احتفاء بالذكرى الثمانين لتأسيسها، اختارت شركة "أتاي سلطان" أن تحتفي بزبنائها بمدينة تافراوت، من خلال تنظيم مهرجان فني أطلقت عليه اسم "أنموكار مول أتاي"، يمتدُّ على يومين، ويتضمّن برنامجا غنيا بالسهرات بساحة محمد السادس وسط المدينة. اختيار مدينة تافراوت لم يكن اعتباطا، يقول علي النجاري، المدير العام لشركة "أتاي سلطان"، وإنما تكريما لروح مؤسس هذه المؤسسة الانتاجية العملاقة، "الحاج الحسن الراجي"، المشهور ب"مول أتاي"، منشئ المجموعة الذي ينحدر من هذه المنطقة، وبالضبط من دوار "أكرض أوضاض"، ووافته المنية خلال سنة 1996، بعد مشوار امتدّ على مدى أزيد من ستين سنة من العمل، استطاع خلالها تبويء مؤسسته الريادة في مجال استيراد وإعادة إنتاج الشاي. "مول أتاي"، انطلق من لا شيء في ثلاثينيات القرن الماضي، من تفراوت إلى الدارالبيضاء، كبائع للشاي بالتقسيط، ثم بائع بالجملة، وصولا إلى امتلاك أكبر شركة لاستيراد وتوزيع الشاي من الصين، ثم تصديره إلى أزيد من 20 بلدا عبر العالم، منها دول أوروبية، بعد إضافة تسويق الأعشاب المكملة للشاي، كما شمل مجال اهتمامه الفلاحة والعقار، وكان السند الأول لأبناء منطقته في مشاريعهم التجارية بعدد من المدن المغربية. مجال الشاي عرف عدة تطورات، يقول علي النجاري، مدير "أتاي سلطان"، مضيفا أنه ومنذ سنة 1936 إلى غاية سنة 1958، شرع الحاج الحسن الراجي في تجارة الشاي؛ حيث قرّرت الدولة تأميم هذا المجال إلى حدود سنة 1993، وهي بداية تحرير القطاع، وبدأ ابن المؤسس، حميد الراجي، الرئيس المدير العام للشركة حاليا، في إعادة إحياء ما بدأه والده في ثلاثينيات القرن الماضي، فعمد إلى إعطاء مزيد من الإشعاع لهذه "الماركة"، لاسيما على المستوى الدولي، يقول، المدير العام للشركة. ويضيف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أنّه ومنذ سنة 2015، وبدخول قرار الدولة المغربية برفع الرسوم الجمركية عن استيراد الشاي غير المعلّب حيز التنفيذ، "استفادت الشركة من ذلك وشرعت في توسعة المصنع، فأصبحت تُعلب 100 في المائة من منتوجاتها الموزعة بالمغرب وبالخارج، مُحدثة بذلك أزيد من 1000 فرصة شغل مباشرة، "ناهيك عن فرص الشغل غير المباشرة". شركة "شاي سلطان" تربّعت منذ سنة 1936على عرش سوق الشاي، بامتلاكها أزيد من ثلث حصة السوق المغربية في المجال، خاصة بعد إحداث وحدة صناعية بمدينة الدارالبيضاء تُعتبر الأكبر على الصعيد الإفريقي، تُنتج أكثر من 200 منتوج مختلف، وتتوفر على مختبر لتحليل العينات القادمة من الصين يُساهم في تحديد معايير إنتاج الشاي بجودة عالية، وتكون بذلك شركة "أتاي سلطان" الوحيدة المتوفرة علة هذا النوع من المختبرات. وفي جانب الأنشطة الفنية المبرمجة ليوم السبت، فقد كان لفرقة "أحواش أركان تافراوت"، وهي إحدى أكثر الفنون شعبية في مجال "أدرار"؛ أي الجبل، وضمنها تافراوت، نصيب ضمن البرمجة الفنية لمهرجان "أنموكار مول أتاي"، وهو الفن الذي يجمع بين الكلمة والنغمة والايقاع والرقص، ويُنشطه الجمهور، من الجنسين، إما بالزغاريد أو التصفيق. وباستقدام أحد عمالقة الشعراء في مجال أحواش، عثمان أزوليض، من إحدى القرى النائية بإقليم "طاطا"، يكون منظمو المهرجان قد منحوا لجمهور تافروات، الذي حج بكثافة إلى ساحة محمد السادس، الفرصة للاستمتاع بمحاورات شعرية أمازيغية، كان النظم المرتجل الذي أبرزت لغته الرمزية براعة الشاعر "أزوليض" وقدرته على محاورة خصمه بأسلوب أبدى الجمهور تذوقه، أحد دعائمها، من خلال لحظات هدوء تام خيم على المكان والشاعر يسرد نظما تغنى فيه بمناقب مؤسس شركة "اتاي سلطان" وجودة منتوجاتها. أما الفنانة الأمازيغية فاطمة تبعمرانت، فقد اعتلت المنصة بعد "أزوليض"، وبدا الجمهور، منذ اللحظة الأولى، متفاعلا؛ إذ نجحت في جعله يُردد خلفها بهدوء وانسجام مع الإيقاعات الموسيقية، لترفع من حماسه، لاسيما مع أغانيها المدافعة عن الثقافة واللغة الأمازيغيتين، التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب. ومن ربرتوارها انتقت نجمة وأيقونة الموسيقى الأمازيغية، الملقبة بصاحبة الرباب الفضي، فاطمة تبعمرانت ، أغنية "تبرات إينو"، "إغيلا إمويك الهيبت"، "اكس أُوزلاي"، وهي الأغاني التي تفاعل معها الجمهور، قبل أن تنتقل إلى باقة منوعات مما بصمت به مسارها الفني طوال السنوات الماضية، فأبدعت في أداء أغان قديمة وأخرى حديثة، مسافرة بجمهورها العريض بسلاسة بين عمق الكلمة وقوتها ورهافة الايقاع. وتخلل الفقرات الفنية، سحب القرعة لأداء مناسك العمرة على نفقة الشركة، والاستفادة من تجهيزات منزلية لفائدة الباعة بالتقسيط والمستهلكين، بالإضافة إلى كلمة عبر شريط فيديو لحميد الراجي، الرئيس المدير العام للمؤسسة، رحب من خلالها بالجمهور العريض، من أبناء منطقته "تافراوت"، الذي تابع فقرات هذه التظاهرة، وضمها كلمات شكر على الوفاء لمنتوجات شركته.