اضطرَّ مواطن مغربي مُقيم بالديار الفنلندية، وإسمه الواثق عبد الاله العابدين، إلى إفراغ محل سكناه بزنقة الدراركة، حي تالبورجت، وسط مدينة أكادير، بصفة مؤقّتة، بسبب ما تنفثه مداخن فرن تقليدي، يشتغل بمحلات أسفل بيته، من غازات وأدخنة ملوثة، حوّلت حياة أسرته إلى جحيم، مُهدّدة سلامة صحة كل القاطنين بالحي المذكور، ومُفسدة جمالية منطقة خضراء أُحدثت من طرف المصالح البلدية لأكادير، وفق تعبيره. وبكثير من التذمر، يحكي عبد الاله لهسبريس أن معاناته تعاظمت حين جرى تجاهل كل الشكايات المرفوعة إلى السلطات المحلية والولائية، والمجلس الجماعي، الرامية إلى تنفيذ المقرر عدد 001648 بتاريخ 18 أبريل 2013، الصادر عن مصلحة الشرطة الإدارية والتنظيم بالجماعة الحضرية لأكادير، والذي "يأمر بإيقاف نشاط فرن لطهي الخبز بزنقة الدراركة، عمارة أرسلان، حي تالبورجت، إلى حين التزامه بتنفيذ شروط الصحة والسلامة"، وفقا للوثائق التي اطلعت عليها هسبريس. وزاد المشتكي أنه منذ سنة 2011، أقدم على مراسلة المجلس الجماعي، ووالي الجهة، والسلطة المحلية، يشتكي الأضرار المتواصلة للفرن، الذي "ظلّ مصدرا لانبعاث الروائح الكريهة، وانتشار الأدخنة التي تحبس الأنفاس، بسبب استعمال الأخشاب في طهي الخبز، بالإضافة إلى إحداث تشققات بجدران منزلي"، مستمرا بذلك في ممارسة "التعذيب" عليه وعلى أسرته، "دون أن يتم حمل مالك الفرن، على إدخال الإصلاحات الضرورية على طريقة اشتغاله، بما لا يضرُّ بالإنسان والبيئة"، بتعبير المشتكي. المُهاجر المغربي أوضح أنه يكون مُجبرا على التردّد على المغرب أربع إلى خمس مرات في السنة، مع ما يستوجبه ذلك من مصاريف إضافية، وترك العمل، من أجل مُتابعة مآل قضيته "المتعثرة داخل الإدارات المحلية"، وتتحوّل عطله السنوية إلى مناسبات للتردّد على المرافق الإدارية، جيئة وذهابا، دون التمكن من الوصول إلى فكّ لغز تنفيذ مقرر إداري يروم رفع الضرر المادي والصحي عنه وعن الساكنة المجاورة التي سبق لها أن رفعت، بدورها، عريضة إلى الجهات المعنية، تتوفر عليها هسبريس، مطالبة بإعادة النظر في طريقة عمل الفرن. سفير المملكة المغربية بهلسينكي، والوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، مصالح دخلت على خط شكاية المتضرر، حيث وجّهت مراسلات إلى السلطات المختصة بأكادير، داعية إياها إلى اتخاذ الاجراءات الضرورية، وإيجاد حلّ مُجْد لقضية الفرن التقليدي، وتنفيذ المقرر الجماعي، كما أثبتت ذلك مجموع الوثائق المدرجة بالملف الذي اطلعت عليه هسبريس. وجاء في برقية مستعجلة للوالي السابق موجهة إلى رئيس الدائرة الحضرية أكادير المحيط شهر بتاريخ دجنبر 2014، "أنكم مُطالبون باتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذ ذلك المقرر، وفق ما تنص عليه المادة 53 من الميثاق الجماعي، وذلك على وجه الاستعجال". عبد الإله العابدين قال، ضمن حديثه لهسبريس، إن ارتباطه وتعلُّقه ببلده المغرب دفعه إلى تجنيس ابنتيه، المزدادتين بفنلندا من أم أجنبية، بالجنسية المغربية، ويُناشد عاهل البلاد ووالي جهة سوس ماسة التدخل لفرض تنفيذ المقرر الجماعي القاضي بإيقاف نشاط الفرن الذي التزم مسيّروه، في وثيقة مُصحّحة الإمضاء، "بتحديثه بفرن غازي لطهي الخبز، ضمن حدود الإمكانيات المتاحة، وفي ظل ما قد يفيد في بلورة فرص استغلاله، تفاديا للتأثيرات التي تنجم عادة عن الأفران التقليدية"،. وشدد على أنه ليس ضدّ نشاط الفرن، لكن مع ضرورة احترام أدنى الشروط الصحية والبيئية، التي تكاد تغيب عنه، استنادا إلى محاضر لجان مختلطة زارت مرارا المكان، وخلصت إلى ايقاف نشاط الفرن، يستطرد المتحدث.