لوحظ خلال مراسيم بيعة الملك محمد السادس ليلة 30 يوليوز 1999 أن جل من وقّع وثيقة هذه البيعة من كبار القادة العسكريين قد تجاوز عقده الستين، حيث كانوا متقاربين في أعمارهم من سن بعض أعضاء الحكومة التي كان يترأسها آنذاك الوزير الاتحادي السيد عبد الرحمان اليوسفي الذي كان سنه يطل على السبعين. لكن إذا استطاع الملك محمد السادس، خلال عشرية حكمه الأولى، أن يحيط به نخبة سياسية أكثر شبابا وحيوية، من خلال تطعيمها ببعض الفعاليات التقنوقراطية الشابة، ودعوة الأحزاب إلى تجديد وتشبيب قياداتها ...، فإن جل من كان يحيط بالملك من كبار العسكريين قد تجاوز سن التقاعد الوظيفي والإداري؛ كالجنرال دوكوردارمي حسني بنسليمان، قائد الدرك الملكي، والجنرال دوكوردارمي الراحل عبد العزيز بناني، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، والجنرال دوكوردارمي بوشعيب عروب، قائد المنطقة الجنوبية المفتش العام للقوات المسلحة الملكية ... من هنا، يطرح التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء شيخوخة هذه النخب العسكرية في مجتمع شاب بملك جديد لم يتجاوز عقده الرابع، فهل الأمر يتعلق فقط بنظام إداري تعود على الاحتفاظ بكبار العسكريين حتى بعد تجاوزهم سن التقاعد، أم بمنطق سياسي مزدوج قام، من جهة، على التحكم في نظام ترقي النخبة العسكرية، ومن جهة أخرى على إقصاء وتصفية بعض مكوناتها. تعطيل دوران النخبة العسكرية منذ تأسيس القوات المسلحة الملكية تشكلت نخبة عسكرية مغربية تميزت عن نظيرتها الجزائرية والتونسية بتجربتها وترقيها داخل صفوف الجيش الفرنسي أو الإسباني، كالجنرال الكتاني والجنرال إدريس بن عمر، أو الكولونيل محمد أوفقير، أو القبطان أحمد الدليمي، أو الماريشال محمد أمزيان... "فهؤلاء الضباط ينحدر معظمهم من طبقة الأعيان القرويين من ملاكين ورجال سلطة، حيث خدم آباؤهم فرنسا في عهد الحماية، مما جعل ضباط الشؤون الأهلية يتكلفون بأبنائهم وتخريجهم كضباط وضباط صف لخدمة الجيش الفرنسي، والقتال في صفوفه خلال الحرب العالمية الثانية، وقمع مقاومي الحركة التحررية سواء في المغرب أو في باقي المستعمرات الفرنسية خاصة في الهند الصينية". وبالتالي، فإن جل هؤلاء الضباط الذين كونوا العناصر الأولى للنخبة العسكرية في المغرب، قد حصلوا على درجاتهم العسكرية خلال مشاركتهم في هذه الحروب. وهذه النخبة العسكرية التي سيتم إدماجها وإلحاقها بالقوات المسلحة الملكية هي التي ستسهر على التحكم في الترقيات العسكرية من خلال تجميد هذا النظام والتحكم فيه. تجميد الترقية العسكرية من المعروف أن تأسيس القوات المسلحة الملكية قد تم ضمن أجواء الصراع على السلطة بين المؤسسة الملكية وحزب الاستقلال. وبالتالي فإذا كان الملك الراحل محمد الخامس قد حاول أن يحافظ على دور الجامع للأمة، فقد سعى ولي العهد آنذاك، كقائد أعلى للقوات المسلحة الملكية، إلى أن يتحكم في مكونات الجيش الوليد، من خلال التحكم في قيادته معتمدا في ذلك على بعض كبار الضباط الذين كانوا قد حاربوا ضمن الجيش الفرنسي أو الإسباني وعلى رأسهم الجنرال الكتاني والماريشال محمد أمزيان. في هذا السياق، اعتمد ولي العهد، باقتراح من هذين الضابطين، على سياسة تدرجية وحذرة في ترقية الضباط، بلغت في بعض الأحيان تجميد أية ترقية عسكرية. وهكذا تم في الفترة ما بين 1956 و1959 توقيف أية ترقية، والاحتفاظ بالرتب العسكرية نفسها التي تم الحصول عليها إبان الحصول على الاستقلال. وقد فسر أحد المحللين العسكريين الغرض من هذا الإجراء، الذي كان باقتراح من الجنرال الكتاني، بتقوية السلطة الشخصية لهذا الأخير على مجموعة من الضباط الذين كانوا متأثرين بالحماس السياسي الذي رافق عملية الحصول على الاستقلال، والحد من أية طموحات سياسية قد تهدد استقرار النظام الذي كان لا يزال بصدد هيكلة مؤسساته. كما أن إدماج بعض عناصر جيش التحرير بالشمال ضمن القوات المسلحة كان يتطلب هذا التجميد حتى لا ينعكس ذلك على توازن هذه المؤسسة العسكرية الحديثة . أما واتربوري فقد فسر لجوء الجنرال الكتاني إلى تجميد الترقية العسكرية خلال هذه الفترة برغبته في إدماج الضباط المغاربة الذين كانوا في صفوف الجيش الإسباني وضباط جيش التحرير ضمن صفوف القوات المسلحة في ظرفية سياسية دقيقة اتسمت بانتقاد حاد من طرف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية لولي العهد آنذاك كقائد القوات المسلحة الملكية والمؤسسة العسكرية، ومناورات حزب الاستقلال للتحكم في وزارة الدفاع. لكن بدا، فيما بعد، أن التحكم في نظام الترقية العسكرية لم يكن فقط رهين ظرفية سياسية معينة مرتبطة بالتوازنات المرتبطة بتأسيس القوات المسلحة الملكية، بل أصبح سياسة ممنهجة اتبعها الملك الراحل الحسن الثاني للتحكم في نخبته العسكرية، والتي قامت على عدة معايير تقوم بالأساس على الولاء الشخصي للملك، والتفاني في خدمته، والقرب من محيطه، بالإضافة إلى إثبات الكفاءة العسكرية. فهذه المعايير هي التي شكلت النخبة العسكرية بالمغرب؛ إذ إن التكوين العسكري، والتداريب العسكرية بالخارج، والتجربة الميدانية لا تكفي لوحدها للانضمام إلى النخبة العسكرية. فالرغبة الملكية تبقى المحدد الحاسم لإدماج كبار الضباط ضمن هذه النخبة. فالجنرال محمد أوفقير، أو الكولونيل أحمد الدليمي، والجنرال الصفريوي، والجنرال المدبوح، ... كلهم قد أثبتوا، بالإضافة إلى كفاءتهم العسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة الملكية سواء خلال حرب الرمال ضد القوات الجزائرية في سنة 1963، أو خلال حرب الصحراء، تفانيهم في خدمة الملك، وذلك من خلال تقلد أية مهام تسند إليهم من طرف الملك، سواء تعيينهم كعمال على بعض الأقاليم أو المشاركة في قمع الانتفاضات الداخلية. فالجنرال محمد أوفقير لم يتردد في قمع انتفاضة القائد عدي أوبيهي في منطقة الأطلس المتوسط، وسحق الحركة التمردية بمنطق الريف في بداية توطيد المؤسسة الملكية لسلطتها على المجال المغربي. كما أشرف هذا الجنرال على قمع الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في الدارالبيضاء في 23 مارس 1965، وملاحقة معارضي الملك الحسن الثاني وتعذيبهم عندما عين مديرا عاما للأمن الوطني ووزيرا للداخلية، أو عندما كان رئيسا للمخابرات. والمسار نفسه سلكه الجنرال أحمد الدليمي، سواء عندما كان يشتغل تحت إمرة رئيسه الجنرال محمد أوفقير، أو بعدما حل محل هذا الأخير بعد اغتياله إثر المحاولة الانقلابية التي كانت تستهدف الإطاحة بالملك في 16 غشت 1972. كما يعتبر القرب من الملك من أهم الخاصيات التي تميز النخبة العسكرية بالمغرب؛ إذ يعتبر هذا الأخير، ليس بوصفه أميرا للمؤمنين، بل قائدا أعلى للقوات المسلحة الملكية، هو المتحكم الأساسي في تحديد وتصنيف مكونات النخبة العسكرية. وبالتالي، فقد حرص الملك الراحل الحسن الثاني على أن يوظف الترقية العسكرية، خاصة في الرتب العسكرية العليا التي تبتدئ من رتبة كولونيل إلى ما فوق، كأداة للتحكم في كبار ضباطه. وقد تكرس هذا الهاجس بشكل كبير بعد محاولتي الانقلاب العسكري التي كانتا ترومان الإطاحة به. تصفية النخبة العسكرية يبدو أن هناك عدة تفسيرات قدمت بشأن تحليل الأسباب الكامنة وراء القيام بمحاولتي الانقلاب على الملك الحسن الثاني؛ حيث أرجع ذلك إلى أسباب سياسية تكمن في حالة الاستثناء وقمع المعارضة، أو أسباب تتعلق بالأزمة الاجتماعية وانتشار الفساد ...أو شخصية ترتبط بخيانة الجنرالين المدبوح وأوفقير للملك ... لكن إلى جانب كل هذه الأسباب التي يمكن أن تشكل جزءا من العوامل التي كانت وراء هاتين العمليتين، هناك عامل غالبا ما يتم التغافل عنه، يرتبط بالأساس بخلفيات وطموحات الذين قاموا بالانقلاب، خاصة أولئك الذين نفذوه. فالكولونيل محمد اعبابو الذي يعتبر المنفذ الحقيقي لانقلاب الصخيرات، كان يجسد فئة من الضباط التي اعتبرت أن نظام الترقية العسكرية السائد الذي يتحكم فيه الملك لا ينصفها، وأنها تخضع لسلطة فئة من الضباط ليست لها شرعية إلا تلك التي يغلفها بها الملك. وبالتالي فهذا الشعور بالغبن هو الذي كان أهم محرك لهذه الفئة للمشاركة في عملية الانقلاب. ولعل هذا المحرك هو الذي كان مصدر الخلاف الأساسي بين الجنرال المدبوح المقرب من الملك، والذي كان يرغب فقط في إرغامه على التنازل على العرش، والكولونيل اعبابو الذي كان يصر على ضرورة تصفيته كشرط أساسي لتغيير النظام. الأمر نفسه ينطبق على محاولة الانقلاب الثانية، فالجنرال أوفقير المقرب من الملك كان يرغب بدوره في إرغام الطائرة الملكية على النزول في الوقت الذي كان الطيارون المهاجمون يهدفون إلى تفجيرها والقضاء على الملك. ولعل هذا ما تنبه له هذا الأخير عندما أسر لربان الطائرة الكولونيل القباج بالإعلان بالراديو عن مقتل الملك. وبالتالي يمكن التأكيد على أن معايير الترقية العسكرية التي أدت إلى تجميد العديد من رتب أجيال من الضباط قد لعبت دورا أساسيا في مغامرة بعض فئاتها في محاولة الإطاحة بالملك. و"هكذا فجيل الضباط المغاربة الذين تخرجوا من الأكاديميات العسكرية ابتداء من 1956 كانوا يتوفرون على تكوين تقني جيد وعلى ثقافة عامة متوسطة. لكن في نفس الوقت كانوا متأثرين بإيديولوجية (عدم التسييس) المقتبسة من الفرنسيين وكذا بالجهاز الإيديولوجي للمؤسسة الملكية. بالإضافة إلى ذلك كانوا مبعدين عن القيادة العامة للجيش ومن المناصب القيادية العسكرية التي كان يحتكرها كبار الضباط الفيوداليين كالجنرال حمو، والنميشي، والبشير بوكرين، والجنرال المدبوح، وحبيبي والغرباوي و غيرهم" . لكن يبدو أن فشل هاتين المحاولتين الانقلابيتين قد زاد ليس فقط من تجميد نظام الترقية العسكرية، بل أدى بالأساس إلى التقليص من عدد الضباط ذوي الرتب العسكرية العليا، و"جمد إعادة إنتاجهم وتجديدهم". فقد أدت محاولة الانقلاب الفاشلة بالصخيرات إلى مقتل العديد من جنرالات الجيش، سواء من خلال تبادل إطلاق النار أثناء هذه العملية، أو من خلال تصفية حسابات بين الكولونيل اعبابو وبعض خصومه من الجنرالات؛ كالمدبوح والبوهالي وأشهبار ... أو من خلال إعدام بعض الجنرالات المتورطين في الانقلاب من طرف الملك الراحل الحسن الثاني؛ حيث تم إعدام كل من الجنرال مصطفى أمحروق، والجنرال حمو أمحزون، والجنرال الخياري بوكرين، والجنرال عبد الرحمان حبيبي، بالإضافة إلى إعدام كل من الكولونيل عبد الحي لبصير، والكولونيل الشلواتي، والكولونيل فنيري. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل بعيد فشل عملية انقلاب 16 غشت 1972، فقدت القيادة العليا للجيش قسما آخر من نخبتها؛ حيث بالإضافة إلى اغتيال الجنرال محمد أوفقير، تمت محاكمة 210 طيارين وعسكريين وإعدام 14 من المتورطين في هذه العملية، من بينهم قائد القاعدة الجوية أمقران ومساعده كويرة في يناير 1973. وقد أدت هذه الأحداث، وما تبعها من إجراءات همت بالأساس إحالة العديد من الضباط على التقاعد العسكري المبكر، وتجميد الترقيات العسكرية بسبب انعدام الثقة في علاقة الملك الراحل الحسن الثاني مع قيادته العسكرية، وإلغاء وزارة الدفاع، إلى توقف عجلة تجديد النخبة العسكرية وتعطيل دورانها. تجديد النخبة العسكرية بعد تولي الملك الشاب محمد السادس الحكم، خلفا لأبيه، وجد نفسه لا يرث فقط نخبة سياسية شائخة تمثلت في مجموعة من القيادات الحزبية التي تجاوز سنها الستين، كالكاتب الأول السابق السيد عبد الرحمان اليوسفي وخلفه السيد محمد اليازغي وخلفه السيد عبد الواحد الراضي، أو الأمين العام لحزب الاستقلال السيد عباس الفاسي، والأمين العام السابق للحركة الشعبية أحرضان، والرئيس السابق للتجمع الوطني للأحرار، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية السيد إسماعيل العلوي... بل ورث بالموازاة مع ذلك نخبة عسكرية شائخة تمثلت في مجموعة من الشخصيات العسكرية التي شاخت في بعض المناصب العسكرية العليا والحساسة؛ مثل الجنرال عبد الحق القادري الذي تربع على رأس مديرية الوثائق والمستندات لأكثر من 18 سنة، والجنرال حسني بنسليمان الذي عين على رأس قيادة الدرك الملكي منذ سنة 1973، بالإضافة إلى ضباط سامين آخرين أصبحوا وجوها مألوفة داخل الهرمية التنظيمية للجيش، وإن كانوا برتب عسكرية أقل؛ كالكولونيل ماجور محمد بلبشير، والكولونيل ماجور عبد العزيز بناني، وغيرهم. ولخلخلة هذه الوضعية، لجأ الملك محمد السادس إلى إجراءين أساسيين تمثلان في ترقية عسكرية سريعة للضباط السامين، والإحالة على التقاعد. تسريع الترقية العسكرية بعد تولي الملك الجديد للعرش، ظهرت عدة إشارات دلت على اهتمامه البالغ بوضعية النخبة العسكرية التي ورثها عن والده، والتي تمثلت ليس فقط في إشراك بعض كبار الضباط في مراسيم التوقيع على عقد البيعة، وحرصه على مرافقة البعض منهم في تنقلاته والظهور بجانبه في كل الأنشطة البروتوكولية، بل انعكست في تدشينه لسلسلة من الترقيات العسكرية، وذلك من خلال إحداث درجات جديدة في الرتب العسكرية العليا؛ كجنرال دو بريكاد، وجنرال دو ديفزيون. وهكذا قام الملك محمد السادس، بمناسبة أول احتفال بعيد للعرش في 31 يوليوز 2000، بترقية الأمير مولاي رشيد إلى رتبة جنيرال دو بريكاد، وترقية الجنرال دو ديفزيون حسني بنسليمان والجنرال عبد العزيز بناني والجنرال عبد الحق القادري إلى رتبة جنرال دو كوردارمي . في حين رقى الملك الجنرالات أحمد الوالي، وبوشعيب عروب، ومحمد الزياتي، ومصطفى زرياب، ومولاي إدريس عرشان، والمكي الناجي إلى رتبة جنرال دو ديفزيون. أما الكولونيلات ماجور: عبده بن عمر، وعبد الكريم الأيوبي، وحميدو لعنيكري، وإدريس لمنور، وأحمد بنياس، ومحمد لعربي التامدي، والمختار الزوهري، ومحمد رضا، ومحمد بكير بنشقرون، ورمضان بنعيادة، ومحمد التمسماني، وعبد المومن لحبابي فقد تمت ترقيتهم إلى رتبة جنرال دو بريكاد، بينما تمت ترقية عدد من الكولونيلات إلى رتبة كولونيل ماجور. كما تم، بمناسبة الاحتفال بعيد العرش في 31 يوليوز 2001، ترقية كل من الجنرال بنعاشر سور الله، والجنرال أهراش، والجنرال محمد بلحاج، والجنرال محفوظ الكاميلي إلى رتبة جنرال دو ديفزيون، في حين رقي إلى جنرال دو بريكاد كل من: محمد بلبشير، عبد القادر العولة، الحسين أمزريد، محمد عرشان، عبد القادر حدو، أحمد التريكي، أحمد بوطالب، محمد العلوي، بوخريص، محمد مشبال، الطبيب عبد الغني مثقال، بينما تمت ترقية 24 كولونيلا إلى رتبة كولونيل ماجور. وقد واصل الملك محمد السادس هذه العملية؛ حيث قام في 31 يوليوز 2004 بإحداث رتب عسكرية أعلى من خلال ترقية بوشعيب عروب إلى رتبة جنرال دو كوردارمي إلى جانب كل من الجنرال حسني بنسليمان، والجنرال عبد العزيز بناني. في حين رقي إلى رتبة جنرال دو ديفزيون كل من حميدو لعنيكري، ومحمد بلبشير، وعبد القادر العولة، وأحمد بنياس، ومحمد التامضي، والمختار الزوهري، وأحمد بوطالب، وعبد القادر مدني، ومحمد حرمو، وحميد ديبي، وخدراوي، وميلود بنطالب، ومصطفى جاعلي، ولحسن حرتيل، وحميد البورقادي، ومصطفى زرهيبي، ومحمد بدران، ومحمد شكيك، ومحمد الدكاك، والصديق عبروق، وأحمد زروال، وعبد الإله بن عكي، موحمد أبو ديهاج، والحسين ميصاب، وحميد لغزاوي ... . أما في 31 يوليوز 2005، فقد تمت ترقية 24 جنرال دوبريكاد و18 كولونيل ماجور (منهم مصطفى غرباز، محمد علام، محمادين با حمو، موحا حروش، عبد الفضيل شهبون، دحمان خاي، محمد جايلي، أحمد أغوتان، عبد الله بوطالب، محمد حريزي، محمد خالي، محمد لغماري، محمد مجيد إدريسي، محمد واعلين، فريدة تولون، بناصر أزندور، محمد نور الدين إدريس كاميلي، الحبيب مرزاك، محمد الكوش، عبد السلام بنسعيد، علي عبروق، عبد المالك بن خياط الزوكاري، محمد برادة الكوزي). بينما اقتصر الملك في 31 يوليوز 2006 على ترقية ضابطين ساميين إلى رتبة جنرال دوبيركاد وهما: الجنرال أحمد بونتو والجنرال عبد الجبار الزاوي، بالإضافة إلى ترقية 24 ضابطا إلى رتبة كولونيل ماجور. ومن خلال هذه الترقيات المتسارعة، كان الملك يهدف إلى تحقيق عدة مرامي أساسية من أهمها: - خلخلة البنية الهرمية وتكسير الجمود الذي كان يعتريها طيلة حكم والده. - تكريس الولاء السياسي لكبار الضباط الذين خدموا والده من خلال إظهار كرمه وتكريمه لهم من خلال رفع ترقيتهم إلى أعلى الدرجات والرتب. - تهييئ الأرضية لخلق نخبة عسكرية شابة يمكن أن يتعامل معها بشكل أكثر سلاسة؛ حيث بترقية كبار الضباط، سواء من ناحية السن أو الأقدمية، فسح المجال أمام الأجيال الشابة من الضباط للترقي وتحقيق بعض طموحاتهم في مسارهم المهني، والتخفيف من الاحتقان والغبن الذي كانوا يشعرون به تجاه رؤسائهم من الضباط السامين المسنين الذين كانوا يحسون بأنهم كانوا بمثابة حجر عثرة أما مستقبلهم العسكري. - تدشين حركية جديدة داخل الهرمية التنظيمية للقوات المسلحة الملكية؛ بحيث بترقية كبار الضباط إلى أعلى المراتب الجديدة التي تم إحداثها (جنرال دو بريكاد، وجنرال دو ديفزيون، وجنرال دو كور دارمي) إذا كان قد أرضى طموح هؤلاء، فإنه، في الوقت نفسه، شجعهم على اقتراح مرؤوسهم في اللوائح السنوية للترقية العسكرية، الشيء الذي خلق حراكا داخل النخبة العسكرية استفاد منه نظام العهد الجديد وقوى من استقرار أجهزته العسكرية والأمنية، بعكس نظام حكم الملك السابق الذي كان لتجميده الترقية العسكرية دور أساسي لتحالف (ولو ظرفي ومؤقت) بين كبار الضباط أمثال الجنرال المذبوح والجنرال أوفقير ومرؤوسيهم أمثال الكولونيل اعبابو والكولونيل أمقران، للتفكير في الإطاحة بالحكم الذي كان يجسد فيه الملك الراحل الحسن الثاني عقبة أمام تحقيق طموحات هذه النخبة في الترقي وتسلق أعلى الرتب والدرجات العسكرية. الإحالة على التقاعد يبدو أن الإجراءات التي اتخذها الملك محمد السادس في تسريع عملية ترقية النخبة العسكرية وتدشين الحراك داخلها، كان يبطن، في الوقت نفسه، أهدافا أخرى تتمثل في التخلص من قسم هذه النخبة التي بدأت معالم الشيخوخة تدب في أوصالها. وقد انعكس ذلك من خلال القرار الذي اتخذه الملك بإعفاء الجنرال عبد الحق القادري من رئاسة مديرية الوثائق والمستندات في 2001، بعدما عمر في هذا المنصب أكثر من 18 سنة، وتعيينه مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية قبل أن يحال على التقاعد في سنة 2005. وقصد تهييئ كبار الضباط نفسيا لتقبل فكرة إحالتهم على التقاعد، أصدر الملك، بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية في سنة 2002، قرارا يتعلق باحتفاظ كبار الضباط، ابتداء من كولونيل ماجور وجنيرال، بكل امتيازاتهم المادية بعد إحالتهم على التقاعد. ولعل بعض الأحداث السياسية الداخلية والخارجية قد ساعدت بشكل كبير على مبادرة الملك بتسريع عملية إحالة مجموعة من الضباط السامين على التقاعد، من أهمها: - انخراط نظام الملك محمد السادس في الإستراتيجية الأمريكية في مواجهة الإرهاب الدولي التي دشنها بوش الابن. - الأحداث الإرهابية التي عرفتها مدينة الدارالبيضاء في 16 ماي 2003. - إثارة مجموعة من قضايا الفساد داخل المؤسسة العسكرية من طرف بعض العسكريين (أديب، الزعيم والجالطي). - انعكاسات أحداث جزيرة ليلى والتسابق نحو التسلح من طرف كل من الجارتين إسبانيا والجزائر بعد التحول الذي عرفه ملف الصحراء بإعلان المغرب عن مبادرته بشأن الحكم الذاتي. - الأخطار التي أصبحت تحدق بالمغرب نتيجة تصاعد الهجرة الإفريقية، والتهريب، وتجارة المخدرات، وتوسع "القاعدة" بالمنطقة الصحراوية المتاخمة للحدود الموريتانية والجزائرية. ووفق هذا السياق، تمت إحالة بعض الضباط السامين على التقاعد أو تم إعفاؤهم من مهامهم، كان من بينهم: الجنرال الكاميلي من الهندسة العسكرية، والجنرال مراد بلحسن قائد الحامية العسكرية بالبيضاء، والجنرال إدريس لمنور قائد المنطقة العسكرية بالداخلة، والجنرال الصقلي قائد حامية الرباط، والجنرال إدريس مطعيش، والجنرال الأيوبي، والجنرال إدريس بنونة، والجنرال بنعمر من الدرك الملكي، والجنرال محمد بلبشير، والجنرال الحرشي من المخابرات العسكرية، والجنرال محمد التريكي من البحرية الملكية. كما تم إعفاء الجنرال إدريس عرشان من الهيأة الوطنية للأطباء بعد أن عمر في هذا المنصب لفترة طويلة. ويتضح أن هذه العملية التي تمت بشكل حذر ومحسوب، مراعاة للتوازنات داخل هيئة الأركان العليا للقوات المسلحة الملكية، استهدفت بالأساس زرع دماء جديدة وشابة ضمن النخبة العسكرية من خلال إحالة العديد من كبار ضباط الملك الراحل الحسن الثاني على التقاعد أو إعفائهم من مهامهم العسكرية، في انتظار أن تتم إحالة الباقي على الوضع نفسه وعلى رأسهم بالطبع أعلى الضباط السامين. لكن هذه العملية قد استثنت، إلى حد الآن، قائد الدرك الملكي الجنرال دوكور دارمي حسني بنسليمان، وقائد المنطقة الجنوبية الجنرال دو كور دارمي عبد العزيز بناني قبل رحيله وتعويضه بالجنرال دوكور درامي بوشعيب عروب. ويمكن تفسير هذا الاستثناء بولاء هاتين الشخصيتين العسكريتين الساميتين التام للعرش أو الجالس عليه، سواء كان ذلك في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، أو في عهد وريثه الملك محمد السادس. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن الاحتفاظ بهاتين الشخصيتين يكمن في تكريس نوع من التغيير من خلال الاستمرارية؛ فقيام الملك بمجموعة من الترقيات العسكرية والإحالات على التقاعد أريد له أن يتم من خلال الاحتفاظ برمزية الاستمرارية عن طريق الاحتفاظ بهذين الرمزين العسكريين، بالإضافة إلى ما يختزناه من معلومات تهم ضبط مجالين حساسين لاستقرار النظام، يتعلقان بضبط البادية التي تعتبر وفق مقولة ريمي لوفو حامية للعرش، والصحراء التي تعتبر من أولويات السياسة الداخلية والخارجية للنظام، بالإضافة إلى حفظهما لمجموعة من الأسرار العسكرية الإستراتيجية، تهم الصفقات العسكرية، والخطط العسكرية، ومجالات التعاون العسكري مع الدول الحليفة والصديقة، إلى جانب المعلومات التي يتوفران عليها حول كل الضباط العسكريين ومسارهم المهني، مما يجعلهما بمثابة علبة سوداء للمؤسسة العسكرية. وعموما، فإن إحالة الضباط العسكريين، بمن فيهم كبار العسكريين، لن يؤثر بشكل كبير على السير العادي للمؤسسة العسكرية، بل إن هذه الإحالات على التقاعد ستضخ دماء جديدة في الهرمية العسكرية، من خلال فتح آفاق الترقية والتقرير للضباط الشباب لتحمل المسؤولية، خصوصا في الوقت الذي يحرص فيه المغرب على تحديث الجيش وعصرنة مكوناته، وفي ظرفية داخلية وخارجية مليئة بتحديات جديدة على رأسها الإرهاب بمختلف تلاوينه.