في جميع المدن المغربية ، يوجد ابطال و نجوم و شخصيات عديدة، مشهورة ببطولاتها و مواقفها و "إنجازاتها" و قفشاتها المضحكة تارة و المحزنة تارة أخرى ، يعرفهم الناس على المستوى المحلي و يعيشون معهم ، بل يصبحون جزءا من هوية تلك المدن . ابطالنا هؤلاء ، للأسف لا تتعدى شهرتهم او نجوميتهم حدود المدن التي يعيشون بها ، لا يهتم بهم لا تلفزيون و لا "فيسبوك" و لا "يوتوب" و لأي شيء اخر ، كل ما يتسرب عنهم ،مجرد روايات شفوية تتناقلها السن الناس داخل هذه الحدود الجغرافية المحدودة ، و يتناقلها جيل من بعد جيل . و تبقى اهم فئة من هؤلاء الشخصيات او النجوم، هي فئة الحمقى و المجانين، حيث ان كل مدينة مغربية تشتهر بأحمق او "مجنون " خاص بها ، يشكل مصدر الهام مجامع البسط و الهزل بها ، و تجد قفشاته و مواقفه الطريفة في قلب نقاشات السمر و التسلية بالحانات و الاعراس وفي الحواري و في كل مكان بالمدينة ، بل يمكنك ان تجد اكثر من مجنون شهير بنفس المدينة بحيث تصل الأمور في بعض الأحيان الى ان تجد ان لكل حي مجنونه و احمقه الخاص . "الصيمصو" هو واحد من هؤلاء الابطال او النجوم الخاصين الذين يؤثثون مدننا ، و هو نجم "حمقى" مدينة اسفي بدون منازع ، بل اكثر من ذلك فهو كلمة السر التي تمكنك من معرفة هل فلان فعلا ابن مدينة اسفي ام لا ، لأن الرجل تحول الى رمز من رموز المدينة ، فالكل يعرف حكايته و قصته ، و يحفظ عن دهر قلب كل مواقفه المضحكة . و يستمد "الصيمصو" شهرته و نجوميته ، من قدرته الهائلة على الصفير و تقليد المقطوعات الموسيقية العالمية ، بالإضافة الى قصته الشهيرة بمحكمة المدينة حين رفض بشكل كاريكاتيري لا يخلو من عبارات نابية ، ان تحكم عليه امرأة قاضية ، كما يشتق اسمه من ماركة عالمية من الدرجات النارية ، يحكى انه كان يمتلك احداها في سنوات السبعينات، و لشدة ولعه بها و حبه لها اصبح يطلب من الناس المناداة عليه باسمها ، قبل ان تدور عليه دوائر الدهر ليفقد كل شيء و يحتفظ باسم "الصيمصو" الذي صنع به البسمة و الضحك على وجوه ساكنة مدينة اسفي لعقود من الزمن . و قد يتساءل بعضكم عن علاقة "الصيمصو" بالسياسة و عن الدور الذي يمكن ان يلعبه في هذا المجال ، لكن ما لا تعلموه ، هو ان الصيمصو تمكن من استنساخ شخصيته الى نسخ عديدة ، ليقوم بتوزيعها على مختلف الأحزاب السياسية المغربية ، بحيث أصبحت هذه الأخيرة تتوفر على نسخ متطورة و معدلة من "الصيمصو" ، تتميز بها عن بعضها البعض . و اصبح لكل حزب "صيمصو" خاص به يستمد منه شهرته و يعرف به ، و يتجمع حوله "مناضلوه" و يحفظون كل قفشاته و خرجاته السياسية التي تشبه الى حد التطابق خرجات و قفشات "الصيمصو" الحقيقي، و يعتزون بها و يتفخارون بها على باقي الأحزاب الأخرى ، و حتى "المعارضين" لهذه الوضعية داخل هذه الأحزاب لا تخلوا جلساتهم و نقاشاتهم من ذكر أفعال و تصرفات و حماقات "صيمصو" حزبهم . و لان الحكومة نابعة من الأحزاب ، فان شخصية "الصيمصو" تسللت اليها ، و أصبحت الحكومة تتوفر كذلك على "صيمصو" خاص بها ، و قد يلاحظ المتتبع للحكومة الحالية ان شخصية "الصيمصو" تتجسد في اكثر من حالة داخلها ( جوج فرنك ، الكوبل ، 22 ساعة ... ) ، بحيث يمكن تصنيف حالات الصيمصو الحكومية الى ثلاثة درجات ، "صيمصو" كبير ، و "صيمصو" متوسط ، و "صيمصو" صغير . لكن شخصية الصيمصو بدرجتها الكبيرة هي الطاغية على الحكومة الحالية ، بحيث نتابع كلنا تلك الخرجات و القفشات الصادرة عن كبير "صمصوات" الحكومة بالبرلمان و الندوات الصحفية و التجمعات الحزبية ، و الى غير ذلك من التجمعات و المناسبات . و اذا كانت شهرة و نجومية "الصيمصو" الحقيقي لا تتعدى حدود مدينة اسفي ، فان شهرة "صمصوات" السياسة تأخذ طابعا وطنيا و حتى دوليا في حالة الحكومة ، بحيث تتصدر مواقفهم و قفشاتهم المضحكة قائمة الفيديوات و التعليقات الساخرة بالمواقع الاجتماعية ، و اصبح المغاربة يتخذون منها مادة دسمة للضحك و التسلية ، بل ان البعض بدأ يرى فيها تعويضا حقيقيا عن ضعف الاعمال الرمضانية . لكن الفرق الكبير الذي يوجد بين شخصية "الصيمصو" الحقيقي ، و باقي "الصيمصوات" السياسية ، هي ان "الصيمصو" شخصية طيبة تصنع البسمة و الضحك على شفاه الناس ، و جنونه او حمقه لا يضر احد ، بعكس الاخرين الذين يعبثون بآمال و طموحات شعب بأكمله ، و حمقهم و جنونهم يشوه الوطن و يضرب اركانه و اسسه ، فالسياسة لأسوياء و ليس للحمقى و المجانين .