يحتفل العالم، اليوم الثلاثاء، باليوم الدولي لإحياء ذكرى تجارة الرقيق وذكرى إلغائها، الذي يؤرخ لانتفاضة العبيد على نظام الرق، التي انطلقت في الليلة الواقعة بين يومي 22 و23 غشت 1791 في سانتو دومينغو. ويعد اليوم الدولي لذكرى الاتجار بالرقيق الأسود، الذي يهدف إلى غرس مأساة تجارة الرقيق في ذاكرة جميع الشعوب، فرصة لتذكير المجتمع الدولي بتضحيات من حكم عليهم في الماضي بالرق بمختلف أشكاله. ولهذا الغرض، كانت الأممالمتحدة قد أعلنت يوم 23 غشت من كل سنة يوما عالميا لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة في 17 دجنبر 2007، وذلك تكملة لليوم الدولي لإحياء ذكرى تجارة الرقيق وذكرى إلغائها الذي أعلنته منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو". وفي رسالة بالمناسبة نشرت على الموقع الرسمي ل"اليونسكو"، قالت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لهذه المنظمة، إن احتفال اليونسكو باليوم الدولي لذكرى الاتجار بالرقيق الأسود وإلغائه يعد "تكريما لجميع أولئك المكافحين من أجل الحرية وسعيا باسمهم إلى إدامة تدريس هذا التاريخ والقيم التي يحملها". وأوضحت بوكوفا في الذكرى السنوية للانتفاضة الأولى للرقيق في نصف الكرة الغربي، أن تمرد العبيد "مثل منعطفا في تاريخ البشرية وكان له أثر عظيم في مسألة تأكيد الطابع العالمي لحقوق الإنسان"، مبرزة أن طمس هذا التاريخ أو نسيانه يمثل خطأ وجريمة. وكانت اليونسكو قد أطلقت مشروع "طريق الرقيق" سنة 1995، بوصفه أداة عالمية لتوضيح النتائج والتداخلات الناتجة عن تجارة الرقيق وتحديد المواقع والأبنية وأماكن الذاكرة لهذه التجارة وكذا البحث عن سبل تعزيز التقارب بين الشعوب حول الموروثات المشتركة الناجمة عن هذه المأساة. ويتوخى هذا المشروع وضع برنامج للتوعية التثقيفية من أجل حشد جهات منها المؤسسات التعليمية والمجتمع المدني بشأن موضوع إحياء ذكرى تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، لكي تترسخ في أذهان الأجيال المقبلة أسباب هذا النوع من التجارة ونتائجها والدروس المستخلصة منها وللتعريف بالأخطار المترتبة عن العنصرية والتحامل. وأوضحت اليونسكو، التي تسعى من خلال هذا المشروع إلى أن تستمد من هذه الذاكرة العالمية القوة اللازمة لبناء عالم أفضل ولإظهار العرى التاريخية والأخلاقية التي تؤلف بين الشعوب، أن أحد أهداف النضال ضد العبودية وإلغائها هو التعريف والاعتراف بالأثر الكبير الذى تركته الثقافات الإفريقية على ثقافات وحضارات العالم. ووفقا لأهداف هذا المشروع الثقافي، ينبغي أن يكون هذا اليوم فرصة للتفكير معا حول الأسباب التاريخية والطرق والنتائج المترتبة عن هذه المأساة، فضلا عن تحليل التفاعلات التي ظهرت بين إفريقيا وأوروبا والأمريكتين ومنطقة البحر الكاريبي. وفي هذا الاتجاه أيضا، أعلنت الأممالمتحدة عن العقد الدولي للسكان المنحدرين من أصل أفريقي (2015-2024) تحت عنوان "الاعتراف والعدالة والتنمية"، والذي يتعلق مباشرة بنشاطات اليونسكو وعلى وجه الخصوص بمشروعها "طريق الرقيق" الذي احتفل بذكراه العشرين سنة 2014. وتسهم "اليونسكو" في هذا العقد من خلال برامجها التربوية والثقافية والعلمية في إدراج تجارة الرقيق والعبودية في الذاكرة الجماعية والحسابات القومية بغية الترويج للمساهمات الكبيرة التي قدمها السكان المنحدرون من أصل إفريقي في بناء المجتمعات الحديثة وضمان المساواة في الكرامة لجميع البشر، بلا أي تمييز. وبحسب المديرة العامة ل"اليونسكو"، فإن هذا التاريخ "يمثل أيضا سجلا للشجاعة والحرية والاعتزاز بالحرية التي استعيدت، تتلاقى فيه كل الإنسانية". وتعتبر هذه الاحتفالية السنوية فرصة للتفكير فيمن عانوا وماتوا تحت وطأة العبودية، وهي أيضا مناسبة لرفع مستوى الوعي لدى الشباب في العالم حول مخاطر العنصرية والتحيز. كما أنها وسيلة لتذكير العالم بضرورة بذل المزيد من الجهد للقضاء على هذه الظاهرة من خلال القضاء على الممارسات الشبيهة بالرق في الوقت المعاصر من قبيل الاتجار بالبشر والتعصب وكراهية الأجانب والتمييز العنصري والعمل القسري.