وضع قصر الإليزيه إطارا عاما للزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، للمغرب يومي السبت والأحد، ولقائه بالملك محمد السادس في مدينة طنجة، تمثل في "الدفع بالتعاون الثنائي في مجالات عدة، خاصة مكافحة التطرف والتنمية الاقتصادية، وتحضير الرئاسة الفرنسية للمؤتمر الدولي حول تغيرات المناخ، والرئاسة المغربية للمؤتمر الذي يليه". عدد من وسائل الإعلام الفرنسية أفردت حيزا استباقيا لدلالات زيارة هولاند للمملكة، وقالت إن هذه الزيارة تعبر عن رغبة لدى الجانب الفرنسي في تهدئة الأجواء بين البلدين، وبعث رسائل طمأنة إلى العاهل المغربي، خاصة بعد توتر العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس مدة ناهزت سنة كاملة، قبل أن تعود المياه تدريجيا إلى مجاريها. وهذه ثاني زيارة رسمية للرئيس الفرنسي يقوم بها إلى المغرب، حيث سبق له أن حل بالدار البيضاء في أبريل 2013، حيث استقبلته المملكة بحفاوة بالغة، تميزت بالخصوص بإلقائه خطابا رسميا تحت قبة مجلس النواب بالرباط، وهو تعاطٍ لا يكون في العادة إلا مع كبار ضيوف المغرب. وإذا كان مراقبون يرون أن زيارة هولاند للمغرب تأتي لترتيب أوراق المصالحة بين البلدين الحليفين، خاصة بعد الرجة التي طالت علاقاتهما الدبلوماسية، وأفضت إلى تعليق التعاون الأمني والقضائي، فإن آخرين لا يرون أهمية كبرى لهذه الزيارة، سوى تثبيت استقرار هذه العلاقات، باعتبار أن المملكة تراهن على نيكولا ساركوزي رئيسا لفرنسا عام 2017. "هذه الزيارة تأتي في سياق مسلسل من "المصالحات الدبلوماسية" بين الرباط وباريس، بعد مرور أطول أزمة دبلوماسية خيمت سحبها على سماء العلاقات الثنائية للجارين المتوسطيين، منذ وصول العاهل المغربي إلى الحكم، في صيف عام 1999" يقول الدكتور سعيد الصديقي. وأفاد الصديقي، في تصريح لهسبريس، بأنه "بغض النظر عن أهمية البرنامج العام لهذه الزيارة، فإنها تدخل ضمن زيارات الصداقة والعمل التي يقوم بها الرئيس الفرنسي الحالي إلى شركاء فرنسا الأساسيين في المنطقة المغاربية، مثل زيارته للجزائر في شهر يونيو الأخير". وتابع المحلل ذاته بأن هذه الزيارة تندرج أيضا في إطار زيارات القمة المتبادلة بين البلدين، وهذا هو اللقاء الرسمي الثاني الذي سيجمع بين رئسي الدولتين خلال أقل من سنة بعد زيارة الملك محمد السادس لفرنسا في شهر فبراير الماضي، قبل أن يتوقع أن لا يحمل هولاند شيئا مهما للمغرب". واستطرد المتحدث بأن ما أصبح يتكرر في هذه اللقاءات الرسمية خلال السنوات الأخيرة، هو التركيز على تعزيز التعاون الأمني والقضائي بين الدولتين، وإعطاء نفس جديد للعلاقات الاقتصادية، وأيضا محاولة تجاوز شوائب التوتر الذي خيم على علاقات البلدين في السنة الماضية، والتي تعد أخطر أزمة دبلوماسية بين المغرب وفرنسا خلال العقود الخمسة الأخيرة. أما من الجانب المغربي، يضيف الصديقي، فلن يعول كثيرا على هذه الزيارة لاعتبارين مهمين، أولهما أن المغرب يراهن على قدوم نيكولاس ساركوزي إلى قصر الإليزيه خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث يعتبر حليفا قويا للمغرب، وسيحظى دون شك بدعم مغربي خلال الانتخابات القادمة. وأبرز أستاذ العلاقات الدولية في جامعة العين بالإمارات العربية المتحدة، وجامعة فاس، أن المغرب سيسعى من خلال زيارة هولاند أيضا، إلى الحرص على استقرار العلاقات المغربية الفرنسية حتى الانتخابات الرئاسية لعام 2017، حيث يأمل بوصول ساركوزي إلى قصر الإليزيه. وأما الاعتبار الثاني، يردف المحلل، فيتمثل في التنافر الذي تتسم به عادة علاقة النظام المغربي مع حكم الاشتراكيين في فرنسا الذين لا يطمئن إليهم المغرب، لاسيما موقفهم من قضية الصحراء التي شهدت أصعب مراحلها في أروقة الأممالمتحدة خلال حكم الرئيس الفرنسي الحالي، ولم يستطع المغرب أن يتجاوز تلك الصعوبات إلا بالانفتاح على شركاء دوليين جدد، خاصة روسيا".