استطاعت جنازة أرملة زعيم ومؤسس حزب الاستقلال، الراحل علال الفاسي، زهرة الفاسي الفهري، والتي توفيت صبيحة اليوم الخميس بالرباط، أن "تصالح" بين حميد شباط، الأمين العام الحالي لحزب "الميزان" ومحمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة. ولم تتوقف "حسنات" جنازة أرملة "سي علال"، التي ووريت الثرى اليوم بمقبرة الشهداء، عند حد "المصالحة" بين القياديين الغريمين بحزب الاستقلال، بل تمكنت ايضا في بعض لحظاتها "الروحية" أن ترمم الشرخ النفسي الذي حصل بين شباط ورئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، نتيجة حروب كثيرة. وشوهد خلال الجنازة ذاتها الوفا وهو يعانق شباط، ويتحدث معه تارة همسا، وتارة أخرى بصوت مسموع، وبحركات بيديه، كما أنهما سارا خطوات عديدة جنبا إلى جنبن لدى تشييعهما لجنازة أرملة معلمهما الروحي، علال الفاسي مؤلف "النقد الذاتي"، والذي وافته المنية في بوخاريست الرومانية سنة 1974. وبجلباب وطربوش مخزني يكاد يتشابه بين الرجلين، كان الوفا يهمس في أذن شباط كلمات بدت ذات أهمية من خلال ملامح وجهيهما، فيما تكهن البعض أن يكون همسهما قد لامس إذابة الجليد الذي طال علاقتهما المتوترة إلى حد القطيعة منذ انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة، وقرار الوفا المكوث على كرسيه الوزاري. ومن المشاهد الأخرى التي لفتت فضوليي السياسة تلك التي جمعت أيضا الأمين العام لحزب "الميزان" برئيس الحكومة، حيث ظهرا في أكثر من مرة، طيلة مسار جنازة أرملة "سي علال"، وهما يتحادثان بصوت خفيض، خاصة عند اللحظة التي كان فيها التابوت الخشبي للفقيدة ينزل إلى قعر القبر. وكان لافتا كيف كان الوفا "نشيطا" يتحدث تارة مع سائق سيارة نقل الموتى، ويرشده إلى الطريق السالكة داخل المقبرة، وتارة أخرى يوجه حفاري القبور بيديه وتعبيرات وجهه، كما لفت بنكيران الأنظار بتلاوته آيات قرآنية عند وضع جثمان الراحلة داخل القبر، بينما كان شباط بجانبه واجما صامتا. وأثارت انتباهَ الكثيرين أيضا خطوات أندري أزولاي، مستشار الملك محمد السادس، ويهودي الديانة، الذي كانت علامات الحزن بادية على محياه، من باب مسجد الشهداء إلى المقبرة، خلف جنازة أرملة علال الفاسي، حيث لم تمنعه ديانته من إتباع الجنازة وتشييعها في مقابر المسلمين. وحضرت تشييع جنازة زهرة الفاسي الفهري فضلا عن أندري أزولاي، مستشار الملك في الشؤون السياحية والاقتصادية، ياسر الزناكي، ومستشارا الملك، محمد المنوني والطيب الفاسي الفهري، والأمين العام للحكومة، إدريس الضحاك، فضلا عن شخصيات سياسية وحكومية، وأفراد عائلة الفقيدة، وعلى رأسهم عبد الواحد الفاسي الفهري، نجل "سي علال"، وعباس الفاسي، الوزير الأول السابق.