في قرار جديد له، أجاز المجلس الدستوري القانون التنظيمي القاضي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، المحال عليه من طرف رئيس الحكومة، وأبدى موافقته على العديد من البنود التي ترى العديد من الأصوات المجتمعية والسياسية أنها تعجيزية. وأكد المجلس أن اشتراط الحكومة "أن يكون أصحاب الملتمس في مجال التشريع ومدعموه مقيدين في اللوائح الانتخابية العامة"، والذي جاءت به المادة الثانية من هذا القانون التنظيمي، مطابق للدستور، وأن "الملتمسات في مجال التشريع توجه إلى البرلمان الذي هو مؤسسة منبثقة عن الانتخابات". وأوضح المجلس، في هذا الصدد، أن "ممارسة الديمقراطية المواطنة والتشاركية التي هي من مقومات النظام الدستوري للمملكة يجب أن تتم في نطاق ما كرسه الدستور في تصديره وفي فصله 37 من تلازم ممارسة الحقوق بأداء الواجبات"، معتبرا أن التسجيل في اللوائح الانتخابية شرط لممارسة حق التصويت الذي هو أيضا واجب وطني، طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 30 من الدستور. من جهة ثانية، وحول تقديم الملتمس لأعضاء اللجنة المعنية، والذين يشترط فيهم الانتماء لثلث عدد جهات المملكة على الأقل، وأن تكون لائحة دعم الملتمس موقعة على الأقل من قبل 25 ألف مواطن، أوضح المجلس أنه "يرمي دون غلو إلى ضمان الصبغة الوطنية للتشريع"، مبرزا أن "تحديد هذا العدد من مدعمي الملتمس ليس فيه، بالقياس لعدد الناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة، أي تعجيز من شأنه أن يحد من ممارسة المواطنات والمواطنين للحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع". وتعليقا منه على المادة التي نصت على أن "الملتمسات في مجال التشريع تكون غير مقبولة إذا كانت تتضمن اقتراحات أو توصيات تتعلق بمراجعة الدستور أو القوانين التنظيمية أو قانون العفو العام أو النصوص المتعلقة بالمجال العسكري، أو تخص الأمن الداخلي أو الدفاع الوطني أو الأمن الخارجي للدولة"، أعلن المجلس الدستوري أن الاستثناء الوارد في البند الثاني المذكور من المادة 4 ليس فيه ما يخالف الدستور. وبرر القرار ذلك بكون الدستور في فصله 14 أسند لهذا القانون التنظيمي تحديد شروط وكيفيات ممارسة المواطنات والمواطنين الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع، معتبرا أن "الأمر يخول للمشرع سلطة تقديرية لاستثناء بعض المواد المندرجة في مجال القانون، لاعتبارات يقدرها، من حق تقديم ملتمسات بشأنها، ما دام الاستثناء المذكور لا يمس في طبيعته ومداه بجوهر هذا الحق المخول دستوريا للمواطنات والمواطنين".