كيوسك الخميس | المغرب وجهة استراتيجية للمصنعين الأوروبيين للسيارات    مجلس حقوق الإنسان يقدم مجموعة توصيات لتغيير قانون المسطرة الجنائية    جهة الداخلة – وادي الذهب تضع الاستثمار في صلب دينامية التنمية الجهوية    في 58 دائرة انتخابية.. "الأحرار" يهيمن على نتائج الانتخابات الجماعية الجزئية    ابن كيران يدعو إلى جمع تبرعات لتنظيم المؤتمر بعد رفض الداخلية تمويله    شراكة رائدة بين بيوفارما و الفدرالية المغربية لمربي أبقار سلالة أولماس – زعير لتطويرهذه السلالة المغربية    الصين تعلن عن التجارب الجديدة لعلوم الحياة في محطة الفضاء    التوترات التجارية.. واشنطن تعتزم تقليص الرسوم الجمركية على الصين    الفاتيكان يعلن الحداد 9 أيام بدءا من السبت ويترقب توافد حشود كبيرة في اليوم الثاني من وداع البابا    الرجاء يتجاوز الحسنية والجيش الملكي يعزز الوصافة بعد فوزه على الشباب السالمي    خالد بوطيب يجبر فيفا على معاقبة الزمالك    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس بالمغرب    وفد من المتطوعين الهولنديين يختتم زيارته لمنطقة الريف    زلزال تركيا.. تسجيل 185 هزة ارتدادية وإصابة 236 شخصا    نحو 81% من الأسر المغربية صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا السابقة (مندوبية التخطيط)    "الذكاء الاصطناعي" يرشد الفلاحين بالدارجة في المعرض الدولي بمكناس    قصف ليلي يخلف 9 قتلى في كييف    إيواء شاب يعاني نفسيا مستشفى انزكان بعد احتجاج عائلته على عدم قبوله    برادة يحوّل التكريم إلى "ورقة ترافعية" لصالح المغاربة و"اتحاد الكتاب"    السبتي: العنف الهستيري ضد غزة يذكّر بإبادة الهنود الحمر و"الأبارتايد"    طنجة.. مصنع كبير "يطمع" في الرصيف ويشوّه وجه المدينة! (صور)    الحبس النافذ لرجلي أمن ببنجرير    مشاركة OCP في "سيام".. ترسيخٌ للعنصر البشري في التحول الفلاحي    منتوج غريب يتسبب في تسمم 11 طفلا باشتوكة    ريال مدريد يقلص الفارق مع برشلونة    موتسيبي: نجاح كرة القدم في المغرب يجسد القيادة المتبصرة للملك محمد السادس    وزراء أفارقة يتفقون بمكناس على خطة زراعية ودعم تفاوضي موحّد للقارة    خبراء ينادون بتدريس التنشيط الرياضي    بنعلي تعلن عن إنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور على خلفية ارتفاع لافت للاستثمار في الطاقات المتجددة    الأردن يتهم "الإخوان" بتصنيع الأسلحة    رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    شباب الريف الحسيمي يراهن على جماهيره في مواجهة وداد صفرو    مقاضاة الدولة وأزمة سيادة القانون: الواقع وال0فاق    الحكم الذاتي والاستفتاء البعدي!    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    الابتكار في قطاع المياه في صلب نقاشات الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    في حضرة الوطن... حين يُشوه المعنى باسم القيم    الإتحاد الأوروبي يخاطر بإثارة غضب ترامب    بطلة مسلسل "سامحيني" تشكر الجمهور المغربي    الكتاب في يومه العالمي، بين عطر الورق وسرعة البكسل    تراجع أسعار الذهب مع انحسار التوترات التجارية    "بي دي إس" تطالب بالتحقيق في شحنة بميناء طنجة المتوسط متجهة إلى إسرائيل    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    "طنجة المتوسط" يؤكد دعم الصادرات في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تافراوت .. مدينة الهامش التي أنجبت نُخَب السياسة والتجارة
نشر في هسبريس يوم 07 - 05 - 2016

على الرغم من تواجدها على الهامش والأطراف، أنجبت تافراوت، القابعة في عمق منطقة سوس جنوب المغرب، العديد من الشخصيات التي لمع نجمها وسطع إشعاعها في مجالات السياسة والسلطة، كما في ميادين المال والأعمال، لتكتسب المنطقة بذلك خاصية تميزها عن باقي مناطق البلاد.
من أبرز الشخصيات التي قدمت من تافراوت والنواحي، لتحتل مكانا بارزا "تحت الشمس"، خاصة في الحكومات المتعاقبة بعد استقلال البلاد، هناك المختار السوسي، وصالح المزيلي، وعبد الرحمان بوفتاس، وعبد الله أزماني، وحسن أبو أيوب، ومحمد حصاد، وأيضا عزيز أخنوش.
تافراوات "السياسية"
كان أول من وطأت قدماه الحكومة من أبناء سوس، وتافراوت خصوصا، محمد المختار السوسي الذي شغل منصب وزير الأوقاف في أول حكومة بالمغرب بعد استقلال البلاد سنة 1955، بتعيين من السلطان الراحل محمد الخامس، والتي ترأسها حينذاك البكاي بن مبارك الهبيل.
ومن أبناء منطقة تافراوات الذين ولجوا "بلاط الحكومة" أيضا، نجد صالح المزيلي الذي تبوأ منصب وزير الأشغال العمومية والمواصلات سنة 1972، ووزير الفلاحة والإصلاح الزراعي في 1974، بالإضافة إلى رجل الأعمال الشهير وزير السكنى مرتين في 1985 و 1992، عبد الرحمان بوفتاس.
وشكلت تافراوات مشتلا حقيقيا لرجالات السياسة والتجارة في المغرب؛ حيث منها جاء حسن أبو أيوب الذي شغل منصب وزير التجارة الخارجية في بداية التسعينيات من القرن الماضي، ثم وزير للفلاحة بعد ذلك، ويعمل حاليا سفيرا للمملكة في إيطاليا، وأيضا العربي عجول في حكومة التناوب.
ومرت على حكومات سابقة وجوه سوسية أخرى؛ من بينها عبد الله أزماني الذي عمل وزيرا للتجارة والصناعة في 1985، ومحمد بيجعاد في حكومة 1997. وأما الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، فيوجد من بين أعضائها وزيران ينحدران من منطقة تافراوت، وهما وزير الداخلية محمد حصاد، ووزير الفلاحة عزيز أخنوش.
تافراوت "التاجرة"
واحتلت تافراوت مكانة لائقة على الصعيد المالي والتجاري بالبلاد، وباعتماد معيار مقاربة الجغرافيا التاريخية، لا يمكن اعتبار تافراوت مدينة هامشية رغم وقوعها في الهامش والأطراف، بل كانت من المناطق الأساسية التي لعبت دورا متعاظما في تجارة العبور.
في هذا الصدد، يقول المؤرخ والأكاديمي الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش، في حديث مع هسبريس، إن اسم تافراوت لم يرد في المصادر التاريخية المغربية إلا بكيفية شاحبة؛ بحيث أدمجها المؤرخون والجغرافيون ضمن المجال الجغرافي لسوس، أو مدينة تامدولت.
ومع ذلك، يضيف بوتشيش، فإن الإشارات العابرة إلى مدينة تافراوت تكشف أنها ارتبطت بالحركة التجارية الواسعة لليهود؛ حيث نشأت فيها مملكة يهودية منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد، علما بأن اليهود نشّطوا الدورة التجارية العالمية قديما وحديثا.
وأورد أستاذ التاريخ بجامعة مكناس أن الموقع الجغرافي لتافروات، وغيرها من مدن الجنوب المغربي، ساهم في تألقها التجاري؛ إذ لعبت دور الوسيط في تجارة "الترانزيت" التي كانت تؤلف بين المجال الصحراوي والسودان الغربي عبر تجارة القوافل.
ولفت بوتشيش إلى أن تجار المنطقة كان يُشار إليهم، في مصادر العصر الوسيط، باسم "تجار الصحراء" الذين كانوا يجلبون ذهب السودان، مما جعل المدينة همزة وصل استفاد منها التجار ورجال الأعمال في كسب فائض إنتاج قوي وظفوه في مشاريعهم الاقتصادية.
الهجرة إلى "كازا"
في العصر الحديث، وبعد التحولات التي حدثت في ميزان القوى التجاري، وانتقال الثقل من التجارة الصحراوية إلى المجال المتوسطي والبحري بشكل عام، بدأت المنطقة تفقد دور الوسيط التجاري، مما أدى إلى ركودها، فضلا عن أحداث التخريب التي وقعت فيها.
وأفاد بوتشيش بأن مدينة تافراوت انتقلت من منطقة استقطاب بشري، إلى هجرة العديد من التجار نحو مدن مغربية أخرى، وخاصة الدار البيضاء، واستطاع أهل سوس، وضمنهم فئة عريضة من أهالي تافراوت، الهيمنة على شرايين التجارة البيضاوية، بدءً من "تبقالت" إلى السيطرة على أكبر المتاجر، ومن بينها "موروكو مول" الذي أبدعته سلوى الإدريسي، عقيلة عزيز أخنوش.
وفضلا عن خبرات التفراوتيين التجارية، يضيف المتحدث، تقوى نفوذهم في عالم التجارة والمال بالدار البيضاء في أحياء تجارية مشهورة من خلال ثقافة التضامن التي عرفوا بها، والتي هي من التقاليد الأمازيغية المتجذرة في النسيج القبلي الأمازيغي، والثقة في تبادل المصالح بينهم، وعصاميتهم في العمل.
وساق بوتشيش نماذج تجار تفراوتيين نجحوا في أعمالهم التجارية، من بينهم الحاج عابد السوسي الذي غادر تافروات ليستقر بالدار البيضاء، ويشتغل في البداية في مهن متواضعة قبل أن ينتقل إلى الديار الفرنسية، ويكسب رأسمالا وظفه في شراء عدة دكاكين بالدار البيضاء سنة 1921 ليصبح من كبار رجال الأعمال.
وتابع المؤرخ أن هذه الشخصية التفراوتية نالت إعجاب الأنتروبولوجي الأمريكي جان واتربوري، فوصفه بأنه شخصية شبه أسطورية في عالم التجارة والمال، مشيرا إلى تجار ورجال أعمال تفراوتيين كبار، من قبيل أحمد أولحاج أخنوش، وصهره أحمد واكريم، اللذين حققا في عالم التجارة والمال نجاحا قل نظيره في التاريخ المغربي المعاصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.