قال الناشط السياسي حسن طارق إن "الدولة العميقة" و"التحكم" و"السلطوية" تبقى عناوين لما وصفه ب "عرقلة الانتقال الديمقراطي" بالمغرب، موضحا أن "الحكومة المفروض أنها تمثل الشعب لا تملك السلطة وتعيش في مواجهات مع مؤسسات ووكالات وأجهزة تابعة للدولة"، فيما شدد على أنه "لا يمكن تصور بناء ديمقراطي سليم ما لم نحترم إرادة الناخب ونهمش الحكومة والمؤسسات المنتخبة". واعتبر الأستاذ الجامعي، الذي تحدث في ندوة "الاستحقاقات التشريعية 2016 بالمغرب" بمدينة دسلدورف الألمانية، أن تلك الأوصاف تبقى أعراضا لمحاولة "عودة السلطوية" في الوقت الراهن، كاشفا عن وجود التحكم في "القرار السيادي للأحزاب والتدخل في اختيار الأحزاب لزعمائها وتوجيهها في سياقات معينة"، فيما اعتبر أن "توجيه الحياة السياسية صوب ما تبتغيه السلطة ضدا عن إرادة المواطنين هو اعتداء على الشرعية". وتوقف البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في الموعد الذي نظمته جمعية "مغرب التنمية" بألمانيا، كثيرا عند قضية "عودة السلطوية"، التي قال إن "الدولة لم تقطع معها نهائيا"، ليورد أن تجربة التناوب التوافقي للعام 1998، فشلت في أداء مهامها "لأسباب متعددة، منها ثقل الأعراف المخزنية في النظام السياسي، واستمرار الازدواجية بين الحكومة والدولة بأن تجد الحكومة السياسية المنتخبة نفسها دوما مهمشة من طرف سلطة تعتبر أنها هي من تملك القرار السياسي". وعاد حسن طارق إلى عقدين تقريبا، وهو يشرح الوضع السياسي في المغرب وربطه بواقع اليوم، موضحا أن البلاد كانت دولة محكومة بسلطوية مغلقة كانت أبرز مظاهرها "سنوات الرصاص"، مردفا أنه في أواخر عهد الملك الراحل الحسن الثاني "وقع نوع من الانفتاح ودعوة المعارضة إلى الحكم، ثم تجربة التناوب التوافقي" التي تزعمها الوزير الأول وقتها الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي. وتابع طارق قائلا: "لكن المرحلة آنذاك لم تكن مؤسسة للانتقال الديمقراطي. فبعد خمس سنوات تم الانقلاب على العملية الديمقراطية بدعوة وزير غير سياسي لقيادة الحكومة"، معتبرا أن عام 2007 سجل إحدى أضعف نسب مشاركة المغاربة في العملية الانتخابية، "سجلت نسبة كبيرة من العزوف وكنا وقتها أمام أزمة سياسية وأن تدبير الدولة قائم على عدم المحاسبة، وعاد مطلب الملكية البرلمانية من جديد". إثر ذلك، يرى الناشط السياسي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن جهات قريبة من السلطة اعتبرت أن عنوان الأزمة هم الفاعلون السياسيون، "ظهر تحليل صنع في المختبرات يقول بأن الأحزاب كلها ضعيفة وفاشلة ولا تستطيع مواجهة التيار الإسلامي، ويجب خلق حزب للتوازن يدافع عن الحداثة يخفي وراءه نموذجا تونسيا يتحكم في عملية سياسية مراقبة من طرف حزب الدولة". مرحلة ما بعد الربيع العربي في المغرب، يضيف طارق، والتي كانت تغري بالتغيير وفق شعار قوي تمثل في إسقاط الفساد والاستبداد، تميزت بطرح نقاش على ضوء أن " المغرب في معزل عما يقع في تونس ومصر وليبيا، ويمجد الاستثناء، وأن الشرعية هي للمؤسسة الملكية ولسنا في حاجة لأي تغيير سياسي"، إلى جانب تصور آخر "كان يرى طموح شباب مغاربة في ديمقراطية حقيقية والحق في المطالبة باستئناف الإصلاح السياسي الذي تعثر". وقال حسن طارق إن سنة 2011، كانت فترة مكثفة عناوينها "حراك 20 فبراير وخطاب 9 مارس وحكومة جديدة ودستور جديد يريد أن يقطع مع الملكية التنفيذية ويحمل وعودا بالانتقال الديمقراطي ومنح صلاحيات قوية للحكومة ورئيسها"، قبل أن يركز على "استنهاض المشروع الديمقراطي وظهور منطق آخر يريد العودة إلى السلطوية، ويقول للمغاربة إن تنازلات الدستور هي تكتيك، وإن قوس التغيير سرعان ما سيقفل عبر تهميش الأحزاب والمؤسسات المنتخبة".