رصد نور الدين الزياني، الرئيس السابق للمراكز الثقافية الإسلامية في إسبانيا، معالم التدين لدى مغاربة العالم، في ظل التحولات التي تعرفها عدد من الدول، والهجمات الإرهابية التي ضربت دولا أوروبية في الآونة الأخيرة. وقال الزياني، في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام حول موضوع "تداعيات الهجمات الإرهابية على المغاربة المقيمين بالخارج"، مساء اليوم الخميس، إن عددا من المهاجرين، سواء كانوا مغاربة أو من دول أخرى، يهاجرون من أجل تحسين وضعيتهم السوسيو اقتصادية، وهم ليسوا بفقهاء ووعاظ ومثقفين كبار، "ما يجعلهم يبحثون عن أماكن بحثا عن الذات، وفي الأخير يجدون المساجد ويتدارسون فيها المشاكل"، على حد تعبيره. وفي الوقت الذي أكد فيه أن عددا من المهاجرين لا يتوفرون على الإمكانيات المادية من أجل تأطير عائلاتهم، شدد الزياني على أنهم معرضون لعدد من التيارات والبعثات الممولة من الخارج، كما هو الحال بالنسبة للتيار الوهابي الذي لديه إمكانيات مادية كبيرة، و"يخاطبون الجالية كما يحلوا لهم، بحكم أن الجالية ليس لها تكوين ديني، ما يجعلها تتلقى كل ما يقدم لها من أفكار وتأويلات". "بعد ذلك"، يضيف المتحدث ذاته، "ارتأت هذه التنظيمات التي تبحث عن نشر فكرها، في مرحلة ثانية، اللجوء إلى تكوين الأئمة وطبع الكتب وبناء المساجد، من خلال تمويل وهابي، وهنا كان على الدول المصدرة للجالية أن ترد على هذا التأثير السلبي على جاليتها". تبعا لذلك، استحضر نور الدين الزياني السياسة التي تبناها المغرب من أجل مساعدة الجمعيات الإسلامية على تدبير الشأن الديني وبناء المساجد، لكن ذلك لم يكن كافيا بحكم تكاثر الجالية ووصول عددها إلى خمسة ملايين، مضيفا أن المغرب في حاجة إلى ما أسماه "جيشا عرمرما"، من الأئمة والمرشدين الدينيين والوعاظ من أجل تأطير الجالية. وعرج المتحدث ذاته على الإجراءات التي قامت بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتي تدخل في إطار السياسة العمومية، موردا أنه في الوقت الذي تهدف فيه السياسة المغربية إلى تحقيق الوسطية والاعتدال والتعايش بين الأديان والمجتمعات، فإن هناك رفضا في دول الإقامة لكل ما يأتي من الخارج. الزياني أبرز أن عددا من الدول الغربية لا تقبل أن يكون المغرب في موقع الملقن ونشر ثقافة التعايش، في حين تعيش الجالية المغربية المقيمة بالخارج ضغطا من مختلف الجهات، "لأن لها ثقافتها الخاصة، وتقبل أن يتم تلقينها دينها من بلدها الأصل". ومن أجل تجاوز هذه النظرة، يرى الرئيس السابق للمراكز الثقافية الإسلامية في إسبانيا ضرورة أن يقنع المغرب بلدان المهجر بعدم وجود أي مصلحة خاصة له في تأطير الشأن الديني للمغاربة في الخارج، عدا نشر الوسطية والاعتدال وقيم التعايش بين المجتمعات.