في ظل الاستعداد الذي أبدته وزارة الداخلية لتقديم مقترح للأحزاب السياسية، يهدف إلى إلغاء اللائحة الوطنية للشباب، التي تمنح 30 مقعدا للشباب في المؤسسة البرلمانية، تجدد الجدل حول هذه اللائحة، بين من يعتبرها ريعا سياسيا، ومن يرى فيها نوعا من تأهيل الشباب لدعم مشاركتهم السياسية. وفي الوقت الذي اعتبرت العديد من الأصوات أن اللائحة المذكورة بمثابة ريع سياسي يوزع بشروط على المقاس داخل ردهات المقرات المركزية للأحزاب، ويتم إسقاط الشباب داخل لوائح الترشيح عشية الانتخابات، سجل آخرون أن العديد من الأحزاب استفادت من أطرها الشباب في هذا المجال. واستدل المدافعون على نجاعة اللائحة الوطنية بكونها أنتجت جيلا جديدا من السياسيين الشباب، الذين بصموا على أداء برلماني متميز خلال الولاية التشريعية الحالية، ومنهم من يقود فريقا برلمانيا، كما هو الشأن بالنسبة لرئيس الفريق الديمقراطي بالغرفة الأولى، رشيد ركبان، أو المهدي بنسعيد، عن لائحة شباب الأصالة والمعاصرة، الذي يرأس واحدة من أهم لجان البرلمان، وهي الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة القاطنين بالخارج. عمر عباسي، الكاتب الوطني للشبيبة الاستقلالية، استغرب في تصريحات لهسبريس دعوات الإلغاء التي طفت على السطح في الأوساط المغربية، مؤكدا أن "أي تراجع عن المكتسبات الدستورية بشأن تمثيلية الشباب في المؤسسة التشريعية سيشكل تراجعا ديمقراطيا مقلقا، وانتهاكا صريحا لمقتضيات الكتلة الدستورية، سواء ما تضمنته الوثيقة الدستورية، أو ما تضمنته القوانين التنظيمية، وقرارات مجلس الدستوري ذات الصلة". وأوضح عباسي أن "حضور وأداء الشباب من مختلف الأحزاب المغربية كان أحد عناصر القوة البارزة خلال الولاية التشريعية التاسعة الحالية"، مؤكدا أن "العقلاء والديمقراطيين والديمقراطيات سوف يواجهون أي دعاوى للتراجع عن هذا المكتسب الدستوري السياسي والشبابي". "نحن مع تعزيز المشاركة النسائية داخل المؤسسات التشريعية، ولكن ذلك لا يمكن أن يتم على حساب الحضور الأساسي والمهم للشباب المغربي المنخرط داخل الأحزاب"، يقول عباسي، الذي سجل أن "إلغاء اللائحة الوطنية للشباب سوف يعزز أطروحة لا جدوى السياسية، ولا جدوى العمل الحزبي"، مبرزا أن "الشبيبة التي ينتمي إليها اعتمدت الانتخابات سنة 2011 للتصويت على لائحة شباب الحزب للترشح للبرلمان". ريع يجب القطع معه في مقابل دفاع عباسي عن بقاء اللائحة الوطنية للشباب، دعا مصطفى كرين، رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، إلى إلغاء اللائحة الوطنية بشكل كلي، الخاصة بالنساء والشباب، مبررا ذلك بكونها مساسا بمبدأ تكافؤ الفرص، كما هو منصوص عليه في دستور 2011. وأبرز كرين، في تصريح لهسبريس، أن اللائحة الوطنية للشباب والنساء إجراء مؤقت لا علاقة له بالدستور، بل هو مناقض لما جاء في فصوله، مشيرا إلى أن "وثيقة فاتح يوليوز تحدثت عن تكافؤ الفرص والمساواة في المشاركة السياسية بناء على المواطنة". ويرى كرين أن اللائحة الوطنية التي خصص لها القانون التنظيمي لمجلس النواب 90 مقعدا من أصل 395 تعد نوعا من التمييز القائم على أساس الجنس، وتمس بالانتماء الاجتماعي، منبها إلى أنها تكرس مبدأ اللامساواة بن المواطنين، وتعد دليلا على انقطاع التواصل بين النخبة السياسية والمجتمع الذي يدعو إلى القطع مع جميع آليات الريع.