ثارت ثائرة أحزاب المعارضة، خاصة حزب الأصالة والمعاصرة، عندما ذهب رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، إلى الدارالبيضاء ليخاطب العمال، مشاركا احتفالات عيد الشغل في فاتح ماي الجاري مع نقابة حزبه "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب"، ووصفت تصرفه بالعبث لكون "الحكومة تحتج ضد الحكومة". انتقادات المعارضة لرئيس الحكومة بسبب مشاركته نقابة عمالية احتفالات عيد الشغل، وإلقائه خطابا اشتكى فيه من العديد من العراقيل، ووجه من خلاله مدفعيته الثقيلة نحو خصومه السياسيين، اعتبرتها أطراف من الأغلبية الحكومية رغبة في التحكم، كما أن "عيد الشغل عيد أممي من حق أي أحد المشاركة فيه". وبالعودة إلى تاريخ المغرب في القرن الماضي، وتحديدا في فاتح ماي 1960، يبدو أن الضجة نفسها قد أثيرت، مع اختلاف السياق والخلفيات، بعد أن حضر السلطان الراحل محمد الخامس احتفال "عيد الشغل"، وألقى خطابا في مهرجان نظمته نقابة الاتحاد المغربي للشغل بالدارالبيضاء. ووثق المفكر المغربي الراحل، الدكتور محمد عابد الجابري، هذا الحدث في كتابه "في غمار السياسة"؛ حيث قال، في الصفحة 233، إن حضور محمد الخامس للمهرجان العمالي تزامن مع نجاح الاتحاد الوطني في انتخابات الغرف التجارية والصناعية، ونجاحه في تجنيد أوسع الجماهير أول انتخابات بلدية وقروية في 31 ماي 1960. وذكر الراحل الجابري في مؤلفه أن كل هذه الظروف دفعت خصوم الاتحاد إلى استئناف حملتهم الشرسة على حكومة عبد الله إبراهيم، مشيرا إلى أن هذه الحملة جاءت خصوصا بعد أن ظهر اقتراب السلطان الراحل من "القوات الشعبية" المنضوية تحت "الاتحاد الوطني". ويعلق الدكتور عبد الرحيم العلام، الباحث في العلوم السياسية، على الضجة المثارة، مؤخرا، بشأن حضور رئيس الحكومة أنشطة نقابة عمالية بمناسبة عيد الشغل، بالقول إن "المشكلة لا تكمن في مسألة حضور رئيس حكومة أو مسؤول دولة في احتفالات وأنشطة نقابة معينة". وتابع العلام، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، أن هذا الأمر قد يكون ظاهرة صحية تعبر عن روح التوافق بين الحكومة والحركة العمالية، كما هو الحال في الدول التي تنتخب حكومات عمالية قادمة من العمل النقابي، مستدلا بما حدث في بعض دول أمريكا اللاتينية وبريطانيا. أما في المغرب، يضيف الباحث، فإن الحركة النقابية مرتبطة بشكل كبير بالعمل الحزبي؛ إذ تكاد تكون كل النقابات مرتبطة بأحزاب سياسية؛ حيث يسود اعتقاد بأن الحزب الذي لا يتوفر على نقابة يبقى ضعيفا، كما أن نقابات مغربية أنشأت أحزابا سياسية، مثل حالة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وحزب المؤتمر الوطني. وأبرز الباحث السياسي أن "حضور زعيم حزب معين أنشطة نقابة حزبه أمر عادي، لاسيما إذا علمنا أن بعض الزعماء يترأسون، في الآن نفسه، النقابة والحزب"، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن حميد شباط في موقع المسؤولية بنقابة الاتحاد العام حتى وهو يرأس حزب الاستقلال. وذهب العلام إلى أن "المشكل كامن في هذا الارتباط الأبدي بين النقابة والحزب"، مشيرا إلى أنه سبق للراحل علال الفاسي أن "نادى بضرورة الابتعاد عن تحزيب النقابات، والاستعاضة عن ذلك بتحزب الأفراد"، مضيفا أن الذي يحدث اليوم هو العكس؛ أي "تحزيب النقابة ونفور الأعضاء من العمل الحزبي".