بعد مرور الدقائق الأولى من إعلان الجيش التركي انقلابه على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليلة الجمعة الماضية، تضاربت ردود الفعل الدولية والوطنية بين داعم ورافض لهذه الخطوة، قبل أن تتضح الرؤية و"ينجلي الضباب" ساعات عقب إفشال هذا الانقلاب. الموقف الرسمي المغربي لم يتأخر كثيرا؛ حيث خرجت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون ببلاغ تؤكد فيه دعمها للحكومة التركية، وترفض أي تغيير للسلطة بقوة السلاح، ليكون بذلك المغرب من أوائل دول منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط التي عبرت عن رفضها للانقلاب العسكري الفاشل، إلى جانب دولة قطر. الموقف المغربي الرسمي جاء أيضا بالموازاة مع موقف مجتمعي رافض لتحرك العسكر التركي؛ حيث خرجت مختلف الهيئات المدنية والسياسية بالمغرب للتنديد بالانقلاب ومناصرة "شرعية صناديق الاقتراع" في تركيا. رد فعل أنقرة لم يتأخر كثيرا؛ إذ خرج رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، ليوجه رسائل واضحة إلى مختلف المواقف الدولية حول الانقلاب العسكري في بلاده، مؤكدا أن تركيا لن تنسى مواقف الدول بعد هذه العملية العسكرية، ما يؤشر على أن أنقرة في طريقها لبناء خارطة تحالفات جديدة على ضوء التطورات الأخيرة. ويرى محمد الغالي، أستاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الموقف المغربي من الانقلاب التركي الفاشل يتماشى مع مسألة الشرعية والمشروعية، على اعتبار أن النظام التركي القائم استمد مشروعيته من صناديق الاقتراع، إلى جانب أن "طلب المغرب عودة الشرعية إلى تركيا يتماشى مع أسس الدولة المغربية، كما يشير إلى كون المغرب دولة مستقرة تحترم مسألة اختيار الشعوب لحكامها". وأضاف الغالي أن موقف المغرب جريء ومتوازن، عكس بعض الأنظمة الأخرى التي كان موقفها سلبيا تجاه هذه القضية، من بينها مصر، مرجعا ذلك إلى عدة اعتبارات؛ أهمها تصفية الحسابات ودعم النظام القائم في مصر، بحسب تعبيره. "كما يعود السبب الرئيسي وراء اهتمام المغاربة بالشأن التركي إلى تعاطفهم مع التجربة التركية وإلى أسباب اجتماعية أكثر منها سياسية، باعتبار أن ما يربط حزبي العدالة والتنمية في البلدين لا يمكن أن يكون نواة صلبة لاهتمام المغاربة بهذا الشكل"، يضيف أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض. وفي السياق ذاته، يرى الدكتور محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن موقف المغرب في هذا الشأن حكيم وواقعي ومدعم للشرعية الديمقراطية، كما ينسجم مع مقتضيات القانون الدولي، ويكرس صورة المغرب في تبني النهج الديمقراطي. وأبرز محمد زين الدين أن دعم المغرب لتركيا يهدف إلى ضمان الاستقرار السياسي للمنطقة العربية برمتها، باعتبار أن تداعيات هذا الانقلاب كانت ستزعزع منطقة الخليج بأكملها؛ أي إن المساس باستقرار تركيا فيه مساس باستقرار المغرب كذلك. ويضيف الدكتور زين الدين أنه يوجد تطابق في وجهات النظر على مستوى القضايا العربية بين المغرب وتركيا، كالقضية السورية مثلا؛ حيث اتخذ البلدان القرارات الإستراتيجية والأمنية نفسها في هذه القضية، في مقابل توحد على مستوى وجهات النظر الاقتصادية، الشيء الذي يدعم العلاقات الاقتصادية الثنائية، خاصة وأن تركيا لها نهج يرتكز على اقتصاد براغماتي. ويعزي الأستاذ محمد زين الدين اهتمام المغاربة بالشأن التركي إلى ثلاثة عوامل رئيسة؛ أولها تطلع المغاربة إلى تكريس استقرار المنطقة، وثانيها إقرار الديمقراطية من خلال الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وثالثها حرص المغاربة على نجاح التجربة التركية الديمقراطية باعتبارها تجربة "جنينية"، على حد تعبير المتحدث. *صحافية متدربة