أعلن فرع الحسيمة من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تقريره بخصوص الأحداث العنيفة التي واكبت مسيرة 20 فبراير بالمدينة ونواحيها زيادة على ما وكبها من اكتشاف ل5 جثث متفحمة بوكالة بنكية مستقرة بوسط الحسيمة.. إذ أورد التنظيم الحقوقي ضمن ديباجة التقرير بأن مطالبه بفتح تحقيق شفاف وموضوعي متسم بالمصداقية ومنسجم مع المعايير الدولية "لم يجد صدى لدى الجهات المعنية رغما عن خطورة الأحداث"، وأردف: "علامات استفهام كبرى تطال من له المصلحة في الإبقاء على الحلقات المفقودة في عمق أحدث تركت آثارا نفسية محيرة وسط الرأي العام..". وكشف ذات التقرير بأن فرع الحسيمة من ال AMDH قد بادر إلى تسليط الضوء على الوقائع بعد أن "انتابه الشك" رفقة مجموعة من الهيئات الداعمة لحركة 20 فبراير.. كما أعلن عن توجيه رسالة لوزير العدل، تحت إشراف المكتب المركزي للجمعية، ورسالة مماثلة للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة بغرض لفت انتباههما إلى خطورة ما يروج وسط الرأي العام، وكذا عائلات الضحايا التي تتشكك في الرواية الرسمية، زيادة على رسالة لكل من مدير السجن المحلي والمندوب السامي لإدارة السجون حتى يتمكن آل معتقلي 20 فبراير من زيارة أبنائهم ويُتعامل مع هؤلاء بصفتهم "معتقلون لأحداث اجتماعية".. وكذا رسالة لوالي جهة "تازةالحسيمة تاونات" قصد تفعيل اللجنة الإقليمية المكلفة بمعاينة السجون.
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة، ضمن تقريرها المتوصل بنسخة منه من لدن هسبريس، أن الرواية الرسمية للوقائع "تعوزها الدقة في المعطيات ويعتريها الالتباس" موردة في هذا السياق: "مباشرة بعد ذيوع خبر وفاة خمس شبان، وجدت جثثهم متفحمة بوكالة البنك الشعبي بالحسيمة، سارع كل من وزير الداخلية ووكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة إلى إصدار بلاغات مقتضبة تؤكد بأن الوفاة ناجمة عن احتراق لهذه الجثث نتيجة النيران التي شبت فيها، وأن التشريح الطبي ثبت خلوها من أية آثار للعنف.. وأضاف الوكيل العام أن نتائج التشريحين الطبيين يؤكدان أن الوفاة ناجمة عن الحريق وأن تقرير الخبرة الثانية التي أنجزها ثلاثة أطباء مختصون في الطب الشرعي تؤكد عدم وجود أثار للعنف على الجثث وأن الهالكين الخمسة كانوا على قيد الحياة قبل اندلاع النيران.. وخلص إلى أن الأبحاث متواصلة للتعرف عن أسباب نشوب الحريق لتحديد المسؤوليات"..
واسترسل: ".. هذه التأكيدات لم تضع حدا للشكوك التي ظلت تنتاب الرأي العام، وعائلات الضحايا وبعض الشهود، الذين يؤكدون روايات أخرى لها مصداقيتها.. تذهب إلى حد افتراض أن يكون بعض هؤلاء الضحايا تعرضوا للتعذيب وجرى التخلص منهم بتلك الطريقة لمحو آثار الجريمة، وقد اقتنع الرأي العام إلى حد كبير بهذه الرواية.. ولعل أبلغ لحظة في هذا المسار تلك التي عبرت عنها شهادات مؤثرة لعائلات مكلومة بالفقدان الأليم لأبنائها وبعض الشهود في يوم تأبيني للشهداء".. وقد عبر فرع ال AMDH بالحسيمة عن اندهاشه من "تواري الوكيل العام على الأنظار بالرغم من مما يروج من تشكيك في الرواية التي قدمها للرأي العام، وعدم إعماله لبعض الإجراءات التقنية رغم وجود تناقضات ومفارقات لم يجر حلها بشكل معقول".
واعتبرت نفس الجمعية الحقوقية بأن الوكيل العام للملك بالحسيمة يواصل، تحت ذريعة سرية البحث، احتكار معلومات مهمة منها فحوى الأقراص المدمجة المسلمة له من قبل أمن البنك الشعبي وتقرير التشريحين الطبيين للجثامين وكذا تقرير الفرقة الأمنية المكلفة بالبحث"، وواصلت: "بعض المصادر تؤكد أن جثامين الضحايا عثر عليها على دفعتين داخل الوكالة البنكية.. فبعد أن أخمدت النيران من قبل رجال المطافئ، حولي الساعة الثامنة من مساء يوم 20 فبراير، تم العثور على جثة واحدة.. ثم قيل أن النيران شبت من جديد في الوكالة فجر اليوم الموالي بشكل تطلب النداء من جديد على رجال المطافئ.. ليكتشف في الصبيحة وجود أربع جثث أخرى.. وهي المعطيات التي لم يتسن لنا تأكيد حقيقتها من جهة رسمية".
كما أقر فرع الحسيمة من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأن عائلات الضحايا تروي تعرضها للابتزاز من قبل الوكيل العام لاستئنافية الحسيمة عبر تهديده إياهم بأداء تعويضات الأضرار في حال التشبث بضرورة تسلم تقرير الخبرة الطبية الخاص بتشريح جثامين القتلى.. وذلك ضدا على مقتضيات قانون المسطرة الجنائية وفصله الرابع المؤكد على سقوط الدعوى العمومية بموت الشخص المتابع.."، وتابع: " وفي نفس السياق يحق لنا إقامة نفس الدعوى المدنية بالنظر إلى التقصير من قبل السلطة الأمنية في عدم اتخاذها تدابير وقائية لحماية أرواح المواطنين"، هذا قبل أن يدرج التقرير مضمون لقاء بين فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة يتنصيص على أنه "نفى نفيا قاطعا أن يكون قد صدر منه أي تهديد لعائلات الضحايا، وأنها لم تطلب منه الإطلاع على تقارير الخبرة الطبية.."، وأضيف: "لكنه لم ينف احتمال أن تكون جهة أخرى داخل المحكمة قد تصرفت هذا التصرف، أما فيما يخص الأقراص المدمجة فإنه يرفض أن يسمح لأحد بالاطلاع عليها نظرا لسرية البحث.. وعندما طالبه مسؤولو الفرع بمنحهم نسخة من الخبرة الطبية رفض ذلك.. غير أنه لم يمانع من الاطلاع عليها دون استنساخها".
نفس التقرير أورد: "تسنى لنا فعلا الإطلاع على نتائج التشريحين، الأول من إنجاز المؤسسة الصحية بالحسيمة والثاني من إنجاز أطباء من المركز الاستشفائي ابن رشد وأجرته لجنة طبية ثلاثية مختصة في الطب الشرعي. ويبدو ظاهريا من خلال قراءة حرفية لنصه أنه يتطابق مع ما صرح به الوكيل العام، غير أنه طالما أننا لا نتوفر على هذه الوثيقة رسميا لعرضها على جهة مختصة قصد قراءتها قراءة مهنية لا نستطيع تأكيد أي شيء الآن.. ويستفاد من كل هذه التصريحات، سواء الصادرة عن الوكيل العام أو عن عائلات الضحايا والشهود، أن هناك تضاربا كبيرا في المواقف تجعل فرع الجمعية يميل إلى تأكيد قناعة أن هناك رغبة لدى الجهات المعنية للتخفي وراء هذا الغموض والالتباس سعيا منها إلى زوال موجة الاحتجاجات التي يشهدها الشارع بالحسيمة وبشكل يدفع الرأي العام إلى تقبل الأمر الواقع ودفن الملف برمته في دهاليز الصمت. وفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يحمل المسؤولية للوكيل العام للملك في احتكار معلومات مهمة باسم سرية البحث، ونخاف أن تكون مجرد ذريعة لتكميم الأفواه".
أما بشأن "الحياد السلبي للسلطان وقوى الأمن خلال مسيرة 20 فبراير بالحسيمة" فقد قال التقرير الحقوقي: "كان هناك نوع من الاستهانة بالصيحة الشبابية والشعبية التي أطلقت يوم 20 فبراي.. وتمثل ذلك في الغياب شبه التام لقوى الأمن من الساحة، والتزامها بنوع من الحياد السلبي، ليس بهدف إفساح المجال لاستعمال الشارع العمومي كوسيلة للتعبير السياسي، بل ربما لتفخيخه وتلغيمه حتى يحيد عن طابعه السلمي.. ولكي يروج انطباع بأن الناس غير جديرين بالحرية وتعطى ذرائع لممارسة القمع والبطش.. وتنتاب الفرع شكوك قوية أن يتم الالتجاء إلى استلهام تفسير لما حدث بناء على اعتقالات عشوائية وعلى تصريحات يقول أولياء المعتقلين في شكاياتهم لفرع الجمعية ،أن أبناءهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة والإهانة وصلت إلى درجة التلفظ بعبارات لها نفحة عنصرية يعاقب عليها القانون الجنائي وتشجع على الحقد والكراهية.. فالشطط في استعمال القانون والسلطة معا كان باديا في طريقة متابعة المطاردين واعتقالهم، عدد منهم لم يعتقلوا متلبسين بالجريمة بل شملتهم حملات عشوائية كما تشهد على ذلك شهادات لشهود توصلت الجمعية بنسخ منها عبر أقرباءهم، ولاسيما التلميذان اللذان تنسب لهما تهما تتنافر مع سجلهم الدراسي الذي يشهد على استقامتهما الأخلاقية والأدبية".
وبشأن ذات الخروقات أورد التقرير أنها طالت الشطط في استعمال السلطة وتجاوز القانون، والتعذيب والتستر على حقائق بشكل يتنافى مع التزامات الدولة المتعهد بها بعد مصادقتها على اتفاقية مناهضة التعذيب، واستمرار ممارسة الإفلات من العقاب بشكل يتنافى تماما مع الجو الذي يدشن حاليا والرامي إلى دسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ولا سيما توصية حول الحكامة الأمنية.. زيادة على للضغط والتعذيب لانتزاع اعترافات من العارضين وتلفيق تهم قاسية لهم، واعتقالهم خلال اعتقالات عشوائية وتعنيف المتظاهرين ودهس البعض منهم بسيارات الأمن عبر إلحاق عاهات مستديمة بهم.. وكذا التستر على معلومات مهمة من قبل المسؤول الأول عن السياسة الجنائية بالإقليم واحتكارها باسم سرية البحث بشكل يتنافى مع مقتضيات القانون الجنائي الدولي والوطني.. كما كشف فرع الحسيمة من ال AMDH عن تشبثه بضرورة إيفاد لجنة تحقيق في كل مجريات الأحداث وما بعدها زيادة على اتخاذ إجراءات عاجلة للكشف عن جميع الوثائق المرتبطة بالحقيقة مع إطلاق سراح كافة "معتقلي الأحداث الاجتماعية".