة مجمل هذه الأطوار الثلاثة، وبإلقاء نظرة على تأثيرها في سكان هذا القطر المجيد، يدرك المتعلم المغربي ماضي وطنه كما يشاهد الآن حاضره بين يديه.
4
على أننا إذا أردنا أن نبسط الكلام قليلا، وأن نقنع المتعلم ببعض تفاصيل توسع مجالات نظراته الأولى على هذه الأطوار الثلاثة، فلا بد أن نرسم أمامه هذا الجدول المفصل، ليجعله في كل ما يأتي نصب عينيه، فعلى محوره تدور المحادثات الآتية التي نتمشى فيها مع التلميذ شيئا فشيئا، حتى يخرج منها وقد ألم بمجمل ما نريد أن يلم به في هذه العجالة:
لب الطور الأول
1 ما قبل القرن الخامس الهجري، أي ما قبل القرن التاسع الميلادي.
لب الطور الثاني:
2 عهد الفينيقيين 3 عهد الرومانيين 4 عهد الونداليين 5 عهد البيزنطيين.
لب الطور الثالث
6 منشأ دولة الإسلام وفتح المسلمين لهذا القطر 7 عهد الولاة الذين يأتون من خلفاء الإسلام في المشرق. 8 دولة الأدارسة. 9 دولة المدراريين. 10 دولة البرغواطيين. 11 عهد تجاذب المغرب بين المروانيين والعبيديين. 12 المغراويون. 13 اليفرنيون . 14 نظرة على المغرب في أواخر هذا العهد. 15 اللمثونيون.(*) 16 الموحدون . 17 المرينيون. 18 الوطاسيون.
19 نظرة على المغرب في أواخر هذا العهد. 20 السعديون. 21 أمراء الزوايا. 22 العلويون ( خلد الله ملكهم).
إن جعلت بين عينيك أيها المتعلم الطُّلعة، هذا البرنامج في تفهم تاريخ بلادك هذه، ثم عرفت ما سيتلى عليك مما نسلك فيه طريقة بسيطة لعلها تأخد بلبك، وتفتح أمامك سبلا معبدة إلى التبسيط في محادثات عليا أفيح وأوسع وأكثر بسطا وتفصيلا، خرجت من المحادثة الأخيرة بالمعلومات التي أحب لك أن تلم بها إلماما.
1 المحادثة الأولى:
أتدري في أي عصر أنت الآن من بين العصور الكبرى التي تؤرخ بها حياة الإنسانية على ظهر هذه الكرة الأرضية، أم أنك لا تفقه ما أريده بهذه العصور؟
أو لست تدري أن الإنسان الأول كان مثله مثل الحيوانات الأخرى التي تزاحمه بين الغابات المتكاثفة على ظهر هذه البسيطة في عهد الإنسان الأول، عريان لا يلبس شيئا إلا ما يخصف به من أوراق الأشجار على أسافله، ولا يكنه بيناه هكذا ولا كان في يده ما يدافع به الحيوانات المفترسة، كالأسود والفيلة والأفاعي، إنما كان من عقله الفطري الساذج، فإليه وحده يلتجئ كلما حز به هم، أو داهمته شدة، ولكن بهذا العقل الساذج قدر أن يندرج شيئا فشيئا بكثرة التجارب التي تدفعه الاتقاء أو الاستعداد، فنال أولا بعقله هذه المبادئ المدنية الأولى ساذجة بسيطة، فاستخدم ما تناله يده من الأحجار في مهماته، فبها يقطع الأشجار وبها يحارب، فاصطلح المؤرخون أن يسموا ذلك العصر العصر الحجري، ثم ترقت مدارك الإنسان ونمت حدة عقله بطول تجاربه على تطاول الأزمان، فاستطاع أن يكتشف تكوين النار فيطبخ بها، كما استطاع أن يقف على الانتفاع بأجزاء الأرض، فلم ينشب أن صنع الحديد فكان أهم ما اهتدى إليه، فصار الآن يستعمل أدوات القطع والمدافعة عن نفسه من الحديد، فسمى ذلك العصر العصر الحديدي، ويقصد بذلك المؤرخون كل العهود التي تستخدم فيها المعادن منذ اخترع
التعدين على يد السرقيين، فكان العصر الحديدي أطول العصور، فقد امتد إلى العصر الذي اكتشفت فيه قوة البخار، فتسير به السفن والقطارات، فصاروا يقولون أيضا العصر البخاري، وهذا العصر غير بعيد عنا، فقد اكتشف تأثير البخار قبل عصرنا هذا بنحو مائة وخمسين سنة لا غير، ثم لم تنشب الإنسانية أن ظفرت أيضا بفتح جديد، فقد أتيح لها من الكهرباء قوة عظيمة ذلل الإنسان بها ما كان يظنه يستعصي عليه أبد الآبدين، فقيل أيضا العصر الكهربائي، وهو عصرنا هذا الذي لم يكد يستتم إلا ثلث قرن فقط حتى جاءنا ما هو أعظم وأدهش من عالم الذَّر، فنحن الآن نعيش في العصر الذري منذ ثلاث سنوات، فهكذا تعد الإنسانية في تاريخها خمسة عصور:
1 العصر الحجري 2 العصر الحديدي 3 العصر البخاري 4 العصر الكهربائي 5 العصر الذري.
أو لست تجيبني الآن أيها المتعلم بأنك الآن في أعظم عصر وصلته الإنسانية في خطواتها إلى المدنية والرقي والاستحواذ على ناصية كرة الأرض، وهو العصر الذري الذي فاجأتنا به الاكتشافات الأخيرة.
تحت ضوء هذه العصور تجول نظرات المؤرخين متى كانوا يبحثون في الأمم قديمها وحديثها، ولذلك نجول جولتهم في إلقاء نظرة حول قطرنا هذا، ولا يهمنا الآن إلا ما يتعلق بالعصر الحجري والحديدي، نريد أن ننظر هل لهذا القطر ذكر فيهما كما كان لبعض الأقطار كمصر وبابل والهند...؟
يقطن هذا القطر من قديم هذا الجيل الذي اصطلح الناس أن يسموه البربر، ولم يعرف على التدقيق تاريخه إلا بعض آثار ضئيلة من بقايا العصرين: العصر الحجري والعصر الحديدي، وهو صفر من كل مدنية، وربما لم يكن له إلا بعض معارف قليلة تسربت إليه من مصر، مهد المدنية القديمة ومنبع المعارف التي أمدت اليونان وغيرهم فيما بعد.
فحين كان التاريخ لا يستمد عن ذلك العصر إلا من الحفريات والتماثيل، فإن هذا القطر يقل فيه ذلك كل القلة، إلا بعض نتف لا تسمن ولا تغني من جوع.
أما أصل هذا القطر وهذين القطرين الشقيقين الآخرين الجزائر وتونس، فقد توفرت الآن عند المنصفين أدلة وحجج وبراهين تدل على أن أصلهم من آسية، فهم موجة من الموجات التي سالت من آسية إلى أوروبة وإلى إفريقية، وقد وصل البحث النزيه إلى أن البربر ساميون من إخوان العرب، يشهد لذلك، زيادة على ظواهر تاريخية، الاستواء في العادات وتقارب اللغتين: لغة العرب ولغة البربر، فكلتاهما لغة الضاد، فكما يوجد حرف الضاد في العربية يوجد في لغة البربر سواء بسواء، وكذلك مخارج الحروف فلا فرق بينهما، وقد قابلنا هذا نحن في اللغتين في هذه الناحية، زيادة على وجود آلاف من الألفاظ العربية في الشلحة (1) لا يمكن في غالبها إلا أن يحكم بأنها كانت معروفة عن البربر قبل اتصال البربر والعرب بالإسلام، وهذه الناحية أيضا أطلنا فيها النظر حتى اقتنعنا بهذه النتيجة بنزاهة من يعرف أن الناس تتكافأ دماؤهم، وأن لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، وأن الناس كلهم من آدم وآدم من تراب.
لم يعرف عن البربر قبل الخامس عشر الهجري (أي منذ حوالي ثلاثين قرنا) خبر لا عن دولهم ولا عن أحوالهم، ولا عن أية ناحية من نواحي تفكيرهم إلا ما يؤخذ استنتاجا من حفريات قليلة الجدوى، ومن بعض تماثيل لصور آلهة تدل على أنهم يعبدون ما كان يعبده المصريون من الحيوانات، فلا مدن ولا عمران ولا معارف، ولا مدنية إلا ما لا بد أن لا يخلو منه أي إنسان يجاور مصر وما إليها من الأمم الراقية إذذاك.
* : والمقصود: المرابطون
1 لوالدنا مؤلف لا يزال مخطوطا عنوانه الألفاظ العربية في الشلحة السوسية، راجع ما كتبناه عنه في الطبعة الثانية من دليل مؤلفات ومخطوطات العلامة رضى الله محمد المختار السوسي، ص ,24 الرقم التسلسلي ,84 وكذا الرقم التسلسلي ,113 ص 32 عن مقالة له في هذا الموضوع الناشر
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
هناك من أدلة الأقوال التي يستدل بها في باب التشريع ثلاثة: الكتاب السنة الحديث القدسي المنقول إلينا تواترا.
1 القرآن لغة: مصدر قرأ قراءة وقرآنا، واصطلاحا: الكتاب المنزل للتدبر على سيدنا محمد المكتوب في المصحف.
2 كله متواتر، وفيه قراءات كثيرة، والسبع أو العشر هي المتواتر، بمعنى تواتر المجموع لا الجميع، فإن بعض الحروف من السبعة آحاد على التحقيق، وهو أمر مجمع عليه: أبو عمرو، نافع، عاصم، حمزة، الكسائي، ابن كثير، ابن عامر، يعقوب، أبو جعفر، خلف (ضعيف).
1 موافقة الخط المصحفي 2 موافقة العربية 3 صح إسناده.
كون القرآن منزلا على سبعة أحرف حمله بعضهم على اختلاف اللهجات، وعنه: >أقرأني جبريل على حرف فلم أزل أستزيده حتى أقرأني على سبعة أحرف<.
البسملة آية بلا ريب في سورة كذا، وهل هي آية في كل سورة، التحقيق أنه يكفي في كونها آية هناك كتابتها في المصحف.
3 المحكم والمتشابه: منه آيات محكمات وأخر متشابهات:
المحكم : ما دل دلالة واضحة بالوضوح التام أو بالتأويل.
والمتشابه: ما دل دلالة غير واضحة عندنا، وقد استأثر الله بعلمه، كخواتم السور، وآيات الصفات، فيدخل المجمل والمشترك في المتشابه، ويفرق بينهما بأن المحكم يجب العمل بما علم منه، وأما المتشابه فلا يتعلق به عمل، لأنه لم يدل عندنا على شيء معين، وإنما اعتقاده حقا والإيمان به كما هو عين العمل به.
4 جاء القرآن عربيا مبينا، تقمصت مقاصده كلها في التعارف بين العرب إذ ذاك في لغتهم، من المجازات والكنايات والمعرِّبات، ولهذا صار كل من يريد أن يتفهم معاني القرآن أن ينظر كيف معاني العربية، وكيف يؤديها ألفاظ العرب حينئذ، وقد فهم العرب القرآن فهما طبيعيا سليقيا لما سمعوه، ولذلك تأثروا بخطاباته البارعة، وتعجبوا غاية التعجب من تلك المقاصد الجديدة التي تقمصت ألفاظهم التي تجري معانيها فيهم مجرى الأنفاس، ولكون القرآن عربي الألفاظ والمعاني، وقع تعجيزهم في أن يأتوا بمثل أدنى سورة منه، حيث يسوق أمثال مقاصد القرآن في ألفاظهم وفي معانيهم على الدرجة التي يتسامى إليها بلغاؤهم إذذاك، وقد قرعهم القرآن غاية التقريع حين حكم عليهم بالعجز التام، فكل من يتذوق العربية تذوقا صحيحا، فقرأ القرآن يبهر في الحين، بما يحس به من الروعة التي تتفاوت في نواحيه وفي مناحيه، ومن لم يتذوق هذا فذلك أكبر دليل على أنه مازال يجهل روح العربية البليغ.
ولإدراك هذه الروح العربية الرائعة من القرآن مدخل عظيم في الاستنباط منه، ولا يمكن أن يتفهمه كمستنبط إلا من ضرب في التشبع من بلاغته بسهم مصيب.
5 ثم إن هناك أمورا كثيرة يحتاج الأصولي إلى إتقانها حول القرآن، من معرفة مكيه ومدنيه، ومن أسباب النزول ومن المتقدم والمتأخر، والناسخ والمنسوخ، والخاص من العام، والمطلق من المقيد، ومن معرفة ما نزل مفرقا وما نزل جمعا، وما هو الموصول لفظا المفصول معنى من غيره، والتفسير المأثور من غيره، ومن إتقان إعرابه، فإن على اختلاف الإعراب تنبني المعاني الكثيرة، وبعد كل هذا فإن للقرآن أسلوبا جديدا في فواتح كلامه وفي خواتمه، وفي أسجاعه أو فواصله، وفي مناسبات آياته.
ومجمل الكلام أن القرآن الذي هو محور التشريع هو الأصل الأصيل لينبوع كل ما طلع به الإسلام على العالم من مبادئ جديدة، وأفكار اجتماعية، وأسس الحكم، ومعاقد المعاملات الشخصية والاجتماعية، فبقدر ما يمعن الباحث النظر، ويستحضر تلك البيئة الأمية الجاهلة المتفككة، الساذجة التفكير، يتعاظم ذلك الكتاب العالمي العظيم، الذي كان وجوده في هذا الكون حادثا جديدا، بين زمانين من الأزمان، التي تقطعها الإنسانية وتجتازها الحضارة إلى المكانة السامية التي تنتظرها.
درس أصولي فقهي..الطريق إلى تفهم القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
تكون الإنسان من روح وجسد، فكما أن استقامة أحوال الجسد واتزان أفعاله يدلان على أنه جسد صحيح سليم، كذلك استقامة شعور الروح بِحُسن تفكيره، وسداد تمييزه يدل على أنه روح صحيح سليم، وكما أن للجسد قوتا يتقوى به ويدوم على نشاطه، كذلك للروح قوت يتقوى به ويدوم به نشاطه، فلون الجسد وضربات نبضه هما مقياس سلامة الجسد من العوارض، والشعور الحي والتفكير المستقيم والاتصاف بالأخلاق الفاضلة مقياس سلامة الروح أيضا من العوارض، والإنسان حيوان من الحيوانات من جهة أنه يأكل ويشرب وينام ويتأثر بعوامل ما يسره وما يضره، ولكنه من جهة أخرى يشعر أن له فوق حيوانيته ضميرا وعقلا وإرادة يفوق بها غيره من الحيوانات.
حقا إن قوام الأجساد يكون بالطعام والشراب، سواء أجساد الفلاسفة وأجساد البدائيين، اقتنع الجميع بذلك فيبذل كل واحد جهوده في أن يوجد لجسد ما يكون به قوامه، فيكد طول النهار ويرتحل من قطر إلى قطر ويغص في البحار، ويطير في الجواء، وذلك كله ليضمن لجسده قوامه، ولكن إن اقتنع الناس كلهم بهذا إزاء أجسادهم ، وبذلوا كل جهودهم في تحصيل ما تقوم به أجسادهم، فماذا يا ترى يعملون إزاء ما تتغذى به أرواحهم لتحيا ضمائرهم، وتستنير عقولهم، وتشحذ عزائمهم ، وتتكون لهم إرادة قوية تتحمل تكاليف الحياة، وتقاوم صدمات الزمان التي تحيط بالإنسان في كل خطوة خطوة.
ترى أنصاف العقلاء وإن كانوا عند أنفسهم أعقل الناس يظنون أن قوام الأرواح وانشراحها الدائم، يكون بالتفاني دائما في لغو الحديث، أو مواقع الغرام أو ميادين اللهو، أو امتلاك الثروة، أو العزة بالجاه، أو التعالي على العباد، ولكن العيان يرينا أن أبعد الناس عن طمأنينة الأرواح غالب هؤلاء ممن قصروا كل أوقات فراغهم من أعمالهم الضرورية على هذه، فكثيرا ما تراهم في نكد وضيق وحرج حتى يتمنى بعضهم أن يطلق روحه التي أخذ ضيقها عليه بالاكضام، فيبادر إلى الانتحار، وبقدر ما يبذلون جهودهم في كسب مقتضيات الأجساد يعرضون كل الإعراض عن مقتضيات الأرواح، كأنهم لا يشعرون أنهم متكونون من الجسد والروح معا، بل غلبت المادية على الحياة العصرية، حتى صار هذا الحديث عندهم شعوذة وإسفاف تفكير، فيسمون ذلك رجعية من آثار القرون الوسطى، ولكن أبى الله إلا أن تبقى في الأمم بقية تصيخ فتهتدي فتتبع أحسن الأقوال.
إن الله الذي خلق هذا الكون وخلق الإنسان، وهداه النجدين وغرف مصالحه، كما مَنَّ عليه بما يقوم به جسده مَنَّ عليه بما تقوم به روحه، فكما أوجد بفضله ما تتقوى به الأجساد أوجد أيضا ما تتقوى به الأرواح، فكان التدين هو الملاك الوحيد لروح الإنسان وقلبه وضميره، فما الشرائع السماوية الموافقة للعقول السليمة كل ما تتوقف عليه حياة روح الإنسان وقلبه وضميره، فكل من تدين عن علم، وعن اعتقاد جازم، ووضع أوامرالدين مواضعها، فإن شعوره يشع على حياته إشعاعا لا يغادر ضنكا ولا حرجا ولا تلويا في التفكير.
المسلمون يومنون بأن أصل الأديان كلها من منبع واحد، وأن دين آدم أول الأنبياء، ودين محمد بن عبد الله آخر الأنبياء، عليهما الصلاة والسلام، شيء واحد، وما كانت أوامر الدين ونواهيه إلا لمنفعة العباد، ليستمدوا الحرية وسمو التفكير، والشعور بأنهم من الملإ الأعلى، لا من الحيوانات السفلى التي لا يتعدى همها شهوات خاصة، فكل من اعتقد اعتقادا يملك عليه لبه أنه عبد الله وحده، وأن الله هو المتصرف وحده، يكون حرا إزاء غير الله، فلا يخشى بقلبه أحدا ولا يرجو غيبيا سواه أبدا، فهكذا تكون حرية الإنسان في نفسيته أول ما يستفيده من التدين، ثم إن اعتقد اعتقادا جازما أن هناك حياة أخرى يشاهد بأم عينه الأدلة الواضحة على أنها موجودة، بلا ريب عند مطلق العقلاء، واعتقد أنه واقف أمام خالقه وحده، يسأله عن النفير والقطمير، يجتهد أن يصفي حسابه في هذه الحياة الأولى، قبل أن يقف ذلك الموقف، فلا يظلم ولا يخيس ولا يعتسف، ولا يفرط في ما نهجه له دينه إزاء أهله وأمته والإنسانية جمعاء.
هذا هو أصل الأديان، وهذا هو لبها، وأما واجبات الأديان التي تأتي وفق كل عصر، فإنها تابعة لهذا، وكلها تحوم حول تلقيح هذا، وتركيز مبدئه في قلوب المؤمنين، فهذه المبادئ الدينية هي التي تتقوى بها الروح، وهي ملاك حيائه، وهي التي تفسح له عالم الملكوت حتى لتجد أفقر الناس وأضعفهم من المتدينين أعز من الأغنياء، وأقوى من العمالقة.
وبعد، فما الصلاة وما الصوم اللذان تترقى بهما الأرواح من المومنين، وتعتلي بهما عن الحيوانية المسفة التي لا تعرف إلا ملذات بهيمية، إلا مشاحذ للأرواح، ومصاقل للقلوب، ومقويات للإرادة، فما الصلاة بالانحناء والارتفاع، وما الصيام بالجوع من الفجر إلى المغرب، بل الصلاة أن يرى المصلي نفسه واقفا أمام ربه، مثل ذلك الوقوف الذي سيقفه أمامه غدا، فيستحضر عظمته، وأنه مراقب دائما، ولا ريب أن من يمثل هكذا أمام ربه خمس مرات في اليوم، أو ليس أن شعور مراقبته الله تعالى له في كل وقت يغلب عليه، فلا يسر ولا يفعل وحده ما يعلم أن ربه يؤاخذه عليه، فلا يكذب ولا يخون ولا يعسف عن الصراط السوي، فهذا من معنى الصلاة، وكذلك الذي يرى الصيام هو الانقطاع عن كل منهي عنه، زيادة عن الأكل والشرب وما إليهما، فلا يخاصم ولا يغتاب ولا يشتغل بما لا يعنيه، فإنسان دام على ذلك ثلاثين يوما، أو ليس أنه تتربى فيه ملكات الفضيلة، وقل مثل هذه في الزكاة، فالإنسان إذا ألف أن يخرج من حر ماله إلى المساكين جزءا معلوما بإخلاص، فإن لذة الإخلاص تفتح له باب التلذذ بالبذل، حتى لا يكاد يستطيب أن يبيت ريان شبعان، وجاره أو صاحبه أو أحد أبناء أمته، أو
أي أخ من إخوانه بالإنسانية العامة غرثان يتلوى جوعا، وهكذا تصير واجبات الدين منافع للفضيلة والرحمة ومكارم الأخلاق، وأي شيء يمكن معه التعايش السلمي بين جميع الأمم، إلا إذا سادت هذه الأخلاق التي ترى الدين نهج إليها مناهج مستقيمة.
إن الدين ضروري في المجتمعات، يحس بذلك كل عاقل، ولذلك نرى حتى أهل الحضارة الغربية المادية، يسعون كل السعي في إحياء روح الدين في مجتمعاتهم، رغم ما وصلوا إليه من الرقي والنظام والتقدم، فينفقون في ذلك أموالا عريضة، ويعقدون لذلك مجتمعات كثيرة، كما نسمعه عن مجتمعات التسلح الخلقي.
فما لنا نحن أهل الحضارة الشرقية، التي أسست من أول يوم على هذه الروح، صرنا نزهد شيئا فشيئا في هذا الدواء العظيم لأرواحنا وقلوبنا وضمائرنا، بل ما لنا أهل المغرب أصبحت هذه الروح تضعف فينا اليوم، مع أن قطرنا هذا لم يكن له وجود، ولا نكون كدولة بين الدول إلا بعد اعتناقه لهذا الدين الحنيف، أم يظن ظانون أنه يمكن اليوم اجتماع قلوب الأطلسي والفلالي والسوسي والفاسي والشاوي بغير رابطة هذا الدين. ففي كل سنة تطل علينا فرصة يمكن لنا أن نستجد فيها نشاط أرواحنا، وتماسك قلوبنا، وجلاء ضمائرنا، والمسامحة فيما بيننا، ووضع اليد في اليد للتعاون، وهذه فرصة أخرى جديدة سنحت اليوم بدخول هذا الشهر المبارك الذي يصفي القلوب، ويستنبط الرحمة من الصدور، إن صيم كما يقترح الإسلام، بالتحفظ من الوقوع في كل ما لا ينبغي، إخلاصا لوجه الله الكريم، فالله ينادينا أيها المسلمون بقوله: (ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات، فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له، وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون، شهر رمضان
الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)، (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، فليستجيبوا لي وليومنوا بي لعلهم يرشدون)، (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، هن لباس لكم وأنتم لباس لهن، علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم، فالآن باشروهن وابتغوا ماكتب الله لكم، وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثم أتموا الصيام إلى الليل، ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد، تلك حدود الله فلا تقربوها، كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون) صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.