عندما تفتقت موهبتها في الشعر الحساني، وأخذت بزمام المبادرة للمساهمة كفاعلة جمعوية في تأطير المرأة والشباب بالأقاليم الجنوبية، سجلت الشابة الصحراوية منتنة ماء العينين، المنحدرة من مدينة العيون، حضورا في المجال الإعلامي من خلال الممارسة والتكوين الأكاديمي. عشقت منتنة ماء العينين الشعر الحساني منذ طفولتها، كونها تنتمي لأسرة معروفة بنظمها للشعر الحساني، وشاركت في عدة مسابقات لتتمكن سنة 2004 من نيل جائزة أحسن قصيدة في المهرجان الإقليمي للشعر بالعيون. وقالت منتنة ماء العينين، "إن الشعر الحساني (الكطاع) أصعب من الشعر العربي الفصيح، كونه يفرض على الشاعرة (المغنية) نوعا من المساجلة والتلقائية في إلقاء القصيدة أثناء اللقاءات والتجمعات العائلية والأفراح، وأن إلقاء الشعر في التراث الحساني يقترن بالعزف على الآلات الموسيقية". وأضافت أن الشعر الحساني ينظم ضمن قوالب فنية متعارف عليها لها قواعدها الخاصة مثل الشعر الفصيح، وهي قواعد تشمل "الكاف و الطلعة والصبة، والكرز"، مشيرة إلى أن المجتمع الصحراوي اعتمد على الشعر الحساني في نقل الخبر وتسجيل الوقائع إلى جانب غيره من القصص والحكايات الشعبية، كما اعتمد الشعر نقل الآراء والمواقف الأدبية والأفكار والحكم بين الناس وإثراء التواصل بين الأجيال. وبخصوص عملها الجمعوي، أكدت منتنة أنها لم تتوان يوما عن أخذ زمام المبادرة والانخراط في تأطير المجتمع بشكل إيجابي والمساهمة في الرقي بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للساكنة المحلية. وأضافت ماء العينين، التي تلقت عدة تكوينات في تدبير مختلف البرامج التنموية وفي مجال التدبير المالي والإداري للجمعيات، أن النجاح الذي حققته في العمل الجمعوي ما هو إلا تجسيد للنجاح الذي حققته المرأة الصحراوية بالأقاليم الجنوبية في مختلف مناحي الحياة. وأشارت إلى أن ممارستها للعمل الجمعوي، بعدما راكمت عدة تجارب في هذا المجال وشاركت في النقاش العمومي المرتبط بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتنموية للساكنة المحلية، بدأت مع ترأسها لجمعية الانبعاث للتنمية والتضامن وانخراطها كعضو بكل من شبكة نساء الساقية الحمراء وشبكة الجمعيات الشبابية. وحول تجربتها الإعلامية، سجلت منتنة ماء العينين حضورها الإعلامي بقناة العيون من خلال إعداد وتقديم عدد من البرامج التلفزية منذ سنة 2007 ، من بينها "الساحل الجنوبي" و "عندك سؤال" و "الجمل بما حمل"، كما قامت بتنشيط وتقديم عدد من المهرجانات التي أقيمت بكل من العيون والداخلة، فضلا على إشرافها قسم الإعلام والاتصال بالجماعة الحضرية للعيون. وقد ساهم شغفها بالعمل الصحافي والإعلامي، بعد حصولها على البكالوريا، في اختيارها ولوج جامعة ابن زهر بأكادير لمتابعة دراستها الجامعية حيث حصلت سنة 2013 على الإجازة في الصحافة، كما حصلت سنة 2015 على جائزة موقع "أصوات الكثبان"، التابع للمعهد البريطاني للتنوع الإعلامي، في صنف الروبورتارج . وتتابع الآن دراستها لنيل دبلوم "ماستر متخصص في التحرير الصحفي والتنوع الإعلامي". وفي هذا الإطار، تقول منتنة "إن الإعلام في حد ذاته إبداع، وقوة الحضور والجرأة التي يتطلبها الإعلام تساعد هي الأخرى على الإبداع، وأنا شخصيا اكتشفت من خلال العمل أمام الكاميرا العين التي تتعلق بها العيون، خاصة في البرامج المباشرة، وهو ما أكسبني ثقة في النفس وجرأة في المواجهة وإضافة في الإبداع". وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أكدت منتنة ماء العينين أن المرأة المغربية بالأقاليم الجنوبية اضطلعت منذ عقود بدور أساسي في تشكيل الوعي الثقافي داخل الأسرة، مشيرة إلى أن المرأة الصحراوية استطاعت بفضل ولوجها مختلف المعاهد والجامعات القيام بتدبير الشأن المحلي والمساهمة في الإنجازات التي يشهدها المغرب في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وأبرزت أنه بفضل مناخ الحرية والديمقراطية التي تنعم بها المملكة? انخرطت المرأة الصحراوية في تأطير المجتمع سواء داخل الأحزاب السياسية أو الفضاءات الجمعوية وساهمت في تأطير المجتمع بهدف تعزيز التعبئة حول وحدة البلاد ودعم مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب من أجل التسوية النهائية للنزاع المفتعل حول الصحراء. وأضافت أن الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة هو مناسبة لإبراز دور المرأة المغربية ومنها المرأة بالأقاليم الجنوبية في البناء الديمقراطي ومشاركتها الفعالة في مسلسل التنمية السوسيو- اقتصادية المحلية وعزمها على مواصلة تعزيز حضورها في شتى مجالات التنمية والدفاع عن ثوابت الأمة. وأكدت أن المرأة الصحراوية عززت حضورها داخل النسيج الاقتصادي والاجتماعي بالأقاليم الجنوبية للمملكة من خلال تسييرها لمختلف المؤسسات وإدارتها للعديد من المقاولات منذ إطلاق الجمعية المغربية للنساء المقاولات بالعيون. وأشارت إلى أن المرأة الصحراوية استطاعت أيضا إبراز مؤهلاتها السياسية وقدرتها على تدبير الشأن العام والحكامة الجيدة حيث انخرطت إلى جانب الرجل في تدبير الشأن المحلي من خلال تمثيليتها بالجماعات المحلية والبرلمان والغرف المهنية. وخلصت منتنة إلى أن المرأة الصحراوية تبوأت مكانة لائقة تعززت بالخصوص مع إقرار مدونة الأسرة سنة 2003 ومصادقة الشعب المغربي على دستور سنة 2011 الذي رسخ مكاسب المرأة المغربية. من جهة ثانية دعت منتنة المنتظم الدولي إلى فك الحصار المفروض على النساء الصحراويات بمخيمات تندوف من أجل الالتحاق بأهلهن وذويهن حتى يتسنى لهن العيش في أمن وطمأنينة، وحذرت من خطورة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بهذه المخيمات خاصة تجاه النساء والأطفال والعجزة. * و.م.ع