توقف أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، حسن طارق، عند ما أسماه "أثر بنكيران" (L'effet BENKIRAN) ضمن العوامل المُفسرة لفرضية العودة الجزئية للسياسة، أو تسييس الانتخابات، واصفا رئيس الحكومة بأنه "حالة تواصلية خاصة بأسلوبٍ استثنائي يعتمد حُضوراً لافتاً وخطاباً نافذاً". وفي بحث له تضمنته دفتا كتاب صدر حديثا عن مركز تكامل للدراسات والأبحاث، بعنوان "قراءات موضوعية لانتخابات 4 شتنبر"، طرح طارق فرضية العودة الجزئية للسياسة خلال انتخابات 4 شتنبر الماضية، معتبرا أن "السلوك الانتخابي ليس سلوكا عقلانيا بالضرورة". وأوضح طارق في دراسته المعنونة ب"4 شتنبر: انتخابات تَبحثُ عن السياسة واقتراع يبحثُ عن المعنى"، أن هشاشة التقاليد الحزبية، وتخلف البنيات المجتمعية، وتدني الوعي المدني، وضغط الدوائر العائلية والقبلية والزبونية على القرار الفردي المستقل، معطيات تعمق ضعف منسوب المؤثرات السياسية داخل الحقل الانتخابي. واسترسل الباحث بأن "تواري خطاب الانتقال الديمقراطي كمكون أساسي لشبكة قراءة الاستحقاقات الانتخابية، خلال السنوات الأخيرة ببلادنا، خاصة قبل 2011، قد سمح لبعض الباحثين بإعادة موقعة "الظاهرة الانتخابية" ضمن إشكالية أكثر راديكالية، وهي إشكالية مرور المجتمع المغربي للسياسة. وقال طارق إن هذه الإشكالية ترتبط بضعف جيوب وفضاءات التسييس، مقارنة بقرارات اللاتسييس التي ما انفكت تتسع رقعتها وتزحف يمينا ويسارا، مع اتخاذها لمظاهر متعددة، حيث تبرز تارة في اللامبالاة التامة تجاه السياسة، وتارة في التعالي عن السياسة، وتارة أخرى في التشكيك فيها وفي قواعدها وأخلاقها ورجالاتها. واستطرد الأستاذ الجامعي بأن هذا الوضع "جعل البعض يسجل ندرة السياسة أو غيابها داخل المجتمع المغربي، حيث النخب إما ما قبل سياسية أو غير متسيسة، وحيث ولوج السياسة ليس قديما"، مبرزا أنه "لا يجب أن نعتقد أننا فعلا في خضم السياسة، فالانتقال إلى السياسة يحتاج إلى وقت ليس بالقصير". وتساءل طارق "هل يُمْكِنُ اليوم المغامرة بالدفاع على فرضية عودةٌ "مُترددة" للسياسة، بمناسبة الانتخابات المحلية والجهوية لشتنبر 2015"، واضعا سياق السؤال متمثلا في تصاعد نسبيٍ لمُؤشراتٍ عن حضور أكبر للمعنى السياسي لهذه الانتخابات، سواءٌ من خلال الرّهانات، أو مضمونها وموضوعاتها الأساسية، أو انطلاقا من التقاطبات. وفي قراءة لمُجريات ويوميات الحملة الانتخابية للجماعات الترابية، سجل طارق كيف أن سَطوة الصراع الثنائي الحاد بين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، قد سمحت بإعطاء الكثير من الطابع السياسي والبعد الوطني للعملية الانتخابية التي تُوجت بالاقتراع المحلي والجهوي في 4 شتنبر الماضي. وأكمل الباحث بالقول إن "الحُضور القوي لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بقُبعته الحزبية في الحملة، فضلاً عن العدد المُهم من الوزراء الذين تقدموا لنيل ثقة الناخبين كمُرشحين للمجالس المحلية أو لمجالس الجهات، كان من شأنه كذلك أن يَبْصم على تكريس منسوب تسييس أكبر".