خلْف أسوار الضيعات الفلاحية بالمغرب تشتغلُ العاملاتُ الزراعيات في ظروفٍ قالتْ فاعلات نقابياتٌ في ندوة بالرباط إنها أقربُ ما تكون إلى "العبودية"، داعيات الدولةَ إلى اتخاذِ تدابيرَ وسنّ نصوص قانونية قويّة لحماية هؤلاء النساء منْ كلّ مظاهر العنف والاستغلال التي يتعرّضنَ لها. وقالت متحدّثة في الندوة إنّ معاناة العاملات الزراعيات تبْدأ أثناء نقلهن إلى الضيعات الفلاحية على متْن وسائل نقل "لا تصلح حتى لنقل الحيوانات"، مُضيفة أنَّهن يتعرّضنَ للتحرّش الجنسي وهنّ على متْن الشاحنات، حيثُ يتمّ تكديسهنّ جنبا إلى جنب مع الرجال. وفي "الموقف"، وهُو المكان الذي تجتمع فيه العاملات الزراعيات الباحثات عنْ عمل -تقول المتحدثة- يتعرّضن للابتزاز من طرف الوسطاء، قصْد التوسّط لهنّ لدى أرباب الضيعات، وهو ما يفرض عليهنّ قبول العمل مقابل أجر قد لا يتعدى ثلاثين أو أربعين درهما في اليوم، وفي ظروف قاسية. واستطردت المتحدّثة بأنَّ العاملات الزراعيات لا يعاني من العنف الاقتصادي فحسب، بلْ يشتغلن في محيط يهدّد سلامتهنّ الصحية، بسبب استعمال مبيدات محظورة، وحتّى إذا رغبن في العلاج فهنّ لا يتوفرن على تغطية صحية، بسبب عدم التصريح إلا بنسبة قليلة منهنّ لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وسَردت المتحدّثة ذاتها جُملة من ضُروب التمييز الذي يطالُ العاملات الزراعيات على يد أرباب الضيعات الفلاحية، إذ لا يتمّ احترام ساعات العمل القانونية، كمَا أنَّ الحاملات منهنّ يضطررن إلى إخفاء حملهنّ، تفاديّا لعدم طردهنّ. "أمّا عطلة الأمومة فإنها من سابع المستحيلات"، تقول المتحدثة. من جهتها وصفتْ سعيدة بن الطاهر، عضو المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، العنف الذي تتعرّض له العاملات الزراعيات ب"النموذج الصارخ للعنف الاقتصادي"، مشيرة إلى أنهنّ يشتغلن خارج إطار القانون أكثر ممّا هو منصوص عليه في مدوّنة الشغل، "وفي ظروف صعبة جدّا"، حسب تعبيرها. وأضافت المتحدّثة أنَّ العاملات الزراعيات يتلقّيْن أجورا أقلَّ بكثير من الأجر الذي حدته مدوّنة الشغل، "لأنهنّ مجبرات، ولا حقّ لهنّ في الاحتجاج، بسبب ظروفهنّ الاجتماعية الصعبة، ولأنّ أصحاب الضيعات الفلاحيّة يجدونَ يدا عاملة بديلة". ووقفت بن الطاهر عندَ التمييز الذي يطالُ العاملات الزراعيات مقارنة مع الرجال، إذ توكلُ للرجل مهامُّ مستدامة، تمكّنه من مراكمة عدد أيام العمل لدى صندوق الضمان الاجتماعي، بينما تشتغل النساء بشكل متقطع، وهُو ما يحرمهنّ من التقاعد. واعتبرت المتحدّثة أنّ مدوّنة الشغل ما زالتْ قاصرة عن ضمان حقوق العاملات الزراعيات، ولم تستطع تحقيق سوى 20 بالمائة ممّا كان مأمولا منها، على حدّ تعبيرها، مضيفة: "نسبة النساء في القطاع الفلاحي مرتفعة جدا، ويساهمن في التنمية بشكل كبير، لكنهن آخر من يستفيد منها".