في عشية اختلط فيها حفيف الأشجار وزقزقة العصافير بمزيج سحري لموسيقى كناوة والفلامينكو المرفوقة بنغمات الجاز، كان جمهور "منصة شالة" على موعد مع النغم الهادئ، طيلة ساعة ونصف من العرض الموسيقي الذي قدمته كل من المغنية الإسبانية إيناس باكان وعازف الغيثار الفرنسي بيدرو صولو، رفقة المبدع الكناوي المعلم محمد بقاس. بخامس أيام مهرجان "موازين"، ورابع سهرات "منصة شالة"، تراقص الهجهوج الكناوي والكمان الفرنسي على أنغام قيثارة الفلامينغو، غلفتها مواويل وأشجان بصوت إيناس الشجي، وأحاطت بها آهات بوهيمية من حنجرة محمد بقاس الذي أبدع في المزج بين الحضرة الكناوية وهدوء البلوز الأمريكي. أما صاحبة الحضور القوي على الركح، إيناس باكان، فقد تفننت في تقديم مقطوعات من الموسيقى الغجرية، مستعرضة ما ورثته عن أجدادها من موسيقى الفلامينغو التي نالت إعجاب الحاضرين؛ إذ بدا ذلك جليا من خلال تجاوبهم مع المقطوعات الغنائية عبر تصفيقات تتماشى وإيقاعات العزف والغناء. وكانت العشية مغربية وإسبانية بامتياز، مرفوقة بنفحات فرنسية من طرف عازف القيثارة الفرنسي بيدرو صولو، فيما كان الجمهور يتفاعل بشكل أكبر مع المقاطع الكناوية التي يؤديها بقاس. ومجيد بقاس الذي ذاع صيته خارج المغرب، هو المْعَلَّم المعروف بمزجه لأنماط غنائية مختلفة حتى إنه خلق نوعا جديدا يمكن تسميته ب"كناوة بلوز إفريقيا" يتشكّل من مزيج بين الجاز والبلوز في حلة كناوية. براعة العزف وقوة الصوت مكنتا بقاس من الحصول على العديد من الجوائز الوطنية والدولية؛ مثل جائزة الفارابي المقدمة من قبل اللجنة الوطنية للموسيقى والمخصصة لأساتذة الموسيقى العريقة عام 2010، وجائزة الجانغو الذهبية المخصصة لموسيقى الجاز في فرنسا. وهو مؤسس فرقة "كناوة بلوز بان" عام 1990.