تتربع مدينة فانكوفر على عرش أجمل المدن بولاية كولومبيا البريطانية بكندا، حيث تحيط بها سلسلة من الجبال الصخرية من جهة الشرق، ويحدها المحيط الهادي من جهة الغرب، فيما تشترك جهة الجنوب مع ولاية واشنطنالأمريكية، في حدود تبلغ بضع مئات الكيلومترات. موقع مدينة فانكوفر المتميز جعلها قبلة تستهوي السياح من جميع بقاع العالم، ويأتي على رأس قائمة الوافدين إليها الصينيون والهنود بحكم قرب القارة الأسيوية منها؛ ويفضل الآلاف منهم الاستقرار بالمدينة بصفة نهائية، وهو ما يضفي طابعا خاصا على بعض أحيائها، حيث يتملك المرءَ إحساس بأنه في الصين. وتميز العقدان الأخيران بانفتاح الصين على العالم الخارجي، وازدهار اقتصادها بشكل لافت للنظر، وهو ما حفز العديد من رجال الأعمال الصينيين على البحث عن فرص استثمار خارج البلد، لتنال بذلك مدينة فانكوفر حصتها من تدفق المستثمرين الصينيين، الذين ساهموا بشكل كبير في الازدهار الاقتصادي للمدينة. لم يكن لغزو مدينة فانكوفر من طرف الرأسمال الصيني فقط ما هو إيجابي، بل كانت له أيضا نتائج سلبية على مجال العقار بالخصوص، حيث تضاعف سعر العقار مرات عدة، ليصل مستويات ليست في متناول المواطن الكندي العادي، والأدهى من ذلك أنه رغم غلائها الفاحش، فهي غير متوفرة.. هسبريس، وأثناء تواجدها بمدينة فانكوفر، التقت بمواطنين كنديين، أكدوا لها حقيقة غلاء العقار بالمدينة، واختلفت تفسيرات كل واحد منهم لهذه الظاهرة، بحسب تجربة العيش التي قضاها في فانكوفر. سانكيرا، كندي من أصل هندي، يملك محلا لصيانة العربات بالمدينة، قال لهسبريس إن "فانكوفر مدينة جميلة، لكنها معاقة، بسبب أنها محدودة المساحة وغير قابلة للتمدد، فهي محاطة بالجبال، والبحر، والولايات المتحدة، وليست هناك إمكانية للتوسع في أي اتجاه، وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات قياسية". ويرى سانكيرا أنه "على الحكومة الكندية التدخل على وجه السرعة، في حق رجال الأعمال الصينيين، الذين يأتون إلى المدينة ليشتروا منازل مهما كلفهم الثمن، ثم يغلقونها ويعودون إلى الصين، فبالإضافة إلى كونهم لا يستغلونها، فهم يساهمون بشكل غير مقبول في لهيب الأسعار الذي تعرفه المدينة". أما محمود، مواطن كندي من أصل مصري، فيقول: "الأمر جد عاد، والسبب يعود إلى قرب مدينة فانكوفر من الصين، وإذا تصورنا أن نسبة ضئيلة من رجال الأعمال الصينيين فكروا في الاستثمار بكندا كاملة، فهذا يعادل عدد سكان كندا، فهم كثر، ولهم من الأموال ما يخول لهم شراء ما يريدون، مهما ارتفع سعره". مدينة فانكوفر هي بمثابة بوابة كندا بالنسبة للقارة الأسيوية، فكل السلع التي تأتي إلى المدن الكبرى شرق كندا؛ كتورونتو ومونتريال، تدخل غالبا عن طريق البحر، وميناء فانكوفر بالتحديد، لتشق طريقها بعد ذلك في اتجاه الشرق، إما عبر السكك الحديدية أو النقل الطرقي، وبالتالي فإن معظم الشركات الأسيوية تفضل الاستقرار بمدينة فانكوفر. وإذا كانت مدينة فانكوفر قد عرفت ازدهارا اقتصاديا وسياحيا كبيرا في الآونة الأخيرة، حتى أصبحت بمثابة المدينة الأكثر غلاء في كندا، في ما يتعلق بشراء أو كراء العقارات، فالمواطن العادي لم يعد يفكر في شراء منزل بالمدينة، لأن سعر أرخصها يفوق مليون دولار، وعلاوة على غلائه فهو غير متوفر.