"منبت الأحرار، مشرق الأنوار..منتدى السؤدد وحماه، دمت منتداه وحماه...إخوتي هيا، للعلا سعيا نشهد الدنيا، أن هنا نحيا بشعار "الله الوطن الملك"، هكذا صدحت حناجر برلمانيي مجلسي النواب والمستشارين، عقب انتهاء التصريح الرسمي للحكومة حول مستجدات الصحراء، قدمه رئيسها عبد الإله بنكيران. "إنها أول مرة يُتلى النشيد الوطني بشكل جماعي تحت قبة البرلمان"، همس حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين في أذن زميله رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، وهي العبارة التي سُمعت عبر "الميكروفون" الموضوع في منصة رئاسة الجلسة، لجيبه العلمي بالقول "نعم، صحيح". وانصهرت الخلافات السياسية بين نواب الأغلبية والمعارضة في بوتقة وحدوية حول ملف الصحراء، من خلال التصفيق الحاد والطويل على كلمة رئيس الحكومة، في الجلسة الطارئة بمقر مجلس النواب، عصر اليوم، التي رد فيها على مواقف والتصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. وانتقد بنكيران تصريحات بان كي مون عندما قال إنه "يتفهم غضب الشعب الصحراوي بسبب احتلال أراضيه"، واعتبرها قد مست بحقوق المغرب ومشاعر المغاربة، بل ومست كذلك بصورة ومصداقية الأممالمتحدة ذاتها، بفعل الانزياح الخطير عن اختصاصات المنظمة الأممية والتزاماتها وتقاليدها". وأورد بنكيران بأن الأمانة العامة للأمم المتحدة كانت قد طلبت من المغرب تحديد تاريخ ملائم للزيارة، حيث بادر المغرب، انطلاقا من روح التعاون البناء مع المنظمة الأممية، إلى اقتراح شهر نونبر الماضي كموعد للزيارة، وهو ما قبلت به الأمانة العامة، لتعود بعد ذلك لاستبعاده بدعوى مستجدات مست أجِندة الأمين العام. وأكمل رئيس الحكومة "تفهم المغرب الأمر بحسن نية، واقترح موعدا ثانيا للزيارة في يناير 2016، وهو الاقتراح الذي لقي نفس المصير، حيث تم القبول به في البداية قبل التراجع عنه فيما بعد، ثم عادت الأمانة العامة لتقترح شهر مارس الجاري موعدا للزيارة، إلا أن التاريخ لم يناسب الأجندة الملكية". وزادت مداخلة بنكيران بالقول "عوض البحث عن تاريخ مناسب للطرفين، تشبث بان كي مون باقتراحه، وقرر القيام بالزيارة إلى كل من موريتانياوالجزائر، على أن تتم زيارة المغرب في تاريخ لاحق سيتم التوافق بشأنه، ما دفع المغرب إلى رفض هذا التقسيم، لأنه من غير المعقول إرجاء زيارة المغرب إلى ما بعد أبريل، تاريخ تقديم تقرير الأمين العام إلى مجلس الأمن". واستطرد المتحدث بأن المغرب اطلع على برنامج جولة الأمين العام إلى الجزائروموريتانيا، والذي أدرج ضمنه زيارة بير لحلو، البلدة التي تقع إلى شرق الجدار الأمني، قام المغرب بالاتصال بالأمانة العامة للاستفسار عن دواعي إدراج البلدة، والتي تعد الأولى من نوعها من مسؤول أممي من هذا الصنف. واتهم بنكيران "بان كي مون" بتجاوز الأهداف التي حددها لزيارته، وتمادى إلى درجة استعمال لفظة "الاحتلال" لوصف استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، وهي سابقة في قاموس الأممالمتحدة في تناولها لملف الصحراء المغربية، إذ لا تستند لأي أساس سياسي أو قانوني". واعتبر رئيس السلطة التنفيذية أن التطورات الأخيرة تبين أن الأمين العام خرق الاتفاق مع الملك محمد السادس، والالتزام بمضمون المكالمة الهاتفية، كما أضر بمبدأ الحياد الذي هو جوهر الأممالمتحدة، ومس كذلك بالقانون الدولي في هذا المجال، وهو ما ستكون له تبعات بالنسبة للموقف المغربي" . وربط بنكيران بين تصريحات بان كي مون، وبين إطلاق الملك لمسيرة خضراء جديدة لا تقل قوة عن الأولى، قوامها الجهوية الموسعة والمخطط التنموي الضخم الذي سيجعل الأقاليم الجنوبية حالة استثنائية في المنطقة وحلقة وصل كبرى بين بلادنا وبين إفريقيا، وفي وقت يقوي فيه المغرب أكثر فأكثر سياسته الإفريقية. ووفق رئيس الحكومة، فإن المشروع الاستراتيجي، الرامي إلى ترسيخ مكانة المغرب في المنطقة وإفريقيا، وتقديم نموذج تنموي لمواطنيه في الجنوب، وسط محيط إقليمي خارجي يعاني من الهشاشة، أزعج إلى أبعد الحدود خصوم المغرب، وبالتالي لا يمكن أن ننتظر أقل من حملة شرسة ضد بلادنا التي تتعاظم أهميتها يوما بعد يوم".