الركراكي: نريد أفضل الأسماء في المنتخب .. ونعمل على إقناع بوعدي    الملاحة البحرية بين المغرب وإسبانيا تعود بحذر بعد توقف بسبب الطقس    شفشاون تتصدر مقاييس التساقطات    كانت موجهة للسجناء.. توقيف شاحنة محملة بشباكية فاسدة    الحسابات الفلكية تكشف تاريخ عيد الفطر بالمغرب    رئيس المحكمة لدفاع الناصيري: "اليوم الجمعة ورمضان.. الإنسان لا يجب أن يكذب"    سفراء الموسيقى الأندلسية المغربية في فرنسا يلهبون حماس الجمهور الباريسي خلال أمسية احتفالية وروحانية    المغرب ‬و ‬إسبانيا :‬ تفاهم ‬تام ‬و ‬تطابق ‬مصالح ‬أساس ‬لشراكة ‬استراتيجية    استغلال قفف رمضان ومعدات الدولة لأغراض انتخابية يجر لفتيت للمساءلة    مدرب المنتخب المغربي يوضح "تردد" لاعبين في حمل القميص الوطني    طنجة: توقيف شخص متورط في حادثة سير عمدية مع الفرار    الذهب فوق 3000 دولار للمرة الأولى    المؤتمر الوطني للحماية الاجتماعية بالمغرب: استثمار في الإنتاجية والربحية    إصابة 12 شخصا بعد اندلاع النيران في طائرة أمريكية بمطار دنفر    أعمال تخريب ضد تسلا في الولايات المتحدة تتواصل بعد صعود ماسك    وفد درزي سوري يتوجه إلى إسرائيل    العشرات من الشبان يحاولون الوصول سباحة إلى سبتة وسط الأمواج العاتية    توقيف شخصين بطنجة بحوزتهما 1445 قرصًا مخدرًا وأسلحة بيضاء    الطقس يستقر بعد زوال يوم السبت    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    المغرب يستضيف وزراء المالية الأفارقة    السلطات الموريتانية تتغلب على تسرب للغاز من حقل مشترك مع السنغال    بلباو ولاتسيو إلى دور الربع وروما وأياكس يغادران الدوري الأوروبي    المغاربة ‬يبدعون ‬في ‬أشكال ‬التصدي ‬للارتفاعات ‬المهولة ‬في الأسعار    واشنطن تدرس مراجعة اتفاقية التجارة الحرة مع المغرب    شبهة تضارب المصالح تطيح بحكومة البرتغال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    إصابة إلياس شاعر تثير المخاوف .. والمدرب : نترقب نتائج الفحوصات    ندوات    ندوة نقاشية في العيون تسلط الضوء على رحلة تمكين المرأة من التحرر إلى صنع القرار    جماعة العرائش تنظم الدورة الأولى من رمضانيات السماع والمديح    منع مشجعي الوداد البيضاوي من التنقل إلى طنجة لمساندة فريقها    نيويورك.. وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا مؤيد للفلسطينيين واعتقال 98 شخصا    السلطات الصينية والأمريكية تحافظ على التواصل بشأن القضايا التجارية (متحدث صيني)    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    الصين تبدأ رسميا في انتاج هيدروجين عالي النقاء بنسبة 99,999 بالمائة    ماذا قال المدرب البرتغالي بعد الإقصاء … ؟    التحديات المالية للجمعيات الرياضية بطنجة: بين ارتفاع التكاليف والتسعير غير العادل    مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بإحداث منطقة التصدير الحرة طنجة طيك    خبراء: تحديات تواجه استخدام الأحزاب للذكاء الاصطناعي في الانتخابات    عقار جديد يوقف الخصوبة لدى الرجال ويعيدها بعد التوقف عن تناوله    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    سلا: الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد جمعها العام العادي    سباق التسلح في مجال الطائرات المسيّرة.. المغرب ضمن تحالفات جديدة وتنافس دولي متصاعد    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    قالها ملك البلاد‮: ‬أحزاب‮ ‬تستعجل القيامة‮..!‬    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    يسار يعرض "لمهيب" في مركب محمد الخامس    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    بوحموش: "الدم المشروك" يعكس واقع المجتمع ببصمة مغربية خالصة    أوراق من برلين .. قصة امرأة كردية تعيش حياة مليئة بالتناقضات    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيّ "مولنبيك" البلجيكي .. مشتل إرهاب أم ضحيّة تميِيز؟
نشر في هسبريس يوم 20 - 03 - 2016

عشية يوم الجمعة المنصرم، تم إلقاء القبض، في بروكسل، على صلاح عبد السلام، أبرز المشتبه بهم في أحداث باريس التي وقعت في 13 نونبر 2015. هكذا كتب القدر أن يبتدئ هذا المسلسل وينتهي في اليوم نفس، الجمعة.
وكانت بروكسل قد عاشت أجواء استثنائية منذ أحداث باريس، بعد أن علم أن من بين منفذي العملية شباب أتوا من حي مولنبيك ذي الأغلبية المسلمة.
صلاح عبد السلام، الذي تم اعتقاله وإرساله إلى إحدى مستشفيات بروكسل قصد العلاج إثر إصابته في الفخذ، كانت بصماته قد اكتشفت في شقة بحي فورست جنوب بروكسل، عندما تم قتل المهاجر الجزائري محمد بلقايد، المشتبه به الأخر في أحداث باريس نفسها.
سفين ماري، محامي صلاح عبد السلام، أكد أن موكله يتعاون في التحقيق مع الشرطة البلجيكية، وأنه سيتم ترحيله إلى سجن "بروج"، كما أنه يرفض تسليمه إلى الأمن الفرنسي مخافة غياب ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة.
فرنسا التي تطالب بتسليمه، اجتمع مجلسها الأمني على عجل لمتابعة التطورات الجارية، كما صرحت على لسان وزير داخليتها، برنارد غازنوف، بأن التعاون الأمني بين الدولتين يجري في أحسن الظروف، وأن ضربة قوية تم توجيهها ل"داعش"، وأن رئيس الجمهورية سيقوم باستقبال جمعية عائلات ضحايا اعتداء باريس يوم غد الاثنين التي تطالب بأجوبة مقنعة.
انتقلنا على جناح السرعة إلى حي مولنبيك، لنرى تواجدا إعلاميا غفيرا ترك تغطية اجتماع القمة الأوربية التركية ليتابع اعتقال المطلوب الأول على مستوى أوروبا، والذي استمر اختفاؤه لمدة تزيد عن أربعة أشهر.
سكان حي مولنبيك ذوو الأصول المغاربية لا يصدقون ما وقع، هم يؤكدون أن الشرطة البلجيكية فتشت مرارا الحي المذكور بأكمله، وفرضت طوقا أمنيا رهيبا بحثا عن صلاح عبد السلام، الذي ذكرت بعض المصادر الأمنية الفرنسية أنه قد تمكن من الفرار واجتاز الحدود الفرنسية باتجاه بلجيكا مسقط رأسه.
أغلب الذين تحدثنا معهم يتبنون فرضية أن هذه العمليات مخترقة ومتلاعب بها من أجل مصالح سياسية ترتبط بشرعنة التدخل في سوريا وليبيا.
عائلة صلاح عبد السلام صرحت لوسائل الإعلام البلجيكية بأنها مرتاحة بعد القبض على ابنها، بعد أن عانت طوال الأشهر التي سبقت عملية الاعتقال، وترى أنه آن الأوان لمعرفة الحقيقة وطبيعة الاتهامات التي وجهت إليه.
ما يسردونه عن الأخوين عبد السلام صلاح وإبراهيم، يصعب تصديقه، عبد السلام كان يدير مقهى اشتهرت بتناول المخدرات، وهذا ما جعله يتابع بالاتجار في الممنوعات مرات عديدة ويدخل السجن، لا أحد يصدق تحول شابين بعيدين عن الالتزام وتطبيق تعاليم الدين إلى مجندين لتنظيم "الدولة الإسلامية"، مما يؤكد فرضية اختراق التنظيم واستعماله لتنفيذ عمليات متحكم بها.
بالمقابل عدد من البلجيكيين الذين التقينا بهم، تنفسوا الصعداء للقبض على أبرز المشتبه بهم في أحداث باريس، مما أعطاهم إحساسا بعودة الأمان، وكذلك لتخفيف الإجراءات الأمنية المشددة في بعض أحياء المدينة والتي كانت تتسبب في عرقلة السير ونشر حالة من الارتباك والذعر.
أثناء تجولنا بحي مولنبيك الذي صار يحمل كثيرا من الاتهامات لساكنيه، بحكم الضغط الرهيب لوسائل الإعلام الأوربية التي تتناوله كلما تعلق الأمر بأحداث خطط لها تنظيم "الدولة الإسلامية" أو تنظيم "القاعدة"، رأينا العديد من الشباب واليافعين يتسكعون بالشوارع وأعينهم تشرئب إلى الداخل والخارج لحيهم، الفراغ القاتل حوّلهم إلى قنابل موقوتة قادرة على فعل أي شيء يجلب لهم مالا، لا تظهر علامات التدين والالتزام إلا على البعض الذي تراه يمشي مهرولا حتى لا يثير ارتياب وشكوك رجال الأمن.
في بعض الساحات ترى بعض شاحنات الجيش البلجيكي متوقفة في منظر رهيب يوحي بمشاهد لا تراها إلا في أفلام هوليود، الكثير من متناولي المخدرات والخمور أصبحوا يجدون صعوبة في الاختباء في الحدائق ومداخل الأزقة مخافة أن تتم مداهمتهم والقبض عليهم في حالة تلبس.
رجال الأمن السريون، أغلبهم شباب، يشبهون في سحناتهم ملامح المهاجرين ببلجيكا، حتى لا يسهل التعرف عليهم، لا تعرفهم إلا بعد أن تراهم قد أمسكوا بمشتبه به وقيدوا معصميه وانهمكوا في تفتيش ملابسه. كل هذا يوحي بالفعل أن حي مولنبيك الذي كان يشكل مقاطعة مغاربية في بروكسيل تتجول فيها بكل حرية، أصبح حيا مراقبا لا يحمل إلا الشبهات لقاطنيه، مما دفع العديد من الأسر ذات الأصول المغاربية إلى مغادرته.
فيليب مورو، سياسي لامع في الحزب الاشتراكي الذي تربع على رأس مقاطعة مولنبيك منذ سنة 1992 إلى حدود أكتوبر 2012، عانى الكثير من الاتهامات والإساءات من قبل عدد من الصحافيين والسياسيين بعد أحداث باريس. روى العديد منها في كتابه الأخير "الحقيقة حول مولنبيك"، ويؤكد فيه أن الشباب الذي ذهب إلى سوريا، سافر بنية محاربة بشار الأسد ونصرة إخوانهم، بعدما لم تقدم السلطات البلجيكية لهم أي دعم يذكر، لا وجود لمجندين يعملون على تجنيد الشباب كما ذكر له بعض الذين حاورهم، وإنما عملية السفر تتم عبر الإنترنت، أسباب غياب الهوية الوطنية والتمييز العنصري، تدفعهم إلى الهجرة نحو المجهول.
الحكومة البلجيكية الحالية، التي تشكلت بعد مخاض عسير، تبدو عاجزة عن فعل أي شيء يساهم في حل إشكالية العنف والتطرف، سوى المقاربة الأمنية التي يجمع العديد من المحللين والمتتبعين على فشلها، "بلجيكا لا تقدر على الاستغناء عن المهاجرين ولا حل لها سوى تحسين وضعيتهم"، هكذا صرح لنا مستثمر بلجيكي ذو أصول مغربية، وأضاف: "المهاجر هو من يقوم بالأعمال الشاقة هنا، ويساهم في رفع وتيرة الاستهلاك، لو غادر المهاجرون بلجيكا لتحولت إلى دولة أشباح".
مديرة إحدى المؤسسات التعليمية الخاصة ذات الأصول الألبانية تروي لنا أن صديقاتها البلجيكيات لا يستطعن الذهاب إلى حي مولنبيك، بينما هي تتجول فيه بكل حرية رغم ملامحها البلجيكية، لأنها تعرف حقا أن أولئك الشباب ليسوا سوى ضحايا سياسة سيئة الصنع، كما تؤكد أن النظام التعليمي البلجيكي هو من ساهم في تفريخ مئات الشباب الفاشلين الذين يكنون الكراهية لأساتذتهم، الذين يتهمونهم بحرمانهم من متابعة دراستهم بفعل معاملتهم العنصرية، ولا سبيل من حل لأزمة التطرف سوى التربية على قيم التسامح وحقوق الإنسان لخلق جو آمن من العيش المشترك.
بين كل هذا وذاك، يبقى مستقبل حي مولنبيك على كف عفريت، ويبقى مستقبل المهاجر في كل أنحاء أوروبا رهين بالتطورات التي تقع في سوريا وليبيا واليمن والغرب الإفريقي. أصبحت مشاهد الأحداث التي يتسبب فيها تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي وما شابهه، تحمل الرعب إلى المهاجر المسلم أكثر من المواطن الغربي، لمعرفته بتأثير ذلك على الانتخابات التي لا تزيد إلا من تكريس سيطرة اليمين المتطرف المهاجم للمهاجرين، والذي يتبنى ضمن برنامجه سياسة الميز العنصري وطرد اللاجئين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.