طيلة السنوات الأخيرة ما فتئت الخدمات القنصلية المغربية بإيطاليا أن تكون محط انتقاد الجميع، وهو ما يفسر بأنه مباشرة بعد خطاب العرش الأخير، الذي انتقد من خلاله الملك محمد السادس عمل القنصليات المغربية بالخارج، توجهت الأنظار إلى قنصليات المملكة بإيطاليا، ليتم تغيير أربعة قناصلة دفعة واحدة من أصل ستة. "اليوم، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على تعيين القناصلة الجدد، تنفس الصعداء العديد من أفراد الجالية المغربية، بعد سنوات من الاحتجاجات وتقديم الشكاوى؛ بل حتى بعض مقرات القنصليات بدورها تنفست الصعداء بفضل تحسن الخدمات"، يقول أحد الفاعلين الجمعويين بميلانو، مذكرا بمظاهر الاكتظاظ والفوضى التي كان يشهدها مقر القنصلية بالمدينة ذاتها، والذي كان محط احتجاج السكان، وكذا بعض الأحزاب السياسية التي أرادت استغلال ما كان يحدث لأغراض انتخابية، حسب تعبيره. ضخ الحيوية وتحسن الخدمات بقنصلية ميلانو أصبح يرتبط اليوم لدى مغاربة لومبارديا (جهة دائرة اختصاص القنصلية المغربية) بالقنصلة العامة التي تسهر شخصيا على قضاء مصالح المهاجرين المغاربة. القنصلة فاطمة بارودي تصر على قضاء معظم وقتها في قاعة استقبال المواطنين، تستمع إلى استفساراتهم وتتلقى شكاواهم؛ بل أحيانا يطالبونها بالسماح لهم بالكلام مع "السيد القنصل""، تقول لهسبريس ضاحكة. بارودي التي قالت منذ أول لقاء لها مع الفاعلين الجمعويين بمقر القنصلية إنها تريد فتح صفحة جديدة مع مغاربة إيطاليا، يبدو أنها وفقت إلى حد كبير رغم أنها أول تجربة لها على رأس بعثة قنصلية مغربية بالخارج، إذ أصبح تحسن الخدمات في نظر معظم أفراد الجالية الذين التقتهم هسبريس بمقر القنصلية مقترنا ب"المرأة التي تقود القنصلية". اقتران تحسن الخدمات بتواجد امرأة على رأس القنصلية لم يكن ليثير كل هذا الاهتمام بين أفراد الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا لولا أن امرأة أخرى تم تعيينها على رأس القنصلية العامة للمملكة بمدينة فيرونا، وأثارت بدورها الاهتمام نفسه، نظرا للدينامية التي أضفتها على الخدمات القنصلية. "لأول مرة أصبحت القنصلية تبحث عن المواطنين المغاربة لتسلمهم وثائق هويتهم بمقر إقامتهم"، يقول أحد المهاجرين المغاربة المقيمين بمدينة "بولصانو". وتقوم المبادرة التي أطلقتها القنصلية المغربية بفيرونا، بعد مجيء القنصلة الجديدة نزهة الطهار، بالتنسيق مع إحدى الجمعيات المغربية بمختلف المدن الإيطالية التابعة لدائرتها، والعمل على الاتصال بالمهاجرين المغاربة الذين كان عليهم التوجه لمقر القنصلية لسحب وثائق هويتهم الشخصية، وإخبارهم بموعد السحب القريب من مقر إقامتهم، وفي أوقات مسائية مناسبة. والإجراء رغم بساطته إلا أنه لقي استحسانا كبيرا وسط أفراد الجالية، لما فيه من مراعاة كبيرة لمصالحهم. وإضافة إلى تحسن الخدمات القنصلية، فإنه يسجل الحضور القوي للقنصلتين في مختلف الأنشطة الثقافية والاقتصادية والعلمية بمختلف التظاهرات، سواء المغربية أو الإيطالية، مسلحتين بمعرفتها القوية بالمجتمع الإيطالي، من خلال تحملهما لمسؤوليات دبلوماسية سابقة بالسفارة المغربية بروما خلال سنوات مختلفة. ويبلغ عدد المهاجرين المغاربة المقيمين بجهة لومبارديا التي يشملها اختصاص القنصلية المغربية بميلانو حوالي 110 آلاف نسمة، في حين يبلغ عدد المهاجرين المغاربة بالشمال الشرقي الإيطالي، الذين يشملهم اختصاص القنصلية العامة بفيرونا حوالي 70 ألف نسمة. ويبلغ عدد القنصليات المغربية بإيطاليا ست قنصليات.