تعيش الساحة السياسة الفرنسية على إيقاع التسخينات للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها العام المقبل؛ إذ انطلقت التكهنات بشأن أقرب المرشحين للفوز بمنصب رئاسة الجمهورية، كما بدأ عدد من السياسيين الفرنسيين يعلنون نيتهم الترشح لهذا المنصب. وكالعادة، فإن المنطقة المغاربية تتحول خلال هذه الفترة إلى قبلة للمرشحين الفرنسيين الراغبين في تحقيق هدفين؛ أولهما استمالة الجالية الفرنسية المقيمة في هذه الدول، والثاني الحصول على دعم المهاجرين المغاربيين المتواجدين في فرنسا، والذين يقدر عددهم بالملايين. ولعل أول من قام بتحركات في هذا الصدد هو الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي قام بجولة في المنطقة المغاربية، وخصوصا في المغرب وتونس، وخلال هاتين الزيارتين حظي باستقبال رسمي كبير في المغرب، وهو الأمر نفسه الذي تكرر معه في تونس. ورغم أن ساركوزي بات يوجه مدفعيته الثقيلة صوب الجزائر، إلا أنه يعلم أن حكام قصر المرادية غير راضين عن أداء اليساريين، خصوصا بعد الصورة المثيرة للجدل التي تم نشرها للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مع الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، والتي كانت النقطة التي أفاضت كأس الخلاف بين الطرفين. وليس ساركوزي الوحيد الذي يعمل على استمالة المغرب بشكل خاص، والدول المغاربية بشكل عام، إلى صفه خلال الحملة الانتخابية، وإنما هناك منافسه ألان جوبي الذي يقوم حاليا بزيارة إلى المنطقة، بدأها بتونس، ثم الجزائر، قبل أن يحط الرحال في المغرب لمدة يومين. الوضع نفسه يحصل مع اليسار الفرنسي؛ إذ حرص الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على أن يبعث بالعديد من الإشارات على أن العلاقات بين الرباط وباريس قد عادت إلى سابق عهدها، إن لم تعد أفضل، كما عيّن في حكومته ثلاث وزيرات من أصول مغربية، وهن نجاة بلقاسم، ومريم خومري، وأودري أزولاي، بالإضافة إلى أنه حرص خلال الفترة الأخيرة على زيارة المغرب، وارتفع عدد لقاءاته بالملك محمد السادس. ويظهر أن المغرب يبقى فرس الرهان بالنسبة للمرشحين للرئاسة الفرنسية في المنطقة المغاربية، خصوصا في ظل الأوضاع التي تعيشها كل من الجزائروتونس؛ إذ يحرص كل من هولاند وساركوزي على إطلاق التصريحات المشيدة بالمغرب. ويبقى المرشح الوحيد الذي لم يفصح عن نيته الانتخابية، علما أن الجميع يرشحه ليكون منافسا قويا على الرئاسة الفرنسية، هو وزير الاقتصاد الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أطلق، مؤخرا، حركة سياسية تدعى "ماضون إلى الأمام"، والتي قال عنها إنها ليست يمينية ولا يسارية، وإلى حدود الآن يصر على عدم قطع شعرة معاوية مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وبحسب الإحصائيات المتوفرة، فإن عدد المغاربة المقيمين في فرنسا يصل إلى حوالي مليون و200 ألف مهاجر، بينما يقيم في المغرب حوالي 55 ألف مواطن فرنسي.