نور الدين الأضاوي، مالك محل لبيع ملابس النساء وسط سوق "الأحد" بأكادير، تحوّل متجره إلى مأوى وعيادة بيطرية لعشرات القطط التي كانت تجوب مختلف أرجاء السوق وفضاءاته، قبل أن تتطور فكرة الاعتناء بهذه المخلوقات ورعايتها إلى إحداث حديقة وسط هذا السوق، لا تتعدى مساحتها 4 أمتار مربعة، يجلُب منظرها و"تجهيزاتها" المئات من الزوار المغاربة والأجانب الذين يتوقفون عند الحديقة طيلة فترة فتح أبواب السوق للعموم، لاستطلاع تجمع القطط هذا الذي بصم عليه نور الدين بفضاء السوق اليومي بأكادير. منذ سبع سنوات، ونور الدين يحرص على توفير متطلبات العيش بالنسبة إلى هذه القطط، ويوفر لها الرعاية الصحية، عبر متابعة بيطرية منتظمة، فأضحت هذه المخلوقات تستشعر قدوم نور الدين إلى السوق. فبمجرد أن تطأ قدماه المتجر، تجتمع العشرات من "قطط السوق" حوله، يداعبها ويتفحص أجسادها وحالتها، قبل أن يعمد إلى إطعامها الذي يكلفه مبالغ مالية مهمة. "نحو 30 من القطط البالغة مسجلة لدى المصالح البيطرية بأكادير، لكل واحدة دفترها الصحي، والأمر ذاته سيتم مع صغارها البالغ عددها أزيد من 26"، يقول نور الدين في حديثه مع هسبريس، مبرزا أن معاملة خاصة "إلى حد اعتبارها واحدة من أفراد الأسرة"، تُعطى للقطط، و"أصرف من مالي الخاص من أجل تغذيتها وعلاجها وإجراء تدخلات جراحية تهم بالأساس تعرضها للكسور، استئصال الرحم، أو غسل المعدة عند اكتشاف تعرضها للتسمم بتناول سم القوارض". فكرة اختيار مكان الحديقة قبالة المحل التجاري لنور الدين، جاءت بعد إخلاء الفضاء من الباعة المتجولين، فظلت القطط تقصده للاسترخاء في أشعة الشمس، بعد تناول وجبتها أمام المتجر، مما حذا بالناشط في مجال الرفق بالحيوانات نور الدين الأضاوي إلى تسييج المكان، وتحويله إلى "مأوى" للقطط، يُوفر لها أدنى شروط العيش؛ حيث تجتمع هناك لتناول وجباتها جماعيا، أو لإخضاعها لبعض الفحوصات، وذلك بمساعدة عدد من الناشطين في المجال ذاته. واستنكر نور الدين، الذي أسس جمعية "الرحمة للمحافظة على البيئة والرفق بالحيوان"، وتضم مغاربة وأجانب، ما يتعرض له من مصالح المجلس الجماعي لأكادير من تهديدات، تُوجت بإنذار يطالبه بإخلاء الحديقة، اعتبارا لدخولها ضمن الملك العام، "في الوقت الذي تعيش فيه فضاءات السوق احتلالا للباعة الجائلين، وانسداد مختلف ممراته وأبوابه الرئيسية لعرض السلع بالملك العام، مما تسم معه العشوائية التدبير اليومي لهذا المرفق التجاري"، مطالبا بتفعيل القانون في مثل هذه القضايا ذات الأثر السلبي على التجار، قبل الخوض في "التفاتة إلى كائنات ومخلوقات أوصانا الإسلام بالرفق بها"، يقول المتحدث. المواطنة الجزائرية حسينة بناتي، الناشطة في ميدان البيئة والرفق بالحيوان بأكادير نائبة رئيس جمعية "الرحمة"، أوردت، في تصريح لهسبريس، أن الغرض من إنشاء هذه الحديقة حماية القطط من مختلف المخاطر المحدقة بها بالسوق، مطالبة السلطات المختصة والمجلس الجماعي بتوفير فضاء لإيواء هذه المخلوقات، إن هي قرّرت إخلاء الحديقة الحالية، ف"نحن لا ندافع فقط عن القطط المتواجدة بالسوق، بل كل القطط والحيوانات بالمدينة، ونضع أيدينا في أيديكم بهدف مساعدتكم في هذه العملية".