مند بداية الشرارة الأولى للانتفاضة الشعبية ضد الاستبداد والظلم في العالم العربي والشعب المغربي يتفاعل مع الأحداث وجدانا وتحليلا، هذا التفاعل تطور لينتج حركة احتجاجية شبابية لتتطور بشكل متتالي لتصبح حركة احتجاجية شعبية، على غرار الحركات الاحتجاجية العربية الأخرى التي قادها الشباب ، وحسب فلسفة الكون كل تصرف ينتج تصرفا آخر ايجابيا أو سلبيا يختلف على حسب مستوى إدراك ووعي الطرف الأخر لهذا التصرف فهل كان النظام المغربي واعيا بهذا الحراك الشعبي؟ إن ردة فعل النظام مع الحركة الاحتجاجية المغربية 20 فبراير بمختلف مكوناتها لحدود الساعة لم يرقى إلى المطلوب وللنظام المغربي تجارب قريبة يجب أن يتعظ منها قبل أن تعمّ العاصفة التي لا تبقي ولا تدر تأكل اليابس الأخضر غير عابئة بما يمكن أن يحدث في المستقبل. التجربة التونسية : نعم حرق البوعزيزي نفسه فأيقض شعوبا استرخست حياتها من أجل الكرامة والحرية ، ولو عدنا إلى بداية الثورة التونسية لوجدنا أنه كان من الممكن تثويقها وضبطها فتلك الشرطية التي صفعت البوعزيزي لو تم متابعتها طبقا للقواعد القانونية ولو أن الرئيس التونسي أظهر مند البداية تعاطفه مع البوعزيزي دون استهزاء لما حصل ما حصل. التجربة المصرية : يحكي أحد الشباب المصريين الثوار الذين كانوا من الأوائل الذين احتلوا ساحة الحرية أن مطلبهم في الأول كان مقصورا فقط على إقالة وزير الداخلية ولو تم الاستجابة لذلك المطلب في تلك اللحظة لا عاد كل شاب إلى منزله لكن تعنت النظام وتعامله الاستهزائي وتدخله القمعي أدى بالشعب المصري إلى أن يرفع بعد ثلاثة أيام الشعب يريد إسقاط النظام. التجربة السورية : إن الأحداث التي تحصل في سوريا كان من الممكن تجنبها لو تواضع النظام وتنازل واستمع لإرادة شعبه التي كانت في بداية تشكلها تنادي بإصلاحات قائمة على الحرية و الكرامة .لكن تطور الأحداث في مدينة درعا مند اعتقال الأطفال الصغار الذين لا يتجاوز عمرهم 14 عاما عندما ضبطوا يكتبون على الجدران الشعب يريد إسقاط النظام وتعامل والي الأمن في تلك المنطقة مع أعيان المدينة عندما تدخلوا لإطلاق سراح الأطفال كل هذه الأحداث ساهمت إلى المطالبة اليوم بإسقاط رأس النظام . إن هذا لا يعني دفاعا أو حبا لهذه الأنظمة المستبدة وليست نصائح للأمير كما قيل عن ميكيافيلي في كتابه الأمير، لكن هي إشارات للنظام المغربي لكي يعيد موازين تدبير الحكم وفق إرادة الشعب ، دون مراوغات وبلاغة سياسية،لأن إرادة الشعوب عندما تتدفق لتصل إلى قمة شراهتها تصبح صعبة الضبط وهذا ماحصل في كل من مصر وتونس وسوريا واليمن ليبيا فهل النظام الحاكم في المغرب اقتبس الإشارة؟ إن التأمل في ردة فعل النظام لم تصل إلى رغبات الشعب والدليل أنه لا زال يتظاهر كلما نودي عليه للمشاركة في الاحتجاج ،نعم هناك مبادرة ملكية لضبط الأحداث و تجنب ماحصل في باقي الدول العربية ، وحتى المساهمة في دمقرطة الدولة المغربية، لكن هل هذا مايريده الشعب ؟ الشعب يريد إقالة ومحاسبة أسماء بعينهم ويريد إلغاء مهرجان موازين, مع العلم أن الحركة الاحتجاجية المغربية تشهد تطورا كبيرا رغم كل ماقيل عنها من تبعيتها وصبيانتها كما كان قد صرح جمال مبارك عن الشباب المعتصم في ساحة التحرير . على النظام اليوم أن يكون عاقلا متواضعا وينصت جيدا للشعب ، فالشعب اليوم يرفع مطالب بسيطة مقارنة بما يمكن أن يطالب به مستقبلا.