منذ سنوات مضت والقيل والقال كثُر بخصوص الساعة الإضافية التي قررت الحكومة زيادتها، بين مؤيد لقرار الحكومة ومشيد به، لما له من فوائد من الناحية الطاقية وغيرها من المنافع التي عددتها الحكومة، وبين من يرفضه جملة وتفصيلا لما له من انعكاسات سلبيات سنتطرق إلى بعضها في المقبل من السطور. قرار الحكومة هذا المتعلق بإضافة 60 دقيقة على التوقيت القانوني "عند حلول الساعة الثانية بعد منتصف الليل من يوم الأحد الأخير من شهر مارس من كل سنة٬ والعودة إلى الساعة القانونية من جديد بدءا من حلول الساعة الثالثة بعد منتصف الليل من يوم الأحد الأخير من شهر شتنبر من نفس السنة، مع استثناء شهر رمضان"؛ جاء تحت ذريعة أن هذا التوقيت الجديد "سيرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني، لاسيما من خلال تخفيض تكلفة الفاتورة الطاقية، وتيسير المعاملات مع الشركاء الاقتصاديين الإقليميين" وغيرها من المزاعم. لكن مع التطور التكنولوجي والانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، لم يمر هذا التوقيت هذه السنة مرور الكرام، بل لاحت أصوات من وراء هذه المواقع تنادي بإلغاء التوقيت الصيفي وتطالب بالعمل بالتوقيت القانوني العادي الذي اعتاده المغاربة منذ زمن. وبسببه كُتبت تدوينات وهاشتاكات وتغريدات متعددة تعتبر أن زيادة 60 دقيقة على التوقيت القانوني لا فائدة ترجى منها، كما أن الاستهزاء بهذا التوقيت الجديد تَجسّد في مقولة المغاربة الشهيرة "الجديدة أولى القديمة" مع كل سؤال عن التوقيت، دون أن ننسى أن السلسلة المغربية الرمضانية الشهيرة المعنونة ب "الكوبل"، وأدى أدوارها كل من حسن الفد ودونيا بوتازوت وآخرين، تطرقت هي الأخرى في حلقة من حلقاتها، إلى موضوع الساعة الجديدة والالتباس الذي خلقه التوقيت الجديد في نفسية "كبور" في قالب كوميدي لا يخو من رسائل واضحة. لعل من بين الأسباب التي دعت هؤلاء إلى المطالبة بإلغاء التوقيت الصيفي، غير أن هذا الطلب على ما يبدو لم يلق آذانا صاغية من لدن الحكومة، نجد بالدرجة الأولى أنه توقيت لا يناسب مواقيت الصلاة، حيث يُلفي المصلون صعوبة في التوفيق بين توقيت العمل ووقت الصلاة، وبالتالي قد يضطر المرء ليضحي بأحدهما لصالح الآخر، وغالبا ما تكون الصلاة في خبر كان. زد على ذلك أن المناخ بمختلف مناطق المغرب ليس واحدا، إذ هناك تغيرات مناخية من منطقة إلى أخرى، كما أن المدن الساحلية "الدافئة" ليست هي المناطق الجبلية من قرى وبوادي ومداشر ذات المناخ البارد الممتاز بالقصيع خصوصا بفصل الشتاء. لكم أن تتصوروا هل يستوي موظفان إداريان يشتغلان في إدارة عمومية، فيستفيقان كلاهما مع الساعة السابعة صباحا حسب التوقيت الجديد، ويحصلان على مرتب واحد شهريا، لكن أحدهما يشتغل في الرباط أو المحمدية أو البيضاء وغيرها من المدن "الساخنة"، في حين أن الآخر يعمل بإدارة في إحدى المناطق النائية من المغرب العميق، التي تعرف هطول كمية مهمة من الثلوج كل سنة.. بالطبع لا يستويان لأسباب معروفة وكثيرة يخجل القلم عن تدوينها واللسان عن ذكرها. ما تجهله الحكومة، أو ما يتجاهله محمد مبديع، الوزير المنتدب المكلف بالوظيفة العمومية، أن عدة مناطق من المغرب غير النافع لا تزال أزقتها، إلى حدود كتابة هذه السطور، عامرة بالثلوج المزاح من على السطوح، ولا يزال الصقيع يلقي بضلاله على تلك المداشر، ولا يزال الفرن المعتمد على الحطب يقوم بوظيفته المعتادة. كيف ستكون نفسية طفل في سنته الثامنة أو التاسعة، ويتحدر من منطقة جبلية شديدة البرودة، توجه صوب المدرسة لتلقي العلوم والمعارف، مع الساعة السابعة صباحا، معتمدا على التوقيت "الصيفي"، وهو يتأبط عودا من الخشب لإشعال النار داخل حجرة الدراسة من أجل التدفئة.. ألا يشكل هذا خطرا على نفسية وصحة هؤلاء الملائكة؟ بالطبع نعم.. وعليه، أرى أنه من الضروري مراجعة هذا التوقيت الذي من الصعوبة بمكان على الكبار كما الصغار، في المدن عامة والجبال على وجه التحديد، التأقلم معه؛ هذا التوقيت الذي تم الاعتماد عليه بشكل قار بمقتضى مرسوم صادر سنة 2013. كما أن الحكومة لم تكشف بعد عن الأرباح الطاقية التي جنتها من إضافة 60 دقيقة إلى توقيت غرينيتش كما تدّعي، في ظل الارتفاع الصاروخي لفواتير الكهرباء التي تلهب جيوب الشعب المغربي كل شهر.