انتهت أمس الخميس، عملية تقديم المرشحين لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة عروضهم الشفهية، والتي امتدت لثلاثة أيام، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الأممالمتحدة، حيث بسط المرشحون الثمانية مؤهلاتهم التي تخول لهم تولي هذا المنصب الأممي الكبير، كما أجابوا على أسئلة الدول الأعضاء. وتنتهي ولاية الأمين العام للأمم المتحدة الحالي، بان كي مون، والذي اندلعت بينه وبين المغرب أزمة غير مسبوقة بعد حديثه عن "احتلال الأراضي الصحراوية"، في نهاية السنة الجارية، بعد 10 سنوات من توليه هذا المنصب عبر ولايتين، كل واحدة تمتد لخمس سنوات. وانطلقت عملية استماع الدول الأعضاء للمرشحين الثمانية منذ الثلاثاء، من خلال مقابلات الحصول على المنصب، حيث خصصت مدة ساعتين لكل مرشح، فيما ستبدأ عملية الاختيار الفعلية في يوليوز المقبل، وفي شتنبر سيطرح المجلس اسما واحدا على الجمعية العامة للمصادقة عليه. المرشحون الثمانية لشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة هم: إيرينا بوكوفا من بلغاريا، أنطونيو غوتيرس من البرتغال، سرجان كريم من مقدونيا، فيسنا بوزيتش من كرواتيا، إيغور لوكسيتش من الجبل الأسود، نتاليا غيرمان من ملدوفا، هيلين كلارك من نيوزيلاند، ثم دانيلو تورك من سلوفينيا. ويتطلع المغرب إلى عملية اختيار الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، خلفا لكي مون، بكثير من الترقب والاهتمام، باعتبار أن ملف الوحدة الترابية للمملكة يوجد في أروقة الأممالمتحدة، ومن الجيد للرباط أن تكون على رأس المنظمة شخصية مرنة تتعاطى مع الملف بحيادية ومسؤولية. وفي هذا الصدد، طرحت هسبريس سؤال مَن مِن المرشحين الثمانية لاعتلاء منصب الأمين العام للأمم المتحدة سيكون الأفضل لمصالح المغرب؟ هل البلغارية غيرينا بوكوفا التي استقبلتها قبل فترة امباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة بوزارة الخارجية، أم البرتغالي أنطونيو غوتيرس، أم غيرهما من المرشحين؟ يجيب الدكتور عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في ملف الصحراء، بالقول إن "البرتغالي غوتيرس هو الأقرب إلى الفضاء المغربي، وأكثر من لديه اقتراحات جد واقعية لقضية الصحراء"، مشيرا إلى أن المرشح البرتغالي براغماتي وليس عاطفيا، كما أن لديه دراية قوية بملف الصحراء أكثر من باقي المرشحين الآخرين. وتابع الفاتحي أن غوتيرس كان مفوضا ساميا لغوث اللاجئين، وبالتالي يستشعر أهمية حل مخيمات تندوف على أسس الوثيقة المرجعية للاجئين، وهي اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، مبرزا أنه سيعمل على تفعيل توصية مجلس الأمن الدولي بإحصاء مخيمات تندوف، والدعوة إلى وضع حد للمخيمات بإقامة سكانها داخل الجزائر، أو عودتهم إلى المغرب، أو ترحيلهم إلى بد ثالث. وأشار الخبير إلى أنه سبق للمرشح البرتغالي أن عبّر عن ألمه لنسيان العالم مأساة هؤلاء اللاجئين، كما قال إن رفع المساعدات رهين بإجراء إحصاء للصحراويين في المخيمات، مؤكدا أن عملية الإحصاء لا علاقة لها بالاعتبارات السياسية، بل هي فقط آلية للمساعدة الإنسانية. وبالنسبة للفاتيحي، فبما أن غوتيرس سبق له أن كان رئيس وزراء البرتغال، وترأس المجلس الأوروبي، فإنه "يستوعب البعد السياسي الدولي وتفاعلاته البراغماتية التي تجعله أكثر موضوعية، بدل الانخراط في حلول مفصولة عن أرض الواقع في الصحراء، ولذلك فإن رؤية الرجل لحل نزاع الصحراء تساير دور ورؤية المملكة". لكن الفاتحي استدرك أن هذا المرشح "قد يمزج البعد الإنساني في القضايا السياسية لملف الصحراء، لاسيما أن البوليساريو باتت ضليعة في تمويه الرأي العام الدولي من المدخل الحقوقي في الصحراء"، منبها إلى أنه "قد لا يستطيع إيقاف المتاجرة في مآسي المحتجزين في مخيمات تندوف". وأكمل المحلل ذاته بأنه "مهما يكن من إمكانية تأثر غوتيرس بالبعد الإنساني، بيْدَ أنه رجل واقعي اعترض على الجزائر ادعاءها بأن المساعدات غير كافية لسكان المخيمات، فاقترح حينها إجراء إحصاء للسكان، ولذلك يُنتظر أن يعمل على حل مشكلات مخيمات تندوف وفق مبادئ اتفاقية جنيف للاجئين"، وفق رأي وتحليل الدكتور عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في ملف الصحراء.