تعيش مدينة بني ملال على صفيح ساخن، على خلفية غرق عدد من أبنائها في السواحل الإيطالية نهاية ماي المنصرم، بعد غرق قارب كان يقلهم، قادما من ليبيا، في حين غابت أي بلاغات رسمية من قبل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون حول الموضوع. آخر التطورات كانت تنظيم مسيرة احتجاجية لأهالي المفقودين، دعت إليها جمعية ائتلاف الكرامة لحقوق الإنسان ببني ملال، للمطالبة بمعرفة مصير المفقودين، وإرجاع جثامينهم، في وقت أكد أنيس بيرو، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أن الحكومة تتابع الموضوع عن طريق لجان مختصة، وذلك أثناء حضوره إلى الجلسة السابقة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب. وطالبت جمعية ائتلاف الكرامة لحقوق الإنسان الدولة والحكومة بتحمل مسؤولياتها في هذا الملف، داعية الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة، إلى توفير الإمكانيات لقنصليات المغرب بإيطاليا للتحرك الميداني للوقوف على مصير المفقودين، وكذا التنسيق بين وزارة الداخلية والخارجية والصحة، والاتصال بالعائلات من أجل أخذ عينات من الحمض النووي للوصول إلى هويات الموتى. وكشف رئيس ائتلاف الكرامة لحقوق الإنسان ببني ملال، محمد جمال السقاوي، في تصريح لهسبريس، أن الجمعية توصلت بأخبار تفيد بوجود 43 مفقودا مغربيا في الحادث؛ وذلك وفق الشكايات الواردة من العائلات، التي تطالب بإرجاع الجثامين إلى المغرب من أجل دفنها. وفي الوقت الذي دعا السقاوي الحكومة إلى الاتصال بالعائلات والوقوف إلى جانبها، شدد على أن هناك عددا من المهربين لازالوا ينشطون في مدن بني ملال وخنيفرة والفقيه بنصالح وقلعة السراغنة، ويأخذون الشباب إلى ليبيا، كما أن بعض العصابات تقوم باحتجازهم هناك، وتطالب الأسر بالفدية. وكشف المتحدث ذاته أن عدد المغاربة الذين كانوا على متن القارب يمكن أن يصل إلى 177 شخصا، "بالنظر إلى عدد الناجين الذين ترفض عائلاتهم الحديث عنهم، كما أنه عادة ما يتخلص المهاجرون الذين يصلون عبر القوارب من جميع أوراقهم الثبوتية لكي لا يتم التعرف على جنسيتهم في البلدان الأوروبية"، حسب تعبيره. وتابع محمد جمال الدين التأكيد أن الحكومة المغربية تتوفر على إمكانيات من أجل ضبط العدد الحقيقي للمفقودين، داعيا وزارة الخارجية إلى التحرك؛ في حين تحدث عن أن عددا من الذين فقدوا حياتهم اتصلوا بعائلاتهم بالمغرب قبل التحرك صوب السواحل الإيطالية، قبل أن ينقطع الاتصال، ويتم بعد ذلك اكتشاف غرق القارب الذي كان يقلهم. وكشف الفاعل الجمعوي ذاته عددا من المعطيات حول الهجرة غير النظامية في بني ملال والمدن المجاورة لها، مؤكدا أن السماسرة يأخذون 3 ملايين سنتيم من الشباب، الذين تتراوح أعمارهم عموما ما بين 16 سنة و30 سنة، كما أنهم يتبعون ثلاثة طرق، إما عبر السفر إلى الجزائر ثم إلى ليبيا، التي تعيش وضعا أمنيا وسياسيا غير مستقر، يسهل الوصول إلى السواحل الإيطالية، أو المرور إلى الأخيرة عبر تونس؛ في حين أن الطريق الثالثة تمر عبر تركيا.