حذرت جريدة "عكاظ" السعودية من تنامي النشاط الإيراني في المغرب بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، منبهة إلى أنه عرف نشاطا ملحوظا في المجال الثقافي، وعزت ذلك إلى تراجع الجهد الثقافي السعودي، ممثلا في ملحقتها الثقافية بالرباط. وقالت الجريدة، في مقال لها، إن "المغاربة لاحظوا أن الغياب السعودي يتزامن مع حضور إيراني لافت في المواقع الإلكترونية والثقافية"، مشيرة إلى أنه "يحاول الغمز من كل ما هو سعودي، عبر وسائل وطرق لا تخفى، مستغلا الغياب الثقافي السعودي عن المشهد تماما". وأعرب مثقفون مغاربة، حسب الجريدة ذاتها، عن استيائهم من غياب السعودية عن معرض الدارالبيضاء الدولي للكتاب في نسخته الحالية، التي بدأ التنظيم لها قبل أشهر، وتنطلق في غضون أسبوع، بمشاركة عربية ودولية واسعة. وقال مصدر في وزارة الثقافة المغربية ل"عكاظ" إن السعودية، التي كانت ضيف شرف لمعرض الدارالبيضاء في 2012، وأحدثت مشاركتها صدى إيجابيا رائعا، "نفاجأ بأن مشاركتها منذ نحو عامين أخذت في التناقص، حتى غابت كليا هذا العام، رغم العلاقات الخاصة السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية التي تجمع البلدين". وأشار مصدر الجريدة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أنه، وإن كان يتفهم أن البلاد تمر بتحول اقتصادي مهم، وأن سفيرها في المغرب تقلد لتوه منصبه، إلا أن "الجمهور المغربي لا يتصور معرضا للدار البيضاء من غير السعودية، التي يحيط مشاركتها بحفاوة بالغة، خصوصا في الزوايا المتعلقة بصور وتاريخ الحرمين الشريفين، ومطبعة المصحف الشريف". وكان مثقفون مغاربة، وفقا للجريدة المذكورة، نقلوا عن السفير السعودي السابق، محمد الجديع، استياءه من "تراجع الجهد الثقافي السعودي في المغرب، وغياب أي فعالية للملحقة الثقافية السعودية في الرباط، في وقت تواجه فيه المملكة هجمة إعلامية خارجية شرسة". وبوصف المغرب أبرز حلفائها الإستراتيجيين على البوابة الأوروبية، تعول السعودية على تنشيط الفعاليات الثقافية فيه، لتوضيح مواقفها، خصوصا بعد "عاصفة الحزم"، التي كان المغرب من ضمن الدول التي شاركت فيها، وضحى بأحد أبنائه في سبيل الدفاع عن السعودية وأرض الحرمين، حسب الجريدة ذاتها. ووفقا لمصادر الجريدة السعودية، فإن المثقفين المغاربة الذين تحدثت إليهم كانوا يعتقدون أن التقارب الجديد بين البلدين في المواقف يستدعي تلاقيا ثقافيا أكبر وليس العكس، مضيفة أن أولئك المثقفين يرون أن "التراجع الجديد لا يرضي القيادة السياسية في البلدين، ولا سفارة السعودية، التي تعين فيها مجددا سفير، كان أحد أنجب السفراء الذين عرفهم المغرب، الذي يتذكر شعره ومواقفه باستمرار في ظل عودة العلاقات الإيرانية المغربية مجدداً، بعد قطيعة دامت ما يقارب 6 سنوات، إذ فتحت إيران سفارتها في الرباط مؤخراً، وأيضاً ردت الرباط بفتح سفارتها في إيران". الجريدة قالت إنه على النقيض من الغياب الراهن، "كانت الملحقة الثقافية السعودية في الرباط، في سنوات مضت، حديثا سعوديا ومغربيا لا ينقطع، بسبب كثرة فعالياتها وأنشطتها وتواصلها الثقافي والاجتماعي مع المحيط المغربي، عبر تنظيم ندوات ولقاءات وزيارات متبادلة بين المثقفين السعوديين والمغاربة، ما ترك انطباعا مؤثرا، ووداعا ممتلئا بالشعر والدموع، تحدثت عنه مقالات صحفية وحوارات وشهادات سعودية أو مغربية، خصوصا في عهد الدكتور ناصر البراق، الذي كان ملحقا ثقافيا استثنائيا، ظل المغاربة يستذكرونه".