عرف برنامج إذاعي يُبث من بروكسل، صبيحة الأحد، نِقاشاً حاداً بين ضُيوفه ومشاركين من المستمعين.. إذ كان عنوان الحلقة "الحراك الشعبي المغربي والجالية" واستضاف خلالها الإذاعي من أصل مغربي "شاطر" كلا من الناشط الجمعوي علي أوراغ، الداعم لحركة 20 فبراير، إلى جانب ثلاثة نِساء يُمثلن ما يُسمى "الرابطة الملكية المغربية" والتي تم تأسيسها بعد 20 فبراير ببروكسل. صبيحة الأحد على أثير "راديو المنار" ببروكسل لم تكن كسابقاتها.. فقد استطاع الحراك الشعبي بالمغرب أن يقطع مسافات نحو الشمال ليكون موضوعاً للنقاش هناك أيضاً.. غير أن الحلقة لم تكن ملامحها منذ البداية واضحة المرامي لخلق نقاش بل اتجهت لتمرير "الخطاب الرسمي للدولة المغربية" من خلال تمرير تصريحات خطيرة.. مُحاولة بذلك ِتشويه شباب حركة 20 فبراير لدى مغاربة بلجيكا وتغذية أوردة القذف وكيل التهم لشباب التغيير بالمغرب، عبر تقديم هؤلاء الشباب في صورة "الخونة" و "المُشركين" لدى مغاربة بلجيكا الذين يُتابعون عن كثب تطورات الحراك الشعبي ببلدهم.
الإذاعي "شاطر" لم يكن شاطراً كعادته حين فضّل لعب دور "مُحامي المخزن" ضمن تدخلاته وتعليقاته، فأصبح بذلك مغضوباً عليه من طرف المُستمعين الذين تدخلوا عبر الهاتف، واصفين إياه مباشرة ب"البلطجي" و"خدمة أجندة المخزن" وأيضا "المشاركة في تشويه شباب 20 فبراير" عبر إذاعة يُفترض أن تكون مُحايدة وتخدم الرأي العام وليس بوقاً لأي كان.
وقد استطاع البرنامج فعلاً أن يجذب اهتمام مغاربة بلجيكا خصوصاً وأن المحسوبون على ما يُسمى "الرابطة الملكية المغربية" لم يدخروا جُهداً في الترويج صباح مساء عبر نفس الأثير وبكل اللغات ل"مسيرة حب الملك" التي يعتزمون تنظيمها الأحد المقبل 10 أبريل وسط بروكسل.. لكن المثير للاهتمام في كل ما جرى في النقاش عبر الأثير، يبقى تصريحات الضيوف وبعض المُستمعين، حيث جددت إحدى مُنسقات الرابطة، وهي المدعوة أمينة، رفضها القاطع لحركة شباب التغيير بالمغرب، مُعتبرة إياها حركة لمُراهقين يُريدون من ورائها دسترة "الشذوذ الجنسي" وتكفير المجتمع وزرع الفتنة بين مكوناته عبر دسترة "الافطار العلني" في رمضان، مُضيفة "أننا رعايا فقط وهذا شرف، والإسلام يقول أننا رعايا وكفى".. فيما أضافت مُنسقة أخرى أنه "على الشعب المغربي أن يُوقف هذه الحركة عند حدها، لأن سُلطات الملك لا يجب المس بها، وما جاء به الخطاب الملكي كان مُقرراً منذ زمن"، نافية أن يكون استجابة للحراك الشعبي المغربي، مُوجهة انتقادات لاذعة للمشاركين في المسيرات الشعبية بالمغرب.
وفي جواب له عن سؤال بشأن مُشاركته ضمن مسيرة الرباط ل20 مارس الماضي قال الناشط الجمعوي "علي أوراغ" إن مُشاركته أملتها غيرته الوطنية وكذا تقاطع المطالب المشروعة لشباب 20 فبراير مع المطالب العامة للشعب المغربي.. مُذكراً أن شباب التغيير ناضج وواعٍ بما فيه الكفاية، وزاد: "لم يقم أي أحد برفع لافتة أو مطلب ضد الملك، فيما الجميع طالب بالقضاء على الفساد والرشوة ومحاسبة المفسدين وحل الحكومة والبرلمان غير الديمقراطيين إضافة إلى مزيد من الحريات والديموقراطية، وهي كُلها مطالب جميع فئات الشعب المغربي التواق إلى مغرب جديد تسود فيه المساواة والعدالة الاجتماعية والحريات"، قبلَ أن يُتعمد فصل تدخل أوراغ بمقاطع موسيقية من طرف مُسيري الاذاعة.
وبينما كان الإذاعي "شاطر" يستقبل مكالمات المستمعين، تقاطرت عليه اتهامات بعدم الحياد وخدمة "أجندات معينة"، كما أشادت الاتصالات بمطالب شباب 20 فبراير وتمثيلية الناشط "علي أوراغ" للجالية في الرباط، وأنه ظهر جلياً للمستمعين التوافق الحاصل بين المنشط الإذاعي والداعيات إلى مسيرة 10 أبريل.. وفيما قال مُتتبع أن هذه الخطوة تعتبر إنزلاقا خطيرا لمن يدفع بهؤلاء إلى المساومة باسم الملك واستعمال الملك كأداة لقياس نبض الشارع، داعياُ من وراءها إلى وقف ما أسماه "مهزلة"، مُعتبراً إياه توجهاً غير ذي جدوى في الفترة الحالية، ناصحاً القائمين على هذه المحطة الإذاعية ب"احترام ذكاء المُستمع لخدمة قضاياه الحقيقية ومحاولة التخلص من الهيمنة البوليسية للسفارة المغربية ببروكسل، التي تُخصص للمحطة الإذاعية دعماً ماليا مُغرياُ نظير تحكمها المُطلق في برامج المحطة والخط التحريري العام"حسب تعبير ذات المتدخل، فيما صرح ناشط حقوقي ببلجيكا أن هذا النقاش على الأثير ،وبهذه الطريقة، يدل على أن الدولة تعيش ارتباكا كبيراً باستخدامها لما أسماه "بلطجية" من فاقدي الشرعية لدى مغاربة بلجيكا ل"شرعنة" مسيرة غريبة، في الوقت الذي يرى فيه العالم تحولات وإطاحات بأنظمة الاستبداد وكذا نضالات من أجل التغيير إلى الأفضل بعدد من الأقطار.
حري بالذكر أن نفس محطة "المنار" الإذاعية ببروكسل، قد استضافت مساء اليوم ذاته أحد أئمة بلجيكا بمدينة "مالين"، حيث تبين أن الإمام الضيف من المُساندين لفكرة "مسيرة حب الملك" ليوم 10 أبريل.. لكن الأمر الذي استرعى الاهتمام كمن في الطريقة التي عبّر بها هذا الإمام عن "تجنده" لتوجيه أئمة آخرين بباقي المدن البلجيكية، بحكم علاقاته وموقعه الديني، للتعريف بالمسيرة وحشد أكبر عدد ممكن من المشاركين.. الشيء الذي جعل عددا من المتتبعين لتدبير الشأن الديني والسياسي ببلجيكا ينظرون باستغراب شديد لدور هؤلاء الأئمة فوق أرض أوربية.. مُحذرين من انعكاسات ذلك على صورة المغرب لدى الأوروبيين، بحكم أن مثل هذه الحركات الغريبة سيتم تأويلها لتُعتبر مُوجهة ضد الحركات الشعبية المُطالبة بالديمقراطية والحريات.