مازالت الأصوات المطالبة بإلغاء اللائحة الوطنية من البرلمان المغربي تتعالى، وذلك بعدما أعلنت وزارة الداخلية توجهها نحو تقديم مقترح للأحزاب السياسية، بمناسبة الانتخابات البرلمانية التي يرتقب أن تجرى في السابع من أكتوبر المقبل، بإعادة النظر فيها، وذلك بحذفها وإلحاقها بلائحة النساء أو الدوائر الانتخابية. وأخذت المطالب التي تعرف نشاطا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعية بعدا مؤسساتيا، وذلك بتوجيه العديد من الفعاليات الجمعوية والحقوقية مراسلات إلى رئيس الحكومة، ووزير الداخلية، وزعماء الأحزاب السياسية، لمطالبتهم بالاستجابة للدعوات، وبالتالي إلغاء هذه اللائحة، باعتبارها "ريعا سياسيا يضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين". وفي هذا الصدد راسل المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية وزير الداخلية، محمد حصاد، يطالبه بإلغاء اللائحتين الوطنيتين للنساء والشباب، احتراما لروح الدستور، وذلك قبل إجراء الانتخابات التشريعية الثانية بعد الدستور المغربي. وجاء في الرسالة، التي تتوفر عليها هسبريس: "لا يخفى عليكم السيد وزير الداخلية أن هاتين اللائحتين كانتا إجراء مؤقتا لمرحلة محددة زمنيا، وليستا مقتضى دستوريا"، موضحة أنهما "تعتبران اليوم مساسا بمنطوق وروح الدستور". وذكّر المركز الحقوقي المذكور بأن "دستور المملكة المغربية يؤكد على مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز تحت أي ذريعة كانت"، وذلك عندما نص في الفصل السادس منه على أن "تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية". من جهة ثانية، دعا المرصد الحقوقي إلى تفعيل المقتضيات الدستورية القاضية بحظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة، أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان، مخاطبا الوزير حصاد بالقول: "إنكم تمثلون السلطات العمومية ذات العلاقة بالقوانين الانتخابية، لذلك نتوجه إليكم من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية للإلغاء التام والفوري لهاتين اللائحتين". وإذا كانت اللائحة الوطنية للنساء تعرف نوعا من التعاطف بالنظر إلى كونها نوعا من التمييز الإيجابي لصالح المرأة، وذلك تفعيلا للمقتضيات الدستورية الداعية إلى السعي نحو المناصفة، فإن هناك شبه إجماع على كون لائحة الشباب تعد نوعا من الريع، لكونها تخضع لمنطق القرب من الزعامات السياسية. عبد الله الصيباري، الكاتب الوطني للشبيبة الاتحادية، سجل في تصريح لهسبريس أن "إلغاء اللائحة الوطنية للشباب يعد نقاشا مغلوطا"، موضحا أن "الوثيقة الدستورية تتحدث عن المشاركة السياسية للشباب، وهو الأمر الذي أكد عليه القانون التنظيمي لمجلس النواب، باعتباره جزءا من الكتلة الدستورية". ونبه المسؤول عن شبيبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى أن النقاش المثار حاليا حول اللائحة الوطنية "فيه نوع من التمويه ومحاولة لرسم صورة على أن السياسية انتهازية وآلية الريع"، مبرزا أن "هذا الأمر غير صحيح، لأن غاية المشرع هو التمكين للشباب من المشاركة السياسية". وطالب المسؤول الشبابي وزارة الداخلية، إن كانت فعلا تريد حذف هذه اللائحة، أن تقدم مبررات مقنعة، وذلك عبر فتح قنوات التواصل مع الشبيبات الحزبية، معلنا رفضه الحديث عن الريع بمنطق فئوي واستهداف الشباب عبره. وردا على الاتهامات التي تلاحق طرق تدبير القيادات السياسية للائحة، قال الصيباري، لجريدة هسبريس الإلكترونيّة: "الآلية المعتمدة ليست بالديمقراطية المطلوبة، ولكن الشباب لا يمكنه أن ينافس على مقاعد البرلمان من الدوائر المحلية، بحسب ما هو متوفر حاليا في الساحة السياسية المغربية"، مبررا ذلك ب"كوننا دولة فتية في الديمقراطية". وبعدما شدد الصبياري على أن "أولاد عبد الواحد ماشي واحد"، بتعبيره، لفت الانتباه إلى أنه "لا يمكن خلق نوع من الصراع بين النساء والشباب في اللائحة؛ لأن قضية النساء قضية وطنية"، مشيرا إلى أن الحزب الذي ينتمي إليه اعتمد خلال التجربة الأولى من اللائحة المؤسسات للحسم فيها، عبر اللجنة الإدارية والمكتب السياسي.