نشرت صحيفة هسبريس نتيجة استطلاعها الإلكتروني حول رأي المغاربة في تعدد الزوجات. وشارك في الاستطلاع 48401 شخص، وأيد 71% منهم تعدد الزوجات بينما عارض 28% منهم تعدد الزوجات. ومن المدهش ملاحظة الارتفاع النسبي للمعارضين لتعدد الزوجات في هذا الاستطلاع الإلكتروني. فنسبة 28% من المغاربة المعارضين لتعدد الزوجات هي نسبة ليست بالقليلة ولا بالضعيفة إطلاقا. وهي نسبة تفوق الربع وتقترب من ثلث المغاربة المتعلمين (بما أن الاستطلاع إلكتروني فسنستبعد التفكير في المغاربة الأميين لأنهم لا يستطيعون القراءة واستعمال الكومبيوتر للتصويت). وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن أغلبية من المغاربة مسلمون (ممارسون أو غير ممارسين، لا يهم) فسنرى أن 28% من المغاربة المتعلمين (القادرين على القراءة واستخدام الكومبيوتر) يعارضون ويرفضون عدة نصوص إسلامية من القرآن والأحاديث تبيح تعدد الزوجات وامتلاك الجواري بكل وضوح، ويرفضون أيضا كل ما يقوله فقهاء ورجال الدين الإسلامي حاليا بخصوص إباحة تعدد الزوجات (بشروط إسلامية يحددونها على أساس النصوص الإسلامية والتراث الفقهي الإسلامي). ولكن ما يلفت الانتباه أيضا هو ارتفاع نسبة المصوتين (المتعلمين القادرين على استخدام الكومبيوتر) لصالح تعدد الزوجات (71%) بينما نحن نعلم جميعا من وسطنا الاجتماعي مدى شدة رفض الغالبية الساحقة من المغاربة لفكرة أن تتزوج بناتهم أو أخواتهم برجل متزوج سلفا، ورفضهم الشديد أيضا لفكرة أن يتزوج زوج ابنتهم أو زوج أختهم عليها بامرأة أخرى إضافية. وقد وصلت إلينا جميعا قصص اجتماعية لا حصر لها حول "الحروب العائلية" والأحقاد والنزاعات التي تنشب بين العائلات والأشخاص لأن أحدا ما قرر أن يتزوج بزوجة إضافية على زوجته. ولا يستثنى من هذا إلا عدد صغير من العائلات الفقيرة وخصوصا العائلات القروية التي تقبل بتزويج ابنتها لرجل متزوج سلفا أو لا تستطيع منع زوج ابنتهم من الزواج بأخريات خوفا من أن يطلّق ابنتهم ويرسلها إليهم لتبقى في بيت أبيها "بضاعة كاسدة أو مستعملة" لا يقترب منها أحد وتعيش عالة على أبيها لبقية عمرها. وفي كل الأحوال فتعدد الزوجات ظاهرة تتراجع تدريجيا وتلقائيا في المغرب والعالم الأمازيغي، مع انتشار التعليم بين الفتيات والنساء وقدرتهن المتزايدة نسبيا على تحقيق بعض الاستقلالية المالية الناتجة عن التمدن ووجود بعض فرص الشغل للنساء في المدن. ومن بين أكثر المبررات كوميدية وسخافة لدى الإسلاميين المساندين لتعدد الزوجات هو أن تعدد الزوجات هو حل لعنوسة النساء! وأن الرجل ذو النساء الثلاث أو الأربع يقوم بمهمة نبيلة وهي إنقاذ النساء من العنوسة! إذا كان الهدف هو فعلا معالجة مشكل عنوسة الرجال والنساء بالمغرب المرتبط بالفقر والبطالة فلماذا لا يتبرع ذلك الرجل المسلم التقي المتزوج الميسور بمساعدة الشباب والشابات الفقراء والفقيرات على إيجاد فرصة شغل أو بتمويل مشروع لهم أو بتمويل تكاليف زواجهم مثلا؟! هنا يتضح لنا أن الهدف من تعدد الزوجات ليس محاربة العنوسة ولا يحزنون وإنما هو الجنس والتملك. 1) الاصطفاف الأيديولوجي: مساندة تعدد الزوجات من أجل نصرة الإسلام والإسلاميين في كل المجتمعات المتقدمة والمتخلفة نجد دائما معسكرين رئيسين متنافسين: اليمين السياسي واليسار السياسي، الجمهوريون والديمقراطيون (أمريكا)، المحافظون والعماليون (بريطانيا)، المحافظون والليبراليون، الرأسماليون والاشتراكيون، الإسلاميون والعلمانيون...إلخ. وفي كثير من الحالات يصوت الناس لصالح قضية معينة ليس اقتناعا بها وإنما لنصرة معسكرهم السياسي أو الأيديولوجي وإظهار قوته وكثرة أنصاره حتى لو لم يتفقوا مع تلك القضية أو لم يهتموا بها بتاتا. هذه قاعدة عامة ولكنها طبعا لا تنطبق على كل شيء. فالرأي العام شيء شديد التعقيد تتداخل فيه القناعات الشخصية والاصطفافات الأيديولوجية والعادات الاجتماعية مع الغرائز والحالات النفسية والحالة الاقتصادية للمجتمع، بالإضافة إلى سوء فهم السؤال أو القضية وعدم التفكير فيهما بما يكفي. ما أقصده هو: من المرجح جدا أن أغلب المغاربة الذين صوتوا في هذا الاستطلاع الإلكتروني لصالح تعدد الزوجات ليسوا فعلا مؤيدين لتعدد الزوجات (أي: لا يقبلونه لبناتهم وأخواتهم وحفيداتهم) وإنما يريدون من خلال ذلك فقط نصرة الإسلام والإسلاميين سياسيا وإعلاميا وإعطاء الانطباع بأن الإسلام السياسي موجود بقوة على الأرض وأن المغاربة يفضلون الإسلاميين على العلمانيين مثلا. فالشيء المعلوم طبعا هو أن الإسلاميين (ورجال الدين الإسلامي) في المغرب هم الوحيدون الذين يساندون تعدد الزوجات ويساندون تزويج القاصرات أو الصغيرات ذوات 16 و17 عاما. ولكن طبعا ليس كل الإسلاميين مساندين لتعدد الزوجات وتزويج القاصرات ذوات 16 و17 عاما. من المؤكد أن هناك نسبة (صغيرة على الأرجح) من الإسلاميين يعارضون تعدد الزوجات و/أو يعارضون تزويج الصغيرات أو القاصرات. ليس كل الإسلاميين مساندين لتعدد الزوجات وتزويج القاصرات ولكن كل مغربي نعرف عنه أنه يساند تعدد الزوجات ويساند تزويج الصغيرات القاصرات هو بالضرورة إسلامي أو من رجال الدين الإسلامي. فكل المغاربة الذي يساندون تعدد الزوجات ويساندون تزويج القاصرات يقدمون نصوصا من القرآن والأحاديث والسيرة النبوية لتبرير ومساندة موقفهم. لن تجد مغربيا أو أمازيغيا واحدا يأتي بنصوص من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" أو بنصوص أدبية أو فلسفية يبرر ويعضد بها موقفه المساند لتعدد الزوجات أو لتزويج القاصرات. لهذا فكل من يساند تعدد الزوجات وتزويج القاصرات بالمغرب هو بالضرورة شخص إسلامي يحمل أيديولوجية إسلامية أو يتعاطف مع الإسلاميين. وبما أن الذين يساندون تعدد الزوجات هم إسلاميون دائما وأبدا، فإن أي استطلاع أو استفتاء حول تعدد الزوجات يتحول في ذهن المغربي العادي إلى استفتاء حول الإسلام والإسلاميين. ولهذا كثيرا ما سيعمد ذلك المغربي العادي مدفوعا بمشاعره الإسلامية المتعاطفة مع الإسلام والإسلاميين إلى التصويت على ما يرضي الإسلاميين وعلى ما يرضي الإسلام وعلى ما يرضي الله. أما رأيه الحقيقي الشخصي فهو في أحسن الأحوال رأي سري أو رأي ثانوي قد يتجنب إظهاره تجنبا للبلبلة أو تجنبا لإضعاف "الصف الإسلامي" الذي يجب أن يبقى طبعا "كالبنيان المرصوص" في ذهن الإسلامي! 2) بعّد على بنتي و شقّف: الذي أرجحه شخصيا هو أن هؤلاء المغاربة المصوتين لصالح تعدد الزوجات هم في أغلبهم يصوتون فقط نصرةً للإسلاميين في المجال السياسي والإعلامي ونكايةً في العلمانيين والنسائيات والحقوقيين والغرب الكافر والصهاينة والصليبيين والماسونيين ودعاة الديمقراطية! ولكن إذا تعلق الأمر فعلا بابنتهم أو أختهم أو حفيدتهم فلن يقبلوا أبدا بفكرة زواجها من رجل متزوج أصلا أو بفكرة أن يتزوج عليها زوجها بامرأة أخرى إضافية أو أكثر فتضطر للعيش مع ضرّة أو ضرّات تقتسم معها/معهن زوجها. يشبه هذا الموقف الانتهازي المثل المغربي المشهور: بعّد على راسي و شقّف! يعني: بعّد على بنتي/ختي و شقّف ! لا أعتقد أنه يوجد مغربي ولا أمازيغي واحد فيه ميليغرام ونصف من العقل والحكمة والكرامة يقبل بتزويج ابنته التي عمرها 16 عاما أو يقبل بأن تكون ابنته أو أخته زوجة من زوجات متعددات لنفس الرجل. أما الذين يفعلون ذلك في بعض بوادي وقفار المغرب فإنهم إما مدفوعون بقساوة الفقر أو بالطمع في الصداق أو المهر أو مدفوعون بتقاليد قديمة بالية متخلفة أمازيغية أو إسلامية/عربية/يهودية تتحكم في عقولهم ومجتمعاتهم القروية التقليدية. غالبية المغاربة (الإسلاميين أو العلمانيين أو غيرهم) الذين لهم نصيب من التعليم أو الحكمة وقليل من الاستقرار المادي لن يستطيعوا (في نظري) أن يتقبلوا ولو للحظة واحدة تطبيق فكرة "تعدد الزوجات" على بناتهم وأخواتهم وحفيداتهم ولن يتقبلوا على الإطلاق تطبيق فكرة تزويج القاصرات على بناتهم وأخواتهم وحفيداتهم. بمعنى: بمجرد أن يصبح الأمر شخصيا يتعلق بمصير بناتهم وأخواتهم وحفيداتهم وتصل السكين إلى العظم سيغير مساندو تعدد الزوجات وتزويج القاصرات مواقفهم الأيديولوجية الإسلامية البهلوانية المزيفة، أي: "غير توصل جّنوية للعظم يرميو البندير". ويذكرني هذا بملايين المسلمين الذين يصوتون دائما للإسلاميين أو يتعاطفون معهم ويطالبون بالشريعة الإسلامية ويرفضون العلمانية وحقوق الإنسان والحريات الفردية بشدة ولكن في نفس الوقت يتقاتلون ويتزاحمون أمام السفارات والقنصليات للحصول على الفيزات للهجرة إلى المملكات والجمهوريات الأوروبيات والأمريكيات العلمانيات الديمقراطيات الكافرات التي هي جنة الحريات الفرديات. ونفس الشيء موجود لدى كثير من المسلمين المقيمين بأوروبا وأمريكا الذين يساندون بكل حماس الإسلاميين وتطبيق الشريعة الإسلامية في بلدانهم الأصلية كالمغرب والجزائر ولكنهم لا يتنازلون أبدا عن إقامتهم ببلدان أوروبا وأمريكا وعن استفادتهم هم وعائلاتهم من منافع الحريات وقيم المساواة الموجودة في الغرب العلماني. 3) الثقافة الاجتماعية الأمازيغية المغربية التقليدية ترفض تعدد الزوجات ولا تبيحه إلا اضطرارا: لاشك أن ثقافتنا الاجتماعية الأمازيغية / المغربية (التقليدانية) هي أيضا تشكل ضاغطا ضخما على المغربي المتوسط فتجعله يرفض أن تتزوج ابنته أو أخته برجل متزوج أصلا أو أن يتزوج زوجها بامرأة إضافية، وذلك لأنه في مجتمعنا الأمازيغي عموما والمغربي خصوصا قد ترسخت فكرة أنه لا تقبل بذلك إلا عائلة فقيرة أو رجل فقير لا حول له ولا قوة. أما الرجل الغني أو الميسور (حسب ثقافتنا الاجتماعية دائما) فهو "ما يرضاش يجوّج بنتو لشي واحد مجوّج" وأيضا "ما يقبلش لراجل بنتو يتجوّج عليها بشي وحده اخرى". ولكن كما قلنا، فالفقر شكل دائما عاملا ضاغطا على الأسرة يجعلها أحيانا تتقبل تعدد الزوجات وحتى تزويج القاصرات. فالبنت في المجتمع التقليدي الفقير كانت (وفي "المغرب المنسي" لازالت أحيانا) صفرا على اليسار يحاول أهلها تزويجها في أقرب فرصة لكي يخف عنهم عبء تكاليف معيشتها وعبء كلام الناس حولها ولإبعاد شبح العنوسة عنها. وأحيانا قد يقبلون بتزويج ابنتهم برجل متزوج سلفا أو كهل أو عجوز أو قد يصمتون عن زواج زوجها عليها بامرأة إضافية أو أكثر. كما أن المجتمع التقليدي يقبل بأن يتزوج الرجل بزوجة ثانية لأن الأولى عاقر لا تنجب أطفالا. ولكن ذلك المجتمع التقليدي لا ينظر بعين الرضى إلى امرأة طلبت الطلاق من رجل لا ينجب (ولو اتضح من زواجه الثاني مثلا أن مشكل العقم كامن في الرجل وليس في زوجتيه). إلا أن المجتمعات القديمة والحديثة محكومة في النهاية دائما وأبدا بالقوة الاقتصادية ولغة الدراهم والدنانير التي تتفوق على السلطة الدينية من حيث التأثير. فإذا كانت المرأة أو عائلتها قوية اقتصاديا أي ثرية أو ميسورة فالمجتمع التقليدي يتقبل رغما عنه فكرة الطلاق، بل سيتقبل أي شيء وكل شيء. فزوجة يوسف بن تاشفين Yusef en Tacfin الملك الأمازيغي المرابطي المعروف هي الأمازيغية المشهورة زينب النفزاوية Zineb Tanefzawt التي ورثت ثروة من زوجها الأول ثم تزوجت وتطلّقت من زوجها الثاني أبي بكر بن عمر اللمتوني الصنهاجي Abu Bakr ben Ɛumar Alemtun Aẓnag ثم تزوجت زوجها الثالث يوسف بن تاشفين. وتروي القصص التاريخية أنها قبل ذلك رفضت رجالا كثيرين طلبوا الزواج منها رغم كونها آنذاك أرملة مات زوجها الأول في إحدى الحروب. 4) القانون الطبيعي الغريزي الرافض لتعدد الزوجات والأزواج: هناك بعض الإسلاميين أو مساندي الإسلاميين الذين يقولون عادة شيئا من قبيل: "المدافعون عن حقوق الإنسان والحريات والعلمانية لا مشكل لديهم مع تعدد خليلات الرجل أو خلان المرأة (باسم الحريات الفردية) مثل ما يوجد في الغرب، ولكن لديهم مشكل فقط مع تعدد زوجات الرجل المسلم! هؤلاء الحقوقيون والعلمانيون يفضلون تعدد الزنا والفساد على الستر والنكاح الحلال الموجود في تعدد الزوجات الإسلامي". والحقيقة أنه إذا احتكمنا إلى ميزان الحرية (الفردية) وحقوق الإنسان وميزان المنطق والحقائق الاجتماعية فسنكتشف أشياءا مختلفة تماما. ففي البلدان التي تطبق حقوق الإنسان بشكل كامل (أوروبا وأمريكا واليابان وأستراليا...إلخ) لا توجد رقابة على حياة الناس الشخصية الخصوصية أو العمومية ما دام لا يعتدي إنسان على حياة وحرية إنسان آخر. فكل شيء محكوم هناك برغبة الفرد والتراضي المتبادل وعدم الإكراه. ولا يوجد في تلك البلدان العلمانية الديمقراطية قانون مطبق ضد "الزنا" لأن "الزنا" مفهوم غير معترف به في مبادئ حقوق الإنسان. في أوروبا وأمريكا وبقية الغرب لا يوجد "تعدد خليلات" ولا "تعدد صديقات" ولا "تعدد زوجات". ف"تعدد الزوجات" الذي يدافع عنه الإسلاميون هو أن يجمع الرجل المسلم بين زوجتين أو ثلاث أو أربع في نفس الوقت. أما في الدول الغربية في أوروبا وأمريكا فلا يجمع رجل بين امرأتين أو زوجتين في وقت واحد. ولا توجد امرأة في الغرب العلماني تقبل باقتسام رجلها (أو زوجها) مع امرأة أخرى. الذي يوجد في الدول الغربية في أوروبا وأمريكا وغيرهما هو حرية إقامة العلاقات (بزواج أو بدون زواج)، وهذا طبعا ليس ب"تعدد"، لهذا لا يمكن الحديث عن "تعدد الخليلات" في المجتمعات الأوروبية كشيء يوازي "تعدد الزوجات" الموجود في المجتمعات الإسلامية. فالمرأة الأوروبية أو الأمريكية سواء كانت خليلة أو صديقة أو زوجة لرجل ما، بزواج أو بلا زواج، لن تقبل أبدا بامرأة أخرى (ضرّة) تقتسم معها رجلها أو زوجها. الرجل المغربي المسلم الذي تزوج امرأة رقم 1 ثم طلقها، ثم بعد ذلك تزوج امرأة رقم 2 ثم طلقها، ثم تزوج امرأة رقم 3 هو رجل لم يمارس "تعدد الزوجات" أبدا في حياته وإنما تزوج بثلاث نساء بشكل منفصل ولم يجمع بينهن أبدا في نفس الفترة الزمنية. ولهذا لا يمكن أن ننعت هذا الرجل المغربي المسلم بأنه مارس "تعدد الزوجات"، وإنما هو فقط تزوج 3 مرات متتالية بشكل منفصل. إذن فالرجل الأوروبي أو الأمريكي أو الياباني مثلا الذي تكون له علاقات متتالية مع 3 نساء مثلا (بزواج أو بدون زواج) بشكل متتالي ومنفصل هو لا يمارس "تعدد الخليلات" ولا "تعدد الزوجات". أما إذا جمع مثلا بين 3 خليلات أو 3 زوجات في الوقت نفسه فسيعتبر في نظر المجتمع الأوروبي ممارسا للخيانة الزوجية أو الخيانة العلائقية أو شخصا غير سوي يشيّئ objectify النساء أو شخصا غرائبيا شاذا عن الطبيعة الاجتماعية لأنه يجمع بين عدة نساء في نفس الوقت وكأنهن من ممتلكاته الشيئية Objects مثلما يمتلك شخص 3 سيارات أو 3 كلاب أو 3 قطط أو 3 فيلات أو 3 تلفزات Flat screen. وسينظر المجتمع الأوروبي أو الأمريكي إلى النساء الثلاث اللواتي يقبلن طائعات راضيات بتقاسم رجل واحد فيما بينهن على أنهن نساء شاذات أو غرائبيات أو معتوهات أو ببساطة: مومسات. القاعدة الثابتة التي تنطبق على كل البشر هي أن المرأة لن تقبل أبدا بأن تقتسم رجلها (أو زوجها) مع امرأة أخرى، والرجل لن يقبل أبدا بأن يقتسم امرأته (أو زوجته) مع رجل آخر. فهذا قانون طبيعي وغريزي. وهناك استثناءات شاذة وهامشية ونادرة، وهي استثناءات تكون غالبا ذات طابع سايكولوجي (نفساني) أو ديني أو تقليداني أو اقتصادي (الفقر المدقع للمرأة أو عائلتها مثلا). أما الغالبية الساحقة من الرجال والنساء في العالم فهم يندرجون ضمن هذا القانون الطبيعي الغريزي الرافض لتعدد زوجات الرجل الواحد والرافض لتعدد أزواج المرأة الواحدة. والقانون البشري العلماني الذي يمنع حاليا تعدد الزوجات (في الدول الغربية العلمانية) ليس سوى تأكيد لهذا القانون الطبيعي الغريزي، وجاء لحماية المرأة والرجل والأطفال، ولإنهاء عصر الجواري والمحظيات والغلمان وعصر تعدد الزوجات الذي تطور في أزمنة تراكم السلطة والمال في أيدي الإقطاعيين والنخبة الحاكمة في عهود العبودية والإقطاع والسخرة والحياة الملوكية القصورية السلطانية القيصرية المخزنية الباذخة، عندما كان الأمراء والملوك والخلفاء والإقطاعيون والاحتكاريون والأغنياء يملكون زوجاتهم وجواريهم كالأنعام والدواب ويشترونهن من الأسواق أو من العائلات الفقيرة. ولا تزال طبعا بعض هذه السلوكات والممارسات موجودة إلى حد الآن لدى بعض الأثرياء والمليونيرات والمليارديرات في كل بلدان العالم من أمريكا إلى السعودية ومن المغرب إلى السويد، حيث يقتنون أو يستأجرون الجواري والمحظيات ومِلك اليمين والمومسات في فيلاتهم وقصورهم بنفس الطريقة القديمة تقريبا، ولكن ذلك كله يتم الآن في جو من السرية والخفاء ولا يجرؤ أحد منهم على مجرد إظهار ذلك لعامة الناس، بصرف النظر عن رأي القانون في ذلك. ولكن من المؤكد أنه لا يوجد شخص ذو سلطة أو سمعة أو ثري أو ملياردير واحد في أوروبا أو أمريكا ولا حتى في المغرب يجرؤ على أن يطلب مثلا أن يتم تسجيل زواجه بامرأتين أو ثلاث أو أربع لدى مصالح البلدية المحلية بعقد زواج قانوني. وإذا فعل ذلك فسيصبح ذلك الرجل بالتأكيد مهزلة المجتمع ومضحكة الجرائد والإعلام وسيكون مستقبله السياسي في حكم المنتهي. وهناك حالة رئيسي السودان وجنوب أفريقيا المتزوجين بعدة نساء إلا أنهما حالتان شاذتان هامشيتان ناتجتان كما قلنا عن تقاليد قديمة اجتماعية ودينية قديمة وعن حالات اقتصادية معروفة للمجتمعات الفقيرة. السبب في أن معظم الدول العلمانية الديمقراطية في الغرب تمنع تعدد الزوجات هو الرغبة في حماية حقوق المرأة (وحقوق الرجل تلقائيا) وحماية الأطفال، لأنه كما قلنا فالقانون الطبيعي الغريزي الرافض بشدة لتعدد الزوجات (أو تعدد الشريكات في نفس الوقت) يحكم الغالبية الساحقة من البشر نساءا ورجالا. وفي القديم كان بعض الناس مجبورين على كظم وكتم غريزتهم الطبيعية الكارهة لتعدد الزوجات بسبب إكراهات وضغوط اقتصادية بالدرجة الأولى (الفقر) ودينية بالدرجة الثانية (سلطة رجال الدين مثلا). ولكن بمجرد أن تتحرر القبيلة أو العائلة أو الأبوان أو البنت/المرأة من الضغوط الاقتصادية والدينية فإنهم سرعان ما يعودون إلى الغريزة الطبيعية وهي: النفور الشديد من فكرة تعدد الزوجات. وبسبب التمدن والتعليم والاستقلالية الاقتصادية أصبحت معظم النساء في المغرب حاليا يفضلن الطلاق على أن يتزوج أزواجهن عليهن بنساء إضافيات، كما يفضل أغلبهن العنوسة على ذل ومهانة تعدد الزوجات. في المغرب، أي أب أو أم أو أخ أو أخت أو خال أو عم أو جد أو جدة بالتأكيد سيصابون كلهم بحنق وغيظ وغضب شديد ويشعرون بإهانة لا تغتفر بمجرد أن يشموا خبر أن زوج ابنتهم أو زوج أختهم أو زوج حفيدتهم ينوي الزواج بامرأة إضافية لأي سبب من الأسباب ولو كان مثلا عدم قدرة ابنتهم على الإنجاب. أما بالنسبة للمرأة نفسها فنحن نعلم من وسطنا الاجتماعي (ومن الأفلام والمسلسلات الكوميدية وغير الكوميدية) مدى كراهيتها الشديدة (بل الأسطورية) لفكرة تقاسم زوجها أو رجلها مع امرأة أخرى. وهذا لا يحتاج إلى أي شرح إضافي. إذن فالسؤال الذي يجب أن يطرح على المغاربة من طرف هسبريس ومن طرف كل من قد يهتم بالموضوع هو هذا: "هل تقبل بأن يتزوج زوج ابنتك أو زوج أختك بامرأة أخرى إضافية؟" "واش ترضا لبنتك ولّا ختك يتجوّج عليها راجلها؟" [email protected]