مباشرة بعد ظهور الوثائق التي كشفت عن قائمة المستفيدين مما سمي ب"تجزئة خدام الدولة"، والتي تضمنت أسماء أزيد من مائة شخصية، منهم قياديون حزبيون وسياسيون ومستشارون للملك وشخصيات أجنبية، تعالت أصوات منددة بتفويت بقع أرضية بأثمنة بخسة لشخصيات نافذة في الدولة. كما توالت الدعوات، خاصة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، لاستغلال موعد الانتخابات المقبلة قصد الحسم مع مثل هذه الممارسات. وبحكم أن البلاد لا تفصلها إلا أشهرا قليلة على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وجدت العديد من الأحزاب السياسية نفسها في وضع لا تحسد عليه، خاصة أن من بين قيادييها من يوجد اسمه على رأس المستفيدين من البقع الأرضية بطريق زعير، مخافة أن يكون لهذا النقاش أثر خلال الموعد الانتخابي المقبل، وهي التي رددت كثيرا، خلال حملاتها الانتخابية السابقة، شعارات للوقوف في وجه الفساد. الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي استبعدت أن يكون لملف "خدام الدولة" الانعكاس المتوخى على الاستحقاقات الانتخابية، "لسبب بسيط هو أن الفساد شيء متجذر، وليس باستطاعة لا الانتخابات ولا الأجهزة المنتخبة أن تتغلب عليه، لأن مواجهة الفساد تتطلب سلطة من نوع خاص"، بحسب الرياضي. المتحدثة نفسها، وخلال تصريحها لهسبريس، أكدت أن ما وقع من فضائح وملفات الفساد التي كانت مشهد ختام التجربة الحكومية الحالية، من شأنه، على الأقل، أن يقنع فئة أكبر بأن الانتخابات ليست السبيل للقضاء على الفساد المتفشي في المجتمع، ما قد يؤدي إلى عزوف أكبر على صناديق الاقتراع. من جهته تحفظ عبد الرحيم العلام على القول إن ملف "تجزئة خدام الدولة" قد يرخي بظلاله على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، "فالرأي العام الوطني متقلب بشكل سريع، وأي ملف آخر يتم التطرق له في الأيام المقبلة سيجعل الكل ينسى هذا الموضوع ويتوجه نحو موضوع آخر، ولعل النقاش الذي أثير حول نفايات إيطاليا وسرعان ما تم تناسيه مع توالي الأحداث، سواء الوطنية أو الدولية، مثال حي على ذلك"، يضيف المتحدث نفسه. أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض لم ينف أن هناك أحزابا خرجت مستفيدة من هذا الملف، خاصة تلك التي لم ترد أي من أسماء قيادييها فيه، "لكن من المؤكد أن هذا الملف سيكون حاضرا في الحملات الانتخابية للأحزاب التي دائما ما تردد شعارات محاربة الفساد، الفرق الوحيد هذه المرة أن أحزابا سترفع هذا الشعار بْوْجه حْمَرْ، وأحزابا ستكون متناقضة نوعا ما، وأخص بالذكر الأحزاب التي ثبت استفادة قيادييها من تجزئة زعير كالإتحاد الاشتراكي، أو تلك التي لم يصدر عنها أي بلاغ أو رد فعل كالأصالة والمعاصرة". المتحدث نفسه أضاف أن البلاغ المشترك لوزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية حاول تبرئة حزب العدالة والتنمية من هذا الملف، في الوقت الذي من المفروض فيه أن تكون الحكومة مسؤولة كذلك من الناحية القانونية والناحية التنظيمية، على اعتبار أن رئيس الحكومة هو المسؤول عن السلطة التنظيمية، "لكن الأكيد أن البيجيدي هو المستفيد الأكبر من هذا الملف والأصالة والمعاصرة أكبر المتضررين، والأيام وحدها ستكشف مدى انعكاس هذا على الانتخابات المقبلة"، يختم العلام. * صحافي متدرّب