تأتي زيارة الوزير الأول الفرنسي إيمانويل فالس إلى الجزائر، والتي تنتهي اليوم الأحد، في خضم توتر سياسي ملحوظ للعلاقات بين البلدين، لينتهي بذلك "شهر العسل" الذي شهدته علاقات فرنساوالجزائر منذ وصول الرئيس فرنسوا هولاند إلى سدة الحكم بقصر الإليزيه. واجتمعت ثلاثة عوامل رئيسية لتعيد علاقات باريسوالجزائر إلى نقطة الصفر، أولها موضوع الصحراء باعتبار الدعم الواضح الذي أعلنته فرنسا للمقترح المغربي ضدا على أطروحة الجزائر، وثانيها "أوراق بنما" وتركيز الصحافة الفرنسية على اسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وثالثها توسيع مجموعة "رونو" الفرنسية لاستثماراتها بالمملكة. وفيما يخص ملف الصحراء، فقد بدا واضحا مدى تأثيراته السلبية على العلاقات الثنائية بين فرنسا والجارة الشرقية للمملكة، سيما بعد إعلان باريس بشكل جلي عن دعمها لمقترح المغرب المتعلق بالحكم الذاتي الموسع كسقف أقصى لحل نزاع الصحراء المفتعل الذي عمر طويلا بالمنطقة. وتتهم الجزائرفرنسا، عبر وسائل إعلامها المقربة من النظام الحاكم بالبلاد، بكونها تمارس ازدواجية الخطاب السياسي، فكلما تحدثت الإدارة الفرنسية عن رغبتها في تطوير علاقاتها مع الجزائر، رافقتها مواقف قصر الإليزيه داعمة للملكة في قضية الصحراء، وهو ما دفع صحفا لمطالبة فالس بتقديم توضيحات حول هذا الملف. وتنظر الجزائر إلى فرنسا بكونها تظهر كشريك في المجال الاقتصادي، لكنها غريم في الجانب السياسي، إلى حد أن وزير خارجيتها، رمطان لعمامرة، طالب نظيره الفرنسي، جون مارك إيرو، بوضع النقط على حروف العلاقات بين البلدين، داعيا فرنسا لتوضيح موقفها من طرد المغرب لأعضاء "المينورسو"، وموقفها الداعم للمملكة بنزاع لصحراء. وأما بخصوص "أوراق بنما" فقد هبت رياحها العاصفة بقوة على العلاقات بين البلدين، حيث ما إن نشرت جريدة "لوموند" الشهيرة اسم صورة بوتفليقة كأحد الشخصيات الواردة في وثائق بنما المالية المسربة، حتى حدث استنفار حكومي وإعلامي يتهم الفرنسيين بتعمد استفزاز الجزائر. وبلغ احتجاج الجزائر ذروته عندما أبلغ لعمامرة احتجاجا رسميا للسفير الفرنسي بشأن ما سماه "الحملة المغرضة وتزييف الحقائق" الذي طال بلاده، من خلال إقحام صحف فرنسية معروفة لصورة الرئيس بوتفليقة، الذي يلازم كرسيه المتحرك بسب تداعيات مرضه، في "أوراق بنما". وتكرس التوتر بين فرنساوالجزائر خلال زيارة الوزير الأول الفرنسي إيمانويل فالس إلى البلاد، من خلال رفض السلطات الجزائرية الترخيص لوسيلتين إعلاميتين من تأشيرة دخول أراضيها لتغطية الدورة الثالثة للجنة الحكومية المشتركة، وهو ما أثار امتعاض الحكومة الفرنسية. وأما ثالثة الأثافي في تدهور العلاقات بين فرنساوالجزائر، فتمثلت في إبداء الجزائر تذمرها وشكواها من إعلان مجموعة "رونو" الرائدة للسيارات توسيع حجم استثماراتها في المغرب، من خلال حفل ترأسه الملك محمد السادس يوم الجمعة الماضي، وهو ما اعتبرته صحف جزائرية مقربة من قصر "المرادية" استفزازا فرنسيا للجزائر.