(...فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول...) صدق الله العظيم يصعب إن لم نقل يستحيل أن تتصفح يوما جريدة ورقية أو تبحر في مواقع إخبارية رقمية دون أن تجد شيئا عن الاجتهاد أو ما عرف في المجتمعات ذات الحكومات الإسلامية ب "الفقه والفقهاء" مع التركيز أساسا على نقطة جوهرية لديهم ألا وهي وصايتهم على الناس في دينهم وفرض تأويلاتهم عليهم في أبسط حيثيات معيشهم اليومي بدعوى تأمين مقعدهم في الجنة. الامر الذي وجدته فئة واسعة من الباحثات والباحثين في الإسلام – مع تطور تكنولوجيا الإعلام والتواصل "الكافرة/ الحلال" لا يمت لكلام الله بصلة، لذلك كان الحل الذي لا محيد عنه هو تحكيم النص القرآني وما وافقه من السنة النبوية فيما كان الاختلاف حوله تطبيقا لأوامره عز وجل. وبعد البحث في القرآن عن العبارات التي لها صلة بموضوع الخلاف الذي هو "الفقه والفقهاء أو العلماء"، تم التوصل لما يلي: - عبارة فقيه، غير واردة في القرآن. - ~ عالم، تكررت في القرآن حوالي 13 مرة ومعناها عالم الغيب والشهادة، أي الله عز وجل، ذلك تبعا لتحديد مفهوم العبارات اعتمادا على مجموعة من القواميس اللغوية وكدلك تبعا لسياقاتها مع الاستئناس بأمهات التفاسير كتفسير الطبري والرازي... - ~ علماء، تكررت مرتين وجاءت بمعنى من له معرفة وخبر. بمعنى الشخص الذي له رصيد من المعارف عن الله وكتبه ورسله. - ~ الراسخون في العلم، ذكرت مرتين وهي بمعنى الذين ثبت وتجدر وترسخ الإيمان بالله في قلوبهم ولم يصبح قابلا للزحزحة. ونفس المعنى لكلمة علماء في الآية: (يخشى الله عباده العلماء) التي خلقت جدلا كبيرا بين المجتهدين إلى حد أن سقط بعضهم في المحظور جراء وقوفهم عند ظاهر النص. - ~ أهل الذكر، جاءت بمعنى أهل الكتاب الذين سبقوا الرسول محمد ص وهم النصارى واليهود. - ~ التأويل، كلمة تكررت في القرآن 7 مرات وحملت معنى، تفسير الأحلام بوحي من الله إلى يوسف. - ~ تأويله، تكررت 6 مرات وجاءت بمعنى عاقبته وجزاءه وثوابه والقيامة ومآله وحتى تفسيره. - ~ يفقهون، وردت 13 مرة. وجاءت في الغالب الأعم بمعنى استنكار الله عدم حبس الإنسان للنفس عن الهوى وإدراك وفهم بعض الحقائق الأساسية في الدين بالعقل. ونفس المعنى جاءت به عبارة "يعقلون" وهي إشارة إلى كونه تعالى يحمل الناس أجمعين مسؤولية معرفة حقيقته وأحكامه وأمثاله. وانطلاقا من القرآن وفي إطاره يمكن القول أنها لا توجد أي إشارة إلى عبارة "فقيه أو عالم " بمعنى الوظيفة أو التخصص أو الاحتراف في الإسلام، وإنما كل الخطابات والأوامر الإلهية كانت موجهة للناس أو المسلمين أو المؤمنين في غياب أي وساطة من الوسائط "كالعلماء أو الفقهاء أو الأئمة". وعلى ذلك الأساس نتساءل كيف اكتسبت تلك الفئة الاجتماعية صفة "الفقهاء والعلماء" كوظيفة وتخصص وما رافقه من سلطة ووصاية على الناس، كما يرد في كلام فئة عريضة من المجتهدين؟ وهذا نموذج مختصر عنها مع نقط الخلاف التي يثيرها: "يعيش القائمون على الشأن الديني اليوم على الكفاف بسبب رواتبهم الهزيلة، ويتعرضون للتضييق على حريتهم في الخطابة والفتوى، ويتم طرد الخطيب من منبره بتعسف دون الرجوع إلى القانون." ونقط الخلاف حول هذا القول هي: -أن القوامة على الشأن الديني هي مسألة فردية وشخصية أي أنها فرض عين وكل واحد مسؤول أمام خالقه مسؤولية كاملة على تدبره لدينه بعد تبليغ الرسل. وغير هذا سيجعل أمر الحساب (الجزاء والعقاب) محط تساؤل وهذا هو المحظور. -أما النقطة الثانية فهي، المطالبة بالرواتب، على تبليغ كلام الله أو الاجتهاد فيه...وهو كذلك عمل يخالف الإرادة الإلهية بدليل ثماني آيات على الأقل نستحضر مثالين عنها، قوله تعالى في الطور والقلم: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} وقوله في الشعراء: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}، والعبرة والآية من النصين هي النهي عن أخذ الأجر عن الاجتهاد في الإسلام والحث على مجانيته لتشجيع الإقبال عليه. ويبقى الأجر المشروع الوحيد على تعليم كتاب الله تعالى وعلى تعليم العقائد والحلال والحرام هو ابتغاء مرضاة الله عز وجل. وهذا ما عرف عهد النبي الذي لم يكن يتلقى أجرا عن التبليغ وكدى صحابته الذين كانوا يتعلمون ويعلمون ويجتهدون في القرآن لوجه الله في حين يوفرون قوت يومهم من أعمالهم في الحقول أو التجارة أو الحرف... فالأجر مقابل تبليغ وتلقين كلام الله والمضاربة في ذلك هو المأزق الذي وقعت فيه الشرائع السابقة وجاء الإسلام مانعا لذلك (... وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً...) فحرم الرهبانية والكهنوت وما رافقها من ظلم وطغيان واستعباد للخلق. وخلاصته هي أن الاجتهاد في الدين (وحتى الجهاد) بالمقابل من أي نوع كان ذلك المقابل ليس سوى متاجرة ومضاربة ما أنزل الله بها من سلطان. أما عن قضية إرث المرأة (الزوجة والبنت) فقد قدمنا اجتهادنا في الموضوع في أبحاث سابقة ونفس الشيء قامت به الحركة الثقافية الأمازيغية في موضوع تمازالت.