بعد أزيد من عام على انطلاق عملية ترميم معمقة ودقيقة لصومعة حسان الأثرية، بدأت المعلمة تطل من جديد بلون رملي صاف عقب إزالة الهيكل الحديدي الذي كان يحيط بها من كل جانب، إيذانا باقتراب انتهاء أشغال الترميم الذي تم وفق معايير دولية عالية. كمال بلقايد، مفتش المباني التاريخية بالمديرية الجهوية بالرباط، قال، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن المهندسين والعمال يضعون اللمسات الأخيرة على الصومعة التاريخية؛ حيث لم يتبق إلا الجزء اليسير من الأشغال، مشيرا إلى أن الولاية هي من يقرر في نهاية المطاف ما يجب إضافته أو حذفه. وأبرز المتحدث أن عملية الترميم اعتمدت على تقنيات بيولوجية محضة بعيدا عن استعمال أي مواد كيميائية مصنّعة؛ إذ تم تنظيف الجدران الأربعة للصومعة باستعمال تقنية التنظيف بالرمال والماء المخفف، وعمد العمال إلى إزالة الأوساخ والطحالب والفطريات والأملاح العالقة بصخور الجدران، لاسيما جدار الواجهة البحرية الذي كان الأكثر تضررا. بلقايد أكد أن المشروع تم إنجازه وفقا لمعايير معتمدة عالميا، وأشرف عليه طاقم 99 بالمائة من أفراده مغاربة، انطلاقا من وزير الثقافة مرورا بالمهندسين والعمال وصولا إلى الصناع التقليديين، بالإضافة إلى 1 بالمائة من الخبرة الأجنبية، على اعتبار أن التقنية المستعملة تطلبت جلب خبراء من فرنسا وألمانيا. وعمل الطاقم على إعادة رونق الصومعة وتثبيت حجارتها المتآكلة والضعيفة بفعل الزمن، يقول بلقايد مشيرا إلى أن لون الصومعة صار أكثر وضوحا، غير مستبعد أن تعود المعلمة الأثرية إلى حالها بسبب التلوث والرطوبة بعد 20 سنة. ويعد مسجد حسان أكبر مسجد بشمال إفريقيا من حيث المساحة؛ إذ يبلغ طوله 183 مترا وعرضه 139 مترا، فيما يبلغ علو صومعته حوالي 44 مترا، بينما يبلغ سُمك جدرانها مترين ونصف المتر، وقد تم بناؤها بأمر من الخليفة الموحدي يعقوب المنصور سنة 593ه الموافق ل1197/1198م، بتزامن مع معلمتين مماثلتين هما الخيرالدا بإشبيلية وصومعة مسجد الكتبية بمراكش. وتدخل عملية ترميم الصومعة في إطار إستراتيجية وزارة الثقافة الرامية إلى الحفاظ على التراث الوطني وصيانته، والتي تهم ترميم وإعادة تهيئة عدد من المعالم الأثرية والتاريخية على صعيد المملكة، كما هو الشأن بالنسبة ل "قصر البديع" بمراكش الذي رصدت له اعتمادات مالية تصل إلى 7 ملايين درهم، وكذلك "قصر الباهية" بالمدينة الحمراء الذي تتجاوز التكلفة الإجمالية لعملية ترميمه 20 مليون درهم. وتهدف الإستراتيجية أيضا إلى إعادة تهيئة القصبات في المناطق القروية كقصبة "مهدية" بالقنيطرة وقصبة "بولعوان" بإقليم الجديدة وعدد من القصبات بالجنوب، فضلا عن "قصر البحر" الواقع بضواحي مدينة آسفي. وقد خصصت وزارة الثقافة 64 مليون درهم من ميزانية 2016 من أجل ترميم وتأهيل وتهيئة 14 معلمة تاريخية.