كشفت مصادر ليبية رسمية مقربة من العقيد معمر القذافي أنه أصيب بصدمة عنيفة وحالة من الوجوم عقب إبلاغه نبأ انشقاق وزير خارجيته موسى كوسا، وانتقاله إلى لندن بعدما حصل على ضمانات أمريكية وبريطانية باعتباره شاهد ملك ضد نظام القذافي. وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن اسمها، إن القذافي بدأ يشعر بالوحدة والعزلة، وأن سلوكه الشخصي تغير على نحو متسارع منذ آخر ظهور علني له يوم الثلاثاء الماضي، موضحة أن القذافي مع ذلك لم تصدر منه أي بادرة يمكن اعتبارها علامة على الاستسلام والاستعداد لمغادرة ليبيا كحل نهائي وأخير.
وأوضحت أن كوسا خرج إلى تونس في مهمة رسمية تم تكليفه بها من قبل القذافي لإجراء محادثات مع دول التحالف الغربي للبحث عن حل، مشيرة إلى أن كوسا قرر مغادرة منصبه بعدما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، وأيقن أن النظام على وشك السقوط، بحسب صحيفة " الشرق الأوسط".
وأشارت المصادر إلى ان القذافي فرض حظرا، منذ بداية الانتفاضة الشعبية ضده، على سفر كبار مسئولي الحكومة الليبية إلى الخارج، خوفا من أن يستقيلوا من مناصبهم، أو يعلنوا انشقاقهم عن نظام حكمه.
ولفتت المصادر إلى أن رئيس جهاز الاستخبارات أبو زيد عمر دوردة، ورئيس البرلمان محمد أبو القاسم الزوي، بالإضافة إلى د.البغدادي المحمودي، رئيس الحكومة في طريقهم إلى الانشقاق أيضا على نظام القذافي، مشيرة إلى أن هؤلاء المسئولين الثلاثة أوعزوا إلى مقربين منهم بهذا الاتجاه في الآونة الأخيرة.
وابلغ د.شكري غانم، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بعض مساعديه ورؤساء شركات نفطية أجنبية خارج ليبيا أنه غير راض تماما عن تطورات الوضع الراهن، وعن الطريقة التي يتعامل بها القذافي مع الاحتجاجات الشعبية العارمة التي اجتاحت مختلف المدن الليبية منذ شهر فبراير الماضي.
ويقول مسئولون ليبيون إن القذافي أجبر على تغيير جدول أعماله المعتاد بعد ضربة جوية أصابت مقره الرئيسي أخيرا.
وكان القذافي قد تجاهل أمس الخميس هذه التطورات وعاد ليحذر مجددا القوى الغربية من أن الضربات الجوية المتصاعدة ضد بلاده فجرت حربا بين المسيحيين والمسلمين يمكن أن تخرج عن السيطرة.
وقال القذافي في كلمة مكتوبة تليت في التليفزيون الحكومي، دون أن يظهر شخصيا: "إذا استمروا فإن العالم سيدخل في حرب صليبية حقيقية. لقد بدأوا شيئا خطيرا لا يمكن السيطرة عليه".
وأضاف: "إن الحكام الذين قرروا شن حرب صليبية بين المسلمين والمسيحيين عبر البحر الأبيض المتوسط، والذين خرجوا عن القانون الدولي وعن ميثاق الأممالمتحدة تسببوا في دمار البحر المتوسط وشمال أفريقيا وقتلوا أعدادا كبيرة جدا من المدنيين في ليبيا هؤلاء الذين أصيبوا بجنون القوة ويريدون فرض قانون القوة على قوة القانون".
وفي وقت سابق، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم: "إن القذافي سيبقى في ليبيا حتى النهاية لقيادتها للنصر على أعدائها"، على حد تعبيره.
واعتبر إبراهيم أن الضربات الجوية الغربية ضد ليبيا لم تؤد إلا إلى توحيد قيادتها العليا ضد "عدو واضح"، مضيفا للصحفيين في طرابلس أنه إذا كانت لهذا "العدوان" من أثر فإنه أدى فقط لالتفاف الشعب حول القائد وتوحيد الشعب الليبي. وتابع: "إن الناس أصبحوا يرون الآن عدوا واضحا".
وسئل إبراهيم عما إذا كان القذافي وأبناؤه ما زالوا في البلاد فقال: "اطمئنوا كلنا هنا وسنظل حتى النهاية هذه بلادنا". واستطرد: "إن الحكومة الليبية قوية على كل الجبهات".