على بُعد أسابيع من موعد الانتخابات التشريعية في 7 أكتوبر، وبعد انطلاق الترشيحات في اللائحة الوطنية الخاصة بالنساء والشباب؛ تجّدد النقاش بخصوص ديمقراطية هذه الخطوة التي تم إقرارها خلال انتخابات 2011. وإذا كانت هذه الخطوة جاءت من أجل تحفيز النساء على ولوج باب البرلمان، ورفع تمثيليتهن داخل المؤسسة التشريعية، واختصار المسافات على المرأة قبل أن تصل إلى قبة البرلمان؛ فقد وجهت انتقادات إلى هذا الإجراء، لكونه "تكريسا لخدمة فئات معينة دون أخرى في ظل غياب الديمقراطية داخل الأحزاب المغربية". تعزيز صراعات فاطمة أوحساين، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، ترى أن اللائحتين الوطنيتين للنساء والشباب جاءتا في سياق تعزيز المناصفة وإدماج الكفاءات الشبابية والنسوية، ولم يعد المغرب في حاجة إلى هذا الإجراء في الوقت الحالي. وأوضحت عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية أن الوقت حان لأن تؤطر الأحزاب شبابها ومناضليها بعيدا عن اللوائح، على اعتبار أن زعماء الأحزاب حاليا وقيادييه مارسوا السياسة وهم شبابا. واعتبرت أوحساين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مثل هذه اللوائح تعزز الصراعات الحزبية من أجل التموقع وتستنزف الطاقات وتخلق المشاكل والنعرات، مؤكدة أن هذه الصراعات داخل الذراع النسوي للأحزاب السياسية أو بين شبابها ستؤدي إلى ابتعاد المناضلين عن تأطير المواطنين والاستماع لقضاياهم، مقترحة أن تقوم الأحزاب السياسية بمحاولة إدماج المنتسبين إليها عبر التموقع داخل هياكلها الحزبية والنزول للميدان. تجديد النخب عادل بنحمزة، النائب البرلماني عن حزب الاستقلال، أبرز أن الحديث عن اللائحة الوطنية لا يمكن أن يتم بمعزل عن السياق الذي جاء فيه؛ ذلك أن النساء والشباب يعتبران مكونين مهمين داخل المجتمع المغربي ويبقيان خارج دورة تجديد النخب، بسبب الارتباط الجدلي بالمكانة السيوسيو اقتصادية لهاتين الفئتين والرؤية النمطية لهما. وأضاف بنحمزة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الطابع الانتخابي الذي يهيمن عليه النفوذ والمال والوجاهة لا يساعد على وصول النساء والشباب إلى قبة البرلمان، داعيا إلى الفصل المنهجي بين الآلية وتدبيرها، متوقعا أن تظهر لوائح تضم عددا من التجاوزات، ومشيرا إلى أن قادة الأحزاب هم من يقررون في اللوائح الوطنية. أزمة ثقة من جهته، أكد مهدي بنسعيد، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، على ضرورة الإبقاء على اللائحة الوطنية للشباب والنساء، عازيا الأمر إلى أن الجيل الجديد من السياسيين لا يحظى بالثقة داخل الأحزاب السياسية، مستطردا: "لولا اللائحة لما ضم البرلمان المغربي نساء وشبابا". وأفاد بنسعيد، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن البرلمان المغربي يضم 67 نائبة برلمانية، "بدون اللائحة الوطنية ما كان عدد البرلمانيات لتجاوز 7، في وقت تشكل فيه نسبة النساء في برلمانات الدول المتقدمة أزيد من 30 في المائة"، وفق تعبير المتحدث الذي تابع أن المشكل يكمن في غياب الديمقراطية الداخلية وطرق اختيار الأسماء التي ستتضمنها اللائحة. منهجية إقصاء أمنية العمراني الإدريسي، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، ترى أن اللائحة الوطنية أسهمت في إبراز فعاليات نسائية وطاقات شابة ما كانت لتظهر لولا اللائحة، مؤكدة أن المشكل يكمن في المنهجية أو الطريقة التي يتم بها الانتقاء وليس في اللائحة الوطنية بحد ذاتها. وأفادت العمراني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن الأحزاب لو كانت تتوفر على ديمقراطية داخلها لبَرَزت طاقات نسائها وأبن عن حضورهن ودورهن الفعال؛ غير أنه في غياب هذه الديمقراطية وغياب المساواة وعدم التمييز ما زالت اللائحة الوطنية دون مستوى التطلعات التي وضعت من أجلها. وأشارت النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية إلى أن المرأة تظل مقصية أمام الرجل ولو كان أقل منها كفاءة، خاصة أن المجال السياسي يفتقر لأي معايير ثابتة. تمييز في غير محلّه عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، اعتبر أن اعتماد لوائح الشباب والنساء باعتبارها لوائح استثنائية "تمييز في غير محله" من الناحية المبدئية الديمقراطية، مشيرا إلى أن الدول الديمقراطية لا تلجأ إلى هذا النوع من اللوائح. وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض أنه لا بأس من اعتماد لوائح النساء دون الشباب في الدول المتأخرة ديمقراطيا، على اعتبار أن كل العوائق الممنهجة التي حالت دون مشاركة المرأة هي انتخابية، اجتماعية أو قانونية. وقال العلام، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن العمل بلوائح النساء من أجل تعود المواطن على مشاهدة المرأة في البرلمان وفي الحقل السياسي عموما اتخذ منحى آخر؛ فبدل أن تكون مؤقتة على أن يتم العمل بها بصفة استثنائية ويتم تجاوزها، أصبحت لائحة دائمة ومكرسة. وانتقل الأستاذ الجامعي إلى لائحة الشباب التي يرى أنه لا داعي لوجودها، على اعتبار أن هذه الفئة لم تهمش ولم يتم إقصاؤها. وأبرز المتحدث ذاته أن قلة من الشباب من استطاعوا إعطاء دفعة إيجابية للمؤسسة التشريعية، موضحا أن الشيوخ يملكون دورا بارزا في وضع اللوائح الانتخابية؛ وهو ما يجعل دور الشباب باهتا. وأضاف عبد الرحيم العلام أن اللوائح الانتخابية اتخذت مسارا عكس ما أراد لها المجلس الدستوري الذي أقر هذه الخطوة، لافتا إلى أن الإشكال في مضمونها كذلك حيث يتم وضع اختيارات لقريبين من المركز والرباط بدل الاعتماد على لوائح جهوية لضمان مشاركة أكبر عدد من النساء والشباب من الهوامش بعيدا عن محور الرباط والقنيطرة.