تحدث الإعلامي الفلسطيني عبد الباري عطوان عن تطورات الربيع العربي والأزمات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وذلك خلال استضافته في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، ليل أمس الأربعاء بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط. واستحوذت الأزمة السورية وتحديات الجماعات المسلحة على حيّز كبير من حديث رئيس التحرير السابق لجريدة القدس العربي، الذي شدد على أن الأزمة السورية لم تعد في يد العرب، بل أصبحت في يد قوتين عظميين، هما الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا، فبات الدور العربي هامشيا جدا؛ في حين أن مفاوضات السلام انهارت، وأصبح الحل العسكري هو السائد.."وهناك قوات خاصة أجنبية تفرض الأجندات. وجاءت الاستعانة بالأكراد وليس العرب من أجل فرض المخطط الروسي الأمريكي في سوريا؛ كما أن النظام لم يعد له القرار في المستقبل"، يقول عطوان. وكشف عطوان، في معرض تفصيله في الحديث عن الأزمة السورية، أن "هناك حلا غير معلن متفق عليه بين روسياوالولاياتالمتحدة لتقسيم سوريا، كما أن الأولوية حاليا هي القضاء على جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية".. "سيتضح المخطط وسيكون تقسيميا.. ومشروع الدستور السوري بداية لملامح مخطط تقسيم سوريا وإقامة كنتونات"، يضيف عطوان. وعن الدور الإيراني، قال عطوان إن "طهران تتدخل في سوريا وتقتل الشعب السوري، كما هو الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تقتل الشعب السوري، وكذا قطروتركيا". وفي ما يخص الدور الحالي لتنظيم الدولة الإسلامية، قال عطوان إن هذه الأخير فاجأ الدول الغربية بعد أن أربك جميع المعادلات، مردفا أن "هذا التنظيم عمره عامان فقط، بعد أن أعلن عنه من مدينة الموصل، ورغم محاربته من طرف أكثر من ستين دولة، لازال قويا". وشدد المتحدث ذاته على أن الدولة الإسلامية لن تختفي، ومن الصعب زوالها، بالنظر إلى توفرها على فروع قوية في اليمن وشمال إفريقيا وولايات في أكثر من عشرين دولة.. "وحتى القضاء عليها في العراقوسوريا ربما يكون لمصلحتها على المدى البعيد، إذ ستتخلص من إدارة تسع ملايين مواطن، وتعود إلى تحت الأرض فيكبر الخطر"، يزيد عطوان. "لا أتحامل على الثورات العربية، وكنت من المبشرين بها"، يقول رئيس تحرير موقع "الرأي اليوم"، مضيفا أن هذه الثورات "خطفت من الغرب ووظفت من مصالح غربية، في مقابل أن من قاموا بها كانت أهدافهم طبية"، حسب تعبيره؛ وزاد: "التغيير انتقل من تغيير أنظمة إلى تدمير الدول والحدود، وذلك ليس ذنب من قام بالثورة وإنما من أراد استغلالها". وتحدث عطوان عن الإسلاميين في المنطقة، موضحا أنهم كانوا القوة المنظمة الوحيدة في الثورات العربية، "ووصلوا إلى الحكم من خلال صناديق الاقتراع وانتخابات أشاد الجميع بنزاهتها"، مضيفا أن ما حدث في مصر "انقلاب"، كما كشف لقاءه له مع الرئيس السابق لمصر محمد مرسي في قصر الاتحادية، قائلا: "كان الرجل صادقا في ما يقوله، وكانت له طموحات، لكن كانت تنقصه الخبرات على مستوى إدارة دولة محورية في المنطقة العربية، وفيها الجيش الذي يقرر كما هو الحال بالنسبة إلى تركيا". واعتبر الإعلامي الشهير أن القضية الفلسطينية غابت عن الربيع العربي، وجاء التركيز على المشاكل الداخلية، مضيفا: "وهذا من عيوب الثورات..ولكن ربما جرت عملية مهادنة لإبعاد القضية الفلسطينية، وهذا أمر مؤسف، فالشيء الوحيد الذي بقي يوحد الشعوب هو القضية الفلسطينية"، مستشهدا في ذلك بالتضامن مع غزة. وأكد عبد الباري عطوان أن هناك مخططا لتقسيم شمال إفريقيا وتفتيته، وأنه لازال مستمرا، مشيرا إلى أن المنطقة المغاربية لا تعرف وجودا لسنة أو شيعة، ولكن يوجد عرب وأمازيغ، مضيفا: "يعملون في الغرب على التفرقة بينهما"، وكاشفا وجود خطة لتفتيت الجزائر بعد سوريا، "إذ تم تأسيس محطات تلفزيونية في لندن، وكانت ستؤسس في العاصمة الفرنسية باريس، من أجل هذا الغرض"، على حد قوله. أما عن النموذج التركي، فذكر الإعلامي الفلسطيني أنه كان من المعجبين به، لأنه زاوج بين الإسلام والديمقراطية، وتمكن من تحقيق نقلة اقتصادية نوعية؛ "لكن النظام التركي بعد ذلك فقد البوصلة، وبدأ يتدخل في شؤون الدول الأخرى، وخاصة سوريا، فأصبحت تركيا تخسر ملايير الدولارات في السياحة والتبادل التجاري، وهذا ما يجعلها في حاجة إلى تغيير سياساتها"، حسب تعبيره.